إعداد: فريق تحقيقات الراكوبة
في تطور خطير يعكس تعقيد وتشابك المشهد السوداني، كشفت مصادر ميدانية وإعلامية عن عودة خبراء عسكريين أتراك إلى مدينة بورتسودان للإشراف على تشغيل طائرات مسيّرة من طراز “بيرقدار TB2” و”أكينجي”، في وقت تشهد فيه البلاد انهيارًا شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية، وسط نزاع دموي مفتوح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
من هم هؤلاء الخبراء؟
الخبراء الأتراك الذين يعملون تحت إشراف مباشر من أنقرة، كانوا قد غادروا السودان مؤقتًا في مايو 2025 بعد استهداف مواقعهم من قِبل قوات الدعم السريع. إلا أن عودتهم مؤخرًا، بدعم وتنسيق من سلطة بورتسودان، تكشف عن مرحلة جديدة من التورط التركي في الحرب السودانية.
تهديد مباشر للبنية التحتية والخدمات
مصادر محلية في دارفور وأجزاء من كردفان تؤكد أن الطائرات المسيّرة التركية التي تُدار من بورتسودان شاركت مؤخرًا في تنفيذ ضربات جوية استهدفت مرافق حيوية بحجة منع استخدامها من قبل الدعم السريع. لكن الواقع على الأرض يظهر أن تلك المرافق تخدم ملايين المواطنين في المياه، والكهرباء، والمستشفيات، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.
تحقيق واشنطن بوست يكشف خطوط الإمداد
في تقرير لها، كشفت صحيفة واشنطن بوست أن الطائرات المسيّرة وصلت إلى السودان عبر مالي، ما أثار شكوكًا واسعة بأن مالي لم تكن سوى واجهة تمويه، وأن المصدر الحقيقي للدعم هو الحكومة التركية. عودة الخبراء الأتراك إلى السودان بعد فترة وجيزة من هذا التقرير تعزز هذه الفرضية بشكل كبير.
مشروع “الإخوان المسلمين” من جديد
يرى مراقبون أن الدور التركي في السودان ليس معزولًا عن مشروع أوسع يستهدف إعادة تمكين تيارات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، من المشهد السوداني. ويأتي ذلك من خلال تحالفات عسكرية وأمنية تبنيها أنقرة مع أطراف داخل المؤسسة العسكرية السودانية، في محاولة لإعادة تشكيل المشهد السياسي وفقًا لمصالحها الإقليمية.
مخاوف من تصعيد وشيك
تشير مؤشرات ميدانية متسارعة إلى احتمال وقوع تصعيد عسكري كبير في الأيام المقبلة، خاصة بعد استئناف تشغيل المسيّرات من بورتسودان، واستمرار استهداف مناطق خارج السيطرة الرسمية. مصادر أمنية تخوفت من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى استهداف واسع للبنية التحتية، وزيادة معاناة المواطنين، وإفشال أي مسار تفاوضي حقيقي نحو التحول المدني.
خلاصة
في ظل تراجع واضح للجهود الدولية لحل الأزمة السودانية، تبرز تركيا كلاعب خفي يدير أدواته من خلف الستار، مستخدمة المسيّرات والخبراء العسكريين لتعزيز نفوذ سلطة بورتسودان، وتفخيخ مستقبل السودان بخيارات صفرية.
ويبقى السؤال: إلى متى سيتغاضى المجتمع الدولي عن التدخل التركي، وما الثمن الذي سيدفعه السودانيون لقاء صمت العالم؟