يواجه السكان العائدون إلى مدينة الخرطوم بحري – على قلتهم – واقعا جديدا لم يكن مألوفا لديهم، فقد تحولت بعض الساحات والميادين داخل أحياء المدينة إلى مقابر بديلة طيلة فترة الحرب.
ورصدت جولة لـ”سودان تربيون” عددا من المقابر داخل حي شمبات في وقت يسعى بعض ذوي المتوفين لنقل رفات الموتى إلى المقابر العامة بالمدينة، بينما يكابدون في ذات الوقت صعوبات العودة للحياة في ظل انعدام الخدمات.
واضطر السكان الذين لم يغادروا منازلهم طيلة فترة الحرب إلى دفن موتاهم داخل الأحياء في ظل استمرار العمليات العسكرية والقيود التي فرضتها قوات الدعم السريع على حركة المواطنين وقتذاك.
وظلت مدينة الخرطوم بحري تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، حتى تمكن الجيش من استعادة السيطرة على المدينة أواخر يناير الماضي.
وأفاد المتطوع يعقوب أحمد أن السكان لم يكن أمامهم خيار سوى الدفن في أقرب مكان متحاشين السير لمسافات طويلة خشية القصف المستمر أو القيود في الحركة داخل المدينة.
ونقلت إدارة الدفاع المدني عدد من الجثث بعد بلاغات سكان الحي، لكن لا تزال بعض الجثث داخل المنازل أو في الطرقات الداخلية للحي.
ورصدت “سودان تربيون” جثة متحللة لأحد عناصر الدعم السريع داخل أحد المنازل وهو ما يشير إلى تحد آخر مع احتمال تناثر المزيد من الجثث في العراء داخل المنازل التي ما زالت مهجورة.
وأوضح يعقوب في إفادته ل “سودان تربيون” أن بعض الأسر ترغب في نقل رفات موتاهم إلى المقابر العامة، وأشار إلى أن أحد جيرانه وهو سوري الجنسية تمكن من نقل رفات طفلته من مقبرة الحي إلى المقابر العامة.
لكن محمد عباس الذي لا يزال مقيما بمدينة أم درمان سعى لنقل رفات شقيقه إلى المقابر العامة غير أنه واجه إجراءات شرطية معقدة ولم يتمكن من إكمال الإجراءات لظروف الحركة والعمل.
ووفقا لسكان الحي، هناك بعض القبور داخل المنازل، حيث لقي العشرات من سكان الحي حتفهم نتيجة القصف أو بسبب الحميات والكوليرا التي فتكت بالمدينة خلال فترة الحرب.
وتحول جزء من أستاد امتداد شمبات ومسرح خضر بشير في شمبات الحلة إلى مقابر بديلة، بينما رصدت جولة “سودان تربيون” مقبرة صغيرة حول مسجد مربع 3 بامتداد شمبات.
وحسب سكان الحي، فإن المتطوعين إبان سيطرة قوات الدعم السريع كانوا مضطرين أحيانا لدفن جثمانين في قبر واحد مخافة المكوث لفترة طويلة في الشوارع.
وأشار الناشط المتطوع مصعب الجاك في حديث ل “سودان تربيون” إلى اتخاذهم بعض الخطوات مع الشرطة لنقل الرفات المقبورة في الشوارع والميادين إلى المقابر العامة، لكن تعثر الإجراءات النيابية والبيروقراطية المتبعة حالا دون ذلك، بعدما تمت الإحالة لقسم شرطة الصافية باعتباره دائرة الاختصاص.
وأوضح المتطوع أن الشرطة طالبتهم بجمع أكبر بلاغات لتسهيل الإجراءات المتعلقة بإخلاء طرقات وميادين الخرطوم بحري من القبور، والتي، طبقا لنشطاء يمكن أن تشكل هاجسا لدى عودة الأسر إلى منازلها واحيائها التي فارقتها لأكثر من عامين.
سودان تربيون