يتجه التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود»، للتواصل بشكل رسمي مع قيادة الجيش وقوى سياسية مساندة له، وعرض رؤية سياسية جديدة لوقف الحرب عبر التفاوض، وسط اتهامات له من قبل «الحرية والتغيير» بـ«شرعنة وضع ميليشيا الدعم السريع وإعادتها للمشهد السياسي».
وقال المتحدث باسم «صمود» بكري الجاك، إن التحالف بعد أن أجاز رؤيته السياسية سيتواصل بشكل رسمي مع قيادة الجيش السوداني والقوى السياسية والمجتمعية لبناء أكبر جبهة لوقف الحرب.
وأشار إلى أن كل الفاعلين الإقليميين والدوليين لديهم قناعة باستحالة الحل العسكري لأزمة السودان، مبيناً أن الرؤية التي تمت إجازتها تؤسس لانتقال يؤدي إلى ترتيبات أمنية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب و«العدالة الانتقالية».
وأوضح أن الرؤية أقرت تأسيس فترة انتقالية بعد الحرب على مرحلتين مدتهما الإجمالية 10 أعوام، بينما شدد على أن «صمود» لا يعرّف نفسه كمعارضة لأنه «ما من شرعية لأي نظام حاليا» في السودان.
وأعلن التحالف أنه قام بإرسال الرؤية إلى كل من الكتلة الديمقراطية، حزب البعث العربي الأصل، المؤتمر الشعبي، والتجاني السيسي ومبارك الفاضل، ويسعى لعقد اجتماعات مع هذه القوى للوصول لتوافق حول أسس ومبادئ إنهاء الحرب.
وأكد تواصل الانخراط في الحوارات المباشرة مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور وفقاً لمبادرة الحركة التي ترمي للوصول لجبهة مدنية واسعة مناهضة للحرب، مشيراً إلى تنظيم اجتماعات خلال الأيام المقبلة للتفاكر مع القوى المدنية حول تنسيق المواقف وتقريبها في سبيل الدفع بمقترحات عملية لإنهاء القتال في السودان.
وجاء في رؤية «صمود» أن النزاع في السودان لا يمكن حله عسكرياً مهما طال أمده، وأن الخيار الوحيد لوضع حد للمعاناة وحفظ وحدة البلاد يتمثل في الإنهاء الفوري للحرب، وإطلاق عملية سلام شاملة ذات مصداقية يقودها السودانيون، تؤدي إلى حل سياسي يعالج جذور الأزمة، بمحاورها الإنسانية ووقف إطلاق النار، وابتداع مسار سياسي مدني. وتتضمن الرؤية المقترحة إعادة بناء وهيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، وتكوين حكومة مدنية انتقالية تحكم البلاد، مدتها خمس سنوات تنتهي بانتخابات عامة، تعقبها فترة تأسيسية ثانية مدتها خمس سنوات تقودها الحكومة المنتخبة.
بهدف عرض رؤية سياسية جديدة لوقف الحرب عبر التفاوض
ودعا التحالف إلى ضرورة أن تسند العملية السلمية إلى معايير واضحة، وأطراف معروفة ومحددة، تتمثل في القوى السياسية، وحركات الكفاح المسلح، والمجتمع المدني، والمهنيين، والنقابات، ولجان المقاومة، على أن تكون مدعومة ببعد شعبي يشارك فيه أصحاب المصلحة.
كما رفض أي مساع لما اعتبره «إغراق العملية السياسية بواجهات مصنوعة ومزيفة». ودعا إلى عدم مكافأة حزب «المؤتمر الوطني» الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير والحركة الإسلامية وواجهاتها على «إشعال الحرب والعمل على استمرارها»، مؤكدا على ضرورة محاسبتهم.
وفقاً لـ«صمود» يجب أن يكون شكل الحكم عبر «نظام فيدرالي» يعترف بحقوق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية، وضمان حقوقها في المشاركة العادلة في جميع مستويات السلطة، مع اعتماد مبدأ التقاسم العادل للموارد.
وفي سياق متصل قال السياسي والقيادي السابق في «قوى الحرية والتغيير»، مجدي عبد القيوم لـ «القدس العربي»، إن كل ما جاء في وثيقة «تحالف صمود» ليس فيه جديد، وإنها لم تخرج كثيراً عما ورد في الاتفاق الإطاري.
وأضاف: أن قضايا السودان تناولها ميثاق أسمرا للقضايا المصيرية في العقود السابقة وهو جهد نظري عملت عليه كوادر كفوءة ومتخصصة صاحبة قدرات وخبرات ثرّة، ولا أظن أن هناك جهداً نظرياً عالج قضايا التأسيس بذلك العمق وهو يشكل مرجعية لكل من يحاول طرح حلول القضايا الشائكة، فعظم القضايا يظل كما هو مع مراعاة المتغيرات في الساحة العالمية وتأثيرها على الداخل».
وأوضح أن الملاحظات فيما طرحه «تحالف صمود» أنه انطلق من السردية التي يتبناها حول الحرب وهي رد أسبابها إلى الإسلاميين على صعيدي قطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي أو وأد الثورة بمعناها الأشمل، وهي سردية تتغافل عمدا، بسبب ارتباطات «تحالف صمود» الإقليمية والدولية، عن أن الحرب جزء من سيناريو ينتظم المنطقة، وبالتالي فإن ابتسار أسباب الحرب على العوامل الداخلية على أهميتها رؤية قاصرة.
وقال «من الملاحظات كذلك أن الرؤية ورد فيها أن «صمود» تمثل حجر الزاوية في العمل من أجل استعادة مسار الثورة بغية تحقيق أهدافها وهو قول تكذبه الوقائع المحضة، فجل القوى المشكلة لـ«صمود» لا صلة لها بالثورة بمعناها الشامل من حيث طبيعة الأحزاب أو أهدافها المستمدة من برامجها».
وتابع: «أيضا تحاول الرؤية المطروحة شرعنة وضع ميليشيا الدعم السريع وإعادتها الى المشهد السياسي وإعطاءها دورا وهو أمر يذهب بروح الرؤية بالمجمل، فكيف يمكن أن تطرح رؤية تصادم الواقع ؟».
وأردف: «الواقع يقول إن ميليشيا الدعم السريع لم تحاول تفكيك الدولة وضربها لصالح مشروع استعماري معلوم فحسب، بل استهدفت حتى المواطن نفسه تقتيلاً واغتصاباً واحتلالاً لمنازله وغيرها من الانتهاكات».
ورأى أن «هناك متغيرات في المشهد الداخلي بكل تفاصيله من حيث بنية السلطة والتحول في اتجاه الحكم المدني من جانب، والتفاف جل الشعب حول قواته المسلحة في معركة السيادة والتهديد الوجودي للدولة ككيان».