آخر الأخبار

نداءات العودة إلى الخرطوم تصطدم بمآسي الحرب وانعدام الاستقرار

شارك

لا زالت أحياء ولاية الخرطوم خالية من سكانها الذين هجروا منازلهم بسبب الحرب، فيما عانى من ظلوا موحودين بمنازلهم وعالقين في أيام الحرب الأولى من سوء الأوضاع وفقدان أبنائهم وذويهم وأحبائهم وجيرانهم، ووقعت أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان من الجوع والعطش والقتل والاغتصاب والسرقة ونهب المدخرات وهدم للمنازل وإتلاف متعمد للممتلكات العامة والخاصة.

الآن وبعد سيطرة الجيش على الخرطوم وكل المناطق التي كانت تسيطر عليها الدعم السريع لازال الخوف والهلع يخيم على المواطنين للعودة فضلا عن تردي الخدمات وانتشار الأوبئة، إذ لازالت الخرطوم خالية من سكانها، وتعالت الأصوات وانطلقت الاستغاثات بمواقع التواصل الاجتماعي ليعود المواطنين لمنازلهم المهجورة. والعدد القليل الذي عاد يعاني كثيرا من صعوبات في المواصلات والسير مسافات طويلة لشراء متطلبات الحياة المعيشية، حيث تتوفر في المناطق المأهولة بالسكان.

أما اعرق مناطق الخرطوم لازالت خالية من السكان، كما يخيم الظلام والدمار والخراب على الشوارع الخالية من المارة لترسم رعبا وخوفا على الأعداد القليلة العائدة حتى العاملين بالدولة رغم التهديدات وطردهم من الخدمة لم يفكر الكثيرون منهم في العودة في الوقت الراهن، وهناك من فكر في العودة لإيجار منزله والاستقرار بالخارج لأن الحرب مازالت مستمرة.

في وقت دعا والي ولاية الخرطوم المواطنين للعودة إلى منازلهم للمساهمة في منع السرقات والظواهر السلبية داخل الأحياء، وتعهد في لقاء مع مواطني حي الدوحة بأمدرمان بعودة التيار الكهربائي إلى أحياء الخرطوم بوضعها الطبيعي خلال الأيام القادمة، مع عودة تدريجية لكافة الخدمات.

وقال المواطن عبد الرحمن عثمان لـ”مداميك” إنه وكثيراً من المواطنين ممن رفضوا الخروج من منازلهم كانوا يعتقدون أن الحرب لن تستمر طويلا وكلها أيام أو ساعات تنتهي الحرب ويعود الأمن والاستقرار، ولكن بعد مرور شهرين من الحرب وأصوات الطائرات والدانات وصراخ الأسر والأطفال من هول وفظاعة المعارك والاختباء تحت الأسرة والخوف والموت الذي كان قريب جدا منهم فكروا جديا في الخروج بعد أن صارت الخرطوم ساحة لمعارك عنيفة لم يشهدوا لها مثيلا.

وأضاف: “ذقنا خلالها مرارات الحسرة على من فقدناهم من احبائنا، فابن جيرانا الشاب الذي يسكن حي الصحافة ولم يتعد عمره 20 عاما أصيب بقذيفة ثم مات بالمستشفى بسبب الإهمال وعدم تلقيه العلاج اللازم، وجارتنا أصيبت بقذيفة سقطت في حوش منزلها وهناك من قتل داخل منزله امام اسرته واطفاله بخلاف الاعتداء الجنسي على النساء والأطفال”.

وأشار المواطن إلى أن الجرائم كثيرة ومتنوعة، ويضيف “ظلننا نعاني كثيرا في الحصول علي مياه وأكل، فالأسواق والمحال التجارية كانت مغلقة لذلك بعد شهرين قررنا الخروج والسفر الى الجزيرة بعد رحلة عناء شاقة في الطريق دفعنا الكثير من الأموال وأخذت منا هواتفنا”.

ويرى المدير العام للمركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية عبدالعزيز نور عشر، أن الحرب التي تعرض لها الشعب تجربة غير مسبوقة في نماذج النزاعات والحروب في التجارب الإنسانية المتكررة. وأضاف: “لقد تركت ومازالت تترك أثاراً إجتماعية ونفسية في غاية الخطورة يتعين الأخذ بكافة السبل المؤدية إلى التقليل من تأثيراتها العالية”.

وأشار في ورشة عقدت في وقت سابق ناقشت الآثار الاجتماعية والنفسية للحرب في السودان، إلى اختلالات الأمن المجتمعي من خلال الظواهر الجديدة التي ظهرت بعد تحرير المناطق التي سيطرت عليها المليشيات، حيث مورست انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قتل واغتصاب ونهب المدخرات وتهجير قسري وهدم للمنازل والإتلاف المتعمد للبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، وبذلك نتج جنوح نحو الانتقام والثأر.

وقالت المستشار النفسي، المدير العام لمنظمة بت مكلي لبنى علي محمد، إنه توجد عدة أساليب وطرق لمواجهة الآثار النفسية للحرب والحد من تأثيرها في الحياة اليومية للأشخاص الذين تمكنوا من النجاة الصدمة النفسية، والقلق والخوف والصعوبات العاطفية واضطرابات النوم وانعدام الثقة والعزلة.

وأضافت أن الحروب تسبب عدة اضطرابات نفسية للأفراد الذين يتعرضون لها أو يعيشون في مناطق نزاع، وتشمل الاضطرابات النفسية التي تخلفها الحروب ما اضطراب ما بعد الصدمة وفيها يعاني معظم الأشخاص الذين يشهدون أحداثاً حربية مروعة مسببة اضطراب ما بعد الصدمة والذي يتضمن فلاشات الذكريات العنيفة، والأحلام المزعجة والقلق المفرط وصعوبات التركيز، بالإضافة إلى الاكتئاب وترى أنه لابد من ”فهم الآثار النفسية للحروب لأنها خطوة أساسية نحو بناء مجتمعات أكثر صحة وقوة، من المهم أن نعمل جميعا على دعم بعضنا البعض.

صحيفة مداميك

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا