آخر الأخبار

مصر تعمل على منع تكرار التوتر بين حفتر والبرهان

شارك

لم يكن صدفة أن يلتقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بعد ساعات من لقائه قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، وهو ما يوحي بأن الهدف هو رأب الصدع بين الفريق والمشير، عقب نشوب توتر بينهما بسبب المثلث الحدودي بين مصر وليبيا والسودان، أدى إلى تبادل اتهامات بينهما، عقب اتهام البرهان لحفتر بمساندة قوات الدعم السريع في السيطرة على منطقة المثلث الحدودي.

ومع أن لقاء السيسي جاء، كما هو معلن، منفردا مع حفتر والبرهان، غير أن وصولهما فجأة إلى مصر أثار تكهنات حول إمكانية الجمع بينهما، أو على الأقل تطرق المناقشات معهما باستفاضة لأزمة المثلث الحدودي وآليات عدم تكرارها، بحكم المصالح الحيوية المشتركة، وأهمية أن يكون المثلث الحدودي هادئا ومستقرا، ولا يمثل إزعاجا كبيرا وغير معتاد للدول الثلاث، فأيّ توتر كبير ينعكس عليها جميعا.

وتستغل القاهرة علاقتها الجيدة بقائدي الجيشين الليبي والسوداني في التوصل إلى تفاهمات معهما، ولا تريد أن تواجه مأزقا أو حرجا بينهما، حيث تدرك أن تحول التوتر إلى مشكلة سوف يستفيد منها الخصوم، ويفتح المجال للمزيد من التدخلات الإقليمية والدولية في أزمتي ليبيا والسودان بدلا من التفكير في تسويتهما سياسيا.

وتعمل القاهرة على تحجيم العلاقة بين قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) والمشير خليفة حفتر، لما قد تنطوي عليه من تداعيات، فحميدتي لا يزال غير مأمون جانبه، بينما يمثل حفتر نقطة ارتكاز مهمة للحفاظ على مصالح مصر في ليبيا، خاصة في منطقتي الشرق والجنوب القريبتين من الحدود المصرية.

ويعزز انحياز مصر إلى حفتر والبرهان، وهما على خلاف وطرفي نقيض، رغبتها في تعظيم دور المؤسسة العسكرية النظامية في البلدين، وهي علامة تدخل ضمن تقديرات مصر لعدم التجاوب مع قائد الدعم السريع، الذي قدم عرضا مؤخرا للتعاون مع القاهرة في تأمين المثلث الحدودي، وعدم مساسه بالأمن المصري، في رسالة هدفها تحييدها، وعدم تدخلها في أيّ تفاهمات يتوصل إليها حميدتي مع حفتر.

ولم ترد القاهرة على رسالة حميدتي في حينه، والتزمت الصمت نحوها، وجاء ردها عمليا بلقاء حفتر والبرهان في العلمين، كدليل على رغبتها في الحفاظ على حليفيها معا، وقدرتها على تسوية التناقضات بينهما، ومنع تحويل منطقة المثلث الحدودي إلى منغص دائم، من خلال التفكير في وضع ضوابط وترتيبات تقوم بصياغتها بالتعاون مع قائدي الجيشين الليبي والسوداني، ما يؤكد عدم استعداد مصر لتصبح الدعم السريع متحكمة في مفاتيح المثلث الحدودي.

وقال أستاذ العلوم السياسية بأكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء نصر سالم إن لقاء السيسي والبرهان بعد ساعات من زيارة حفتر، يحمل دلالات مهمة حول تدخل مصر لرأب الصدع بينهما، والوصول إلى توافق يضمن عدم التأثير سلباً على أمن الحدود في الدول الثلاث، وأن التدخل المصري جاء في وقته وقبل أن تأخذ الأوضاع في الارتباك على نحو أكثر صعوبة.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن مصر لديها سيطرة كاملة على منطقة المثلث الحدودي في منطقة العوينات داخل حدودها، وهي منطقة آمنة ومستقرة، غير أن القلق يأتي من المناطق المتداخلة – المشتركة بين الدول الثلاث.

وكان هناك في السابق تنسيق أمني كامل بين الدول الثلاث بشأن كيفية إدارة هذه المنطقة من أجل منع أيّ ثغرات تقود إلى حدوث مشكلات أمنية، وحال غياب التنسيق التام، فإن احتمالات أن يعمل أيّ طرف ضد الآخر ممكنة، ومع إصرار البرهان على اتهام حفتر بمساندة الدعم السريع، بدأت مصر تتدخل لاحتواء التوتر بينهما.

وأيد نصر سالم فكرة وضع ترتيبات أمنية جديدة في منطقة المثلث الحدودي، تتوافق عليها قيادة الجيش المصري مع قائدي الجيشين الليبي والسوداني، تضمن التعاون المستمر بين الدول الثلاث لمنع التدخلات الخارجية وإثارة أزمات أمنية في منطقة رخوة، وبما يوفر عدم وجود أعمال مضادة من الجانبين الليبي والسوداني مستقبلا، مؤكدا أن اهتمام السيسي ينبع من دخول المنطقة نطاق الأمن القومي المباشر لمصر.

واستقبل الرئيس المصري بمدينة العلمين على البحر المتوسط، مساء الاثنين، رئيس مجلس السيادة السوداني، وبحث معه مستجدات الأوضاع في السودان والجهود الإقليمية والدولية لاستعادة الأمن والاستقرار بالبلاد.

وأكد السيسي خلال اللقاء على ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره، واستعداد القاهرة لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق. واتفق السيسي والبرهان على تكثيف المساعي الرامية لتقديم الدعم والمساندة للشعب السوداني، في ظل ما يعانيه من ظروف إنسانية قاسية جراء النزاع الدائر.

وتناول الاجتماع أيضا تطورات الأوضاع في منطقة حوض نهر النيل والقرن الأفريقي، وتطابق الرؤى حيال قضايا الأمن القومي، ورفض الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا بعد اعترافها بتشييد سد النهضة في غياب أيّ اتفاق ملزم، وضرورة احترام قواعد القانون الدولي بما يضمن المصالح المشتركة لدول الحوض كافة.

وكان لقاء السيسي وحفتر قد تناول الدور الذي يضطلع به الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، والذي ساهم في القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق ليبيا.

وأكد حفتر على بالغ تقديره للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، مشيدا بالجهود الدؤوبة في دعم ومساندة الشعب الليبي .

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا