آخر الأخبار

 5 أشهر في معتقلات الجيش السوداني.. مصير مجهول لـ”مؤرخ ودمدني”

شارك

تواصل سلطات الجيش السوداني اعتقال المؤرخ والمناضل البارز، خالد بحيري في ولاية الجزيرة أواسط البلاد، لأكثر من خمسة أشهر دون تهمة، وسط تقارير عن تدهور حالته الصحية بعد نقله إلى مركز احتجاز مجهول وحرمان عائلته من زيارته.

خالد بحيري البالغ من العمر 70 عاماً هو كاتب ومؤرخ متخصص في توثيق تاريخ مدينة ود مدني، وله كتابات وإصدارات حول عاصمة ولاية الجزيرة والشخصيات الفنية والسياسية ورموز المجتمع الذين أنجبتهم ود مدني.

وعُرف بحيري بمواقفه النضالية القوية خلال فترة الحكم الدكتاتورية للرئيس المخلوع عمر البشير، وشارك بفاعلية في تنظيم حركة الاحتجاجات الشعبية في ود مدني خلال ثورة ديسمبر 2019م، والمظاهرات اللاحقة ضد الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021م.

عندما تمددت الحرب واجتاحت قوات الدعم السريع ولاية الجزيرة، قرر بحيري البقاء في منزله، وأسس مبادرات طوعية لمساعدة السكان العالقين وسط نيران القتال في ود مدني، من خلال توفير الطعام ومياه الشرب والخدمات العلاجية.

ويقول نجله محمد خالد بحيري في مقابلة مع “دروب” إن والده اعتقل بواسطة قوة من جهاز الأمن والمخابرات من منزله في يوم 14 يناير 2025 أي بعد ثلاثة أيام من استعادة الجيش السوداني السيطرة على مدينة ود مدني، واقتيد إلى جهة مجهولة، وبعد مضي 3 أشهر اكتشفت أسرته أنه محتجز في السجن السياسي بمدينة المناقل.

خدعة

في اليوم الثاني لاستعادة السيطرة على ود مدني زار وفد يضم قيادات من الجيش السوداني، وآخر من قوات درع السودان، خالد بحيري في منزله، وشكروه على وقفته الإنسانية القوية مع السكان العالقين في المدينة خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع، ووعدوا بتكريمه وتوثيق ما قام به من عمل إنساني، وفق محمد.

ويضيف “في اليوم الثالث، حضر عناصر من جهاز الأمن والمخابرات إلى منزل والدي، وطلبوا منه الذهاب معهم؛ لأنهم ينون إجراء لقاء معه لتوثيق مجهوداته تجاه المواطنين في ود مدني خلال فترة الحرب، لكنهم أخفوه قسرياً، ولم يعد إلى بيته حتى اليوم”.

وتابع “بعد مرور ثلاثة أشهر علمنا باحتجازه في السجن السياسي في مدينة المناقل، كما علمنا بتدهور حالته الصحية نتيجة تعطل أحد صمامات قلبه، وتراجع وظائف الكلى، ونُقل على إثرها إلى مستشفى المناقل في يوم 10 أبريل 2025، ومكث فيها لمدة خمسة أيام، قبل إعادته للمعتقل مرة أخرى، ورفض إطلاق سراحه”.

وأضاف محمد خالد بحيري “طيلة هذه المدة لم يسمح لنا بمقابلته أو تعيين محام للدفاع عنه، كما لم توجه له أي تهمة، ومنذ 26 مايو 2025 انقطعت عنا أخباره بالكامل، وعلمنا من بعض المصادر بنقله إلى مركز احتجاز داخل مدينة ود مدني، لكن لا ندري أين. نحن قلقون للغاية على صحته، ونحمل السلطات مسؤولية سلامته، فهي تعتقله بشكل تعسفي وغير قانوني”.

نشاط طوعي وثوري

خلال عام من الحرب في ولاية الجزيرة، كان خالد بحيري، شعلة من النشاط التطوعي، إذ نصب خيمة أمام منزله لتقديم الخدمات العلاجية للمواطنين العالقين وسط نيران القتال، كما أسس مبادرة “مدني تشرب” التي عملت على توفير مياه الشرب لسكان المدينة بعد ما حاصرهم العطش.

وكان خالد بحيري يوثق لكل نشاطاته الخيرية في ود مدني خلال فترة الحرب على صفحاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، وفق ما رصده محرر “دروب”.

وتعرض بحيري للاعتقال مرتين بواسطة قوات الدعم السريع خلال فترة سيطرتها على المدينة، وقُتل اثنين من أصدقائه العاملين معه في المبادرات الإنسانية، بينما أنقذته العناية الإلهية، وفق ما أفاد به نجله محمد “دروب”.

كذلك كان خالد بحيري منخرطاً في حركة الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ونظام الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان، وكان من أشد المدافعين عن حقوق العمال والمزارعين والفئات الاجتماعية المهمشة في ولاية الجزيرة.

وتحدث خالد بحيري في العديد من الندوات الجماهيرية التي نظمتها القوى المدنية والاجتماعية، لدعم الحقوق ومناهضة كافة أشكال الظلم، تلك المواقف جعلته في صدام مستمر مع كل الحكومات والولاة الذين على إدارة ولاية الجزيرة خلال عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، والفترة اللاحقة.

تعذيب نفسي وانتقام

يقول محمد خالد بحيري “علمتُ أن والدي لم يخضع إلى أي تحقيقات رسمية طوال فترة الاعتقال، كانت العناصر الأمنية التي تحتجزه تعذبه تفسيا، يقولون له أنتم من فجرتهم الثورة، وقلتم زيد السجن ترباس.. كانوا يضحكون ومن ثم يغادرونه ويتركونه بلا تحر، مما يؤكد أن اعتقاله كان بدافع الانتقام والتشفي منه لمواقفه النضالية والثورية”.

ووثقت تحقيقات نشرتها “دروب” في وقت سابق لاعتقال الجيش السوداني والأجهزة الأمنية الموالية له في ودمدني نحو 2000 مواطن بينهم نساء حوامل ومرضعات، وأطفال دون سن الثامنة عشر، وأطباء ومتطوعين، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

وتوفي 300 من المواطنين المعتقلين، داخل سجن ود مدني خلال أسبوعين فقط في شهر فبراير الماضي، نتيجة التعذيب ووباء الكوليرا، وفق ما قالته مركزية مؤتمر الكنابي في بيان صحفي وقتها.

وأعرب محمد خالد بحيري عن قلقه الشديد على سلامة والده الذي تنقطع أخباره بشكل كامل، وذكر أن المجتمع المحلي في ود مدني يمارس ضغطاً كبيراً على السلطات لإطلاق سراحه، ووعد والي الجزيرة بعض الفاعلين الاجتماعيين بالإفراج عنه، لكن لم يحدث إلى الآن.

دروب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا