في لقاء تنويري لـ(صمود) حول رؤيتها السياسية مع الإعلاميين
الدقير: رؤيتنا مطروحة للنقاش وقابلة للإضافات والتطوير … ولا نستبعد إمكانية عقد مؤتمر مائدة مستديرة لتوحيد رؤى القوى المدنية قبل التواصل الرسمي مع طرفي الحرب
بابكر فيصل: المقارنة بين نظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا والحزب المحلول معدومة.. والحركة الإسلامية “مليشيا مسلحة” أشعلت الحرب لتعود مجددا للسلطة.
صديق المهدي: حملات التشويه الجائرة في انحسار.. وتلقينا ملاحظات مهمة ستُسْتَصْحَب بغرض تطوير الرؤية السياسية
القاهرة: اعلام صمود
عقدت قيادات التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) اجتماعا تنويراً بحضور ومشاركة عدد من الإعلاميين بالعاصمة المصرية القاهرة السبت 28 يونيو 2025م حول الرؤية السياسية لتحالف (صمود) التي طرحت مؤخراً.
وتحدث في اللقاء الذي دعت له الأمانة العامة لـ(صمود) كل من الأمين العام للتحالف المهندس صديق الصادق المهدي والقياديين بـ(صمود) المهندس عمر الدقير والأستاذ بابكر فيصل، و حضره عدد من قيادات تحالف (صمود) أبرزهم اللواء كمال إسماعيل والأستاذ كمال بولاد والأستاذ عبدالجليل الباشا والأستاذ حمد موسى والأستاذ أسامة سيد أحمد وآخرين.
وأقر القيادي في تحالف (صمود) المهندس عمر الدقير خلال تقديمه واستعراضه للرؤية بارتكاب قوى الثورة لأخطاء في الممارسة خلال المرحلة الانتقالية تم الإقرار والاعتراف بها والاعتذار عنها في ممارسة نقدية عبر ورشة تقييم الحرية والتغيير التي نشرت في كتاب تجاوز الستمائة صفحة، مبيناً أن القوى المدنية بنضالها السلمي تمكنت من هزيمة انقلاب أكتوبر 2021م بالاتفاق الإطاري الذي قطعت “قوى الشد العكسي” الطريق عليه بإشعالها للحرب في أبريل 2023م.
وأكد أن (صمود) قوى مدنية مستقلة اختارت العمل بالوسائل المدنية باستقلالية عن فوهات البنادق والعمل على إنهاء الحرب عبر الطريق التفاوضي نافياً وجود أي مشاعر كراهية لهم تجاه “الجيش” على وجه الخصوص كما يروج ويصور البعض.
وتطرق للمسارات الثلاثة لإنهاء الحرب التي قدمتها الرؤية والممثلة في مسار وقف إطلاق النار والمسار الإنساني لإيصال المساعدات والمسار السياسي، مشدداً على أهمية التكامل بين هذه المسارات الثلاث نظراً لعدم إمكانية تحقيق وقف شامل دائم للحرب عبر مسار واحد بمعزل عن بقية المسارات، مشيراً إلى أن تصور رؤيتهم لبرنامج اليوم التالي للحرب من خلال هياكل الحكم الانتقالية وفترة المرحلة الانتقالية “هي أطروحات تعبر عن وجهة نظرهم وعلى استعداد لنقاشها والتداول حولها وتطويرها وتعديلها وفق النقاشات التي ستتم بين القوى السياسية المختلفة”.
وكشف الدقير في الوقت ذاته عن تسليم الرؤية فعلياً لعدد من التحالفات والجهات السياسية على رأسها الكتلة الديمقراطية وتحالف تأسيس والتحالف الذي يترأسه دكتور التجاني السيسي وحزب الأمة برئاسة السيد مبارك الفاضل متوقعا قرب مباشرتهم لاجتماعات مع الجهات التي تسلمت الرؤية بغرض النقاش حولها، منوهاً في الوقت ذاته لعدم تقديمهم لهذه الرؤية رسمياً لطرفي الحرب “بغرض تطوير النقاشات مع المجموعات السياسية الأخرى والوصول لرؤية أوسع شمولاً في التعبير عن مكونات مدنية وسياسية أخرى بعد استكمال النقاشات والحوارات ثم عرضها على طرفي الحرب”.
ولم يستبعد عقد القوى السياسية والمدنية لمؤتمر مائدة مستديرة يتم من خلالها الوصول لرؤى مشتركة بمشاركة الأطراف المساندة لطرفي الحرب والقوى المدنية غير المنحازة لاي منهما، دون أن يشمل ذلك حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته، مشيراً لوجود خيارات عديدة لعقد هذه المائدة المستديرة، قد يكون من بينها عقد الجولة الثانية من مؤتمر القاهرة الذي يعرف بـ(القاهرة 2) أو عبر الاتحاد الأفريقي أو غيرها من الأشكال بالتكامل في ما بينها وحسب ما يُتَّفَق عليه بما يؤدي إلى الوصول لرؤية تعبر عن كل القوى المدنية والسياسية لوقف الحرب، معتبراً أن حزب المؤتمر الوطني المحلول هو الذي اختار أن يعزل نفسه بإصراره وتمسكه بالحرب والاستمرار فيها بـ(البل بس) وعدم وقفها حتى إعدام آخر فرد من الدعم السريع بأمعاء آخر مناصر للقوى المدنية وثورة ديسمبر.
من جانبه أكد القيادي بـ(صمود) الأستاذ بابكر فيصل على حرصهم وسعيهم لوقف الحرب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي حتى انطبقت عليهم مقولة الخميني التي ذكرها بعد قراره الموافقة على وقف الحرب مع العراق “بأنه تجرع للسم” مبيناً وجه الشبه بخيار الخميني و اللقاء مع أطراف سياسية ما كان بالإمكان الجلوس معهم لولا سعيهم وحرصهم والتزامهم بوقف الحرب وتحقيق السلام وتأسيس حكم مدني ديمقراطي مستدام.
وقدم شرحاً مطولاً حول الأسباب والمعايير التي تمنع انضمام المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته المصطنعة في عملية الحوار السياسي وعدم انطباق مقارنة الموقف من الحزب المحلول بنظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا لجهة أن حقبة الفصل العنصري تأسست على اعترافه خلال مباحثاته السرية مع قادة حركة التحرر بجنوب إفريقيا على رأسهم الزعيم نيلسون مانديلا على فشل تجربة حكمهم وأردف:”بالنسبة للحزب المحلول فإنه حتى اللحظة يرفض الإقرار بفشل تجربته التي استمرت لثلاثة عقود أو حتى الاعتراف بأن الثورة الشعبية أسقطته بل بالعكس أشعل هذه الحرب لاستعادة تمكينه مجدداً … لذلك فإن شمولهم بالحوار هو فعلياُ بمثابة مكافأة لهم على إعاقتهم للانتقال والانقلاب عليه في أكتوبر 2021 ثم إشعالهم للحرب”.
وأشار فيصل إلى أن الحزب المحلول هو في الأساس “مليشيا مسلحة أشعلت الحرب واختطفت مؤسسات الدولة ومكنت عناصرها في كل مفاصلها العسكرية والمدنية وتصر على الاستمرار في الحرب دون وقفها أو الاعتراف بالأخطاء المرتكبة والحفاظ على التمكين والسيطرة على مؤسسات الدولة وأضاف:”وفقاً لهذه الوضعية فمن يعتقد أن وجود هذا الجسم ضمن العملية السياسية المستقبلية بهذه الهيمنة والتمكين سيفضي لتحقيق استقرار وسلام وتأسيس لحكم مدني ديمقراطي فهو يغفل تجربة الانتقال التي أُعِيقَت بالكامل وصولاً لانقلاب أكتوبر 2021 ولذلك ستكون النتيجة وفقاً لطبيعة هذا الجسم وتركيبته وسلوكه هو التهديد والتقويض الكامل للانتقال وجعل السلام هشاً سينهار لا محالة”، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا الموقف من الحزب المحلول يقتصر عليهم دون غيرهم ولا يشمل مجموعات أخرى من الإسلاميين.
وركز عدد من المشاركين والمشاركات خلال الأسئلة التي طرحوها على الأسباب التي جعلت (صمود) تتبني مرحلة انتقالية مطولة دون شرعية انتخابية لمدة خمس سنوات ثم إلزام الحكومة المنتخبة بعدها لاستكمال برنامج تأسيس الدولة رغم الشرعية الانتخابية لمدة خمس سنوات لاحقة، حيث أوضح المهندس عمر الدقير بأن التجارب السودانية التي شهدت نماذج انتقالية قصيرة اتسمت بترحيل الأزمات للحكومات المنتخبة وهو ما ترتب عليه في إضعاف وإنهاك الأنظمة المنتخبة بتحميلها مسؤولية التعاطي مع قضايا “تحتاج التوافق لتجاوزها وليس الاستناد إلى مبدأ الأغلبية” حسب قوله، سارداً تجربتهم العملية إبان انتفاضة مارس/ أبريل 1985م والتي انتهت بإقرار مرحلة انتقالية لمدة عام واحد دون حل القضية الأساسية المتمثلة في الحرب بجنوب السودان.
وحول غياب النصوص الواضحة للقضايا الخلافية الأساسية على رأسها علاقة الدين بالدولة ومسألة المبادئ فوق الدستورية فإن المهندس عمر الدقير والأستاذ بابكر فيصل أشارا إلى تضمين القضية المتعلقة بعلاقة الدين بالدولة ضمن المبادئ العامة وفق صيغة تدعو للفصل بين مؤسسات الدولة في البند الرابع من المبادئ العامة الذي ينص على (المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات الدستورية دون أدنى تمييز على أساس ديني أو ثقافي أو اثني أو لغوي أو جهوي أو بسبب الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعاقة أو أي شكل من أشكال التمييز)، مؤكدين في الوقت ذاته على استمرار الحوار مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو وحركة وجيش تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبدالواحد نور حول هذه القضية بغرض الوصول لاتفاق حولها.
في سياق متصل أشار الأستاذ بابكر فيصل لمصاعب تعتري تنظيم أي انتخابات جزئية في البلاد جراء انتشار السلاح الذي كان قبل الحرب يقدر بحوالي 4.5 مليون قطعة سلاح والذي تضاعفت كمياته بعد اندلاع الحرب في ما تكاثرت المليشيات والمجموعات المسلحة، مبيناً أن هذه المخاطر لا يمكن معالجتها إلا في إطار إنفاذ وتطبيق وحسم مسألة الجيش الواحد المهني القومي، منوهاً إلى أن الوضع قبل اندلاع الحرب كان أقل تعقيداً في ما تزايدت التعقيدات بعد الحرب جراء إنتاج مليشيات أكثر، وقال:”لم ندع لحل الجيش … ومطلبنا ورؤيتنا جيش مهني قومي موحد”.
وطالب في الوقت ذاته بعدم الانسياق وراء القوالب المعدة والمشكلة من السوشيال ميديا والمستندة على خطابات التضليل والشيطنة التي تتأسس على “الرفض الشعبي للقوى المدنية والحزبية والوجوه والقيادات السياسية” لكونها إفترضات هي في الأساس جزء من سردية الحرب ومقاصدها ولا تستند لأي أرقام علمية أو تحليل بيانات حقيقية وقال:”هل دعمت هذه الآراء التي تقدم على أساس أنها مسلمات على دراسات واستبيانات حقيقية على الأرض لتحدد ما يريده الشعب السوداني فعلاً ؟ .. الحقيقة أن ما يطلق باعتباره ما يريده الشعب السوداني هو جزء من سردية الحرب ودعايتها المبثوثة عبر منصات التواصل الاجتماعي والمعلوم كيفية تشكيل الرأي العام في هذه المنصات عبر التلاعب بالخوارزميات للوصول لنتائج معينة ومحددة”.
وأشار أستاذ بابكر فيصل لوجود مؤشرات توضح أن قضية السودان ستكون ضمن الأولويات القادمة بغرض وقفها من واقع التغيرات في الإدارة الأمريكية بتعيين مبعوث لكل القارة الإفريقية بدلا من تسمية مبعوثين لدول محددة منوهاً في الوقت ذاته إلى أن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة صوب إفريقيا حددت بأولوية محاربة الإرهاب والاستفادة من إنتاج الثروات المعدنية الإفريقية وهو ما يتطلب من القوى المدنية التحلي بالقدرة والرؤية والتوزان في ما يتصل بمخاطبة المصالح والمخاوف الإقليمية والدولية، وحذر من تداعيات فشل القوى المدنية في التعاطي مع هذا التحدي لكون بديلها “إحلال أطراف الحرب لفرض سلام مؤقت سيوقفها لكنه نظراً لهشاشته سيكون قابلاً للانهيار ولن يمثل حلاً للأزمة” طبقاً لقوله.
من جهته اعتبر الأمين العام لتحالف (صمود) المهندس صديق الصادق المهدي أن هذا اللقاء مهم للغاية لكونه قدم رؤى وملاحظات تم تدوينها وتسجيلها وستُسْتَصْحَب بغرض تطوير الرؤية وشمولها للقضايا بما في ذلك الجزئيات المرتبطة بالإصلاح الأمني والعسكري وتأسيس الجيش الواحد المهني القومي، وفي ما يتصل بالانتقادات الموجهة لإعلام القوى المدنية الديمقراطية فقد قال:”لقد نهبونا أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، إذا دفعوا منها 200 مليون دولار وهو مبلغ بسيط فإننا نواجه هذا الإعلام المدعوم بسخاء من مالنا دون أي موارد أو إمكانيات لذلك طبيعي أن يظهروا متفوقين لكنهم رغم كل ذلك يتراجعون وينحسروا الآن رغم ما بذلوه من أموال طائلة وحملات تشويه جائرة وظالمة وكاذبة ومضللة”.