أعلنت لجنة المعلمين السودانيين رفضها لقرار حكومة ولاية الخرطوم القاضي بعودة المدارس للعمل، ووصفت الخطوة بأنها تجاهلٌ للواقع الأمني والصحي والاقتصادي المتدهور، وتشكل خطرًا مباشرًا على حياة العاملين في قطاع التعليم وأسرهم.
وأصدرت حكومة ولاية الخرطوم خلال الأيام الماضية قراراً بقطع الإجازات المفتوحة للعاملين أو تقديم طلبات إجازة سنوية أو إجازة بدون مرتب على أن يقدم الطلب مكتوبا لمدير الوحدة المعنية.
وقال والي الولاية أحمد عثمان إن عدد من الوزارات باشرت مهامها في مقراتها بالخرطوم وهي الأمانة العامة لحكومة الولاية ووزارات الصحة والمالية والثقافة والإعلام وزارة التنمية الاجتماعية وهيئة الطرق والجسور ومصارف الأمطار.
وأوضحت اللجنة، في بيان صادر أمس الأحد، أن المعلمين لم يتغيبوا عن العمل بمحض إرادتهم، بل أجبرتهم الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023م على النزوح واللجوء. كما أن ظروفهم المأساوية تفاقمت بحرمانهم من مرتباتهم لأكثر من عام، دون أي توضيح رسمي من الولاية، مما أدى إلى وفاة بعضهم جوعًا أو مرضًا، وتشريد أسرهم، وحرمان أبنائهم من التعليم.
وقال سامي الباقر المتحدث باسم لجنة المعلمين في تصريح ل”راديو دبنقا” إن العودة إلى المدارس، حتى وإن تم التراجع عنها جزئيًا، جاءت دون مراعاة لأبسط معايير الأمن الوظيفي والسلامة المهنية. فالعديد من المدارس تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الحرب، وتحولت بعضها إلى مواقع لدفن الجثث، دون أن تبادر السلطات بفحص هذه المباني هندسيًا، أو نقل الرفات وتعقيم المرافق.
كما حذرت اللجنة من هشاشة الأوضاع الصحية، واستمرار تفشي الأوبئة مثل الكوليرا، في ظل غياب أي إعلان رسمي من وزارة الصحة بشأن السيطرة عليها، مما يجعل القرار تهديدًا مباشرًا لحياة المعلمين والتلاميذ على حد سواء.
وأشار سامي الباقر إلى أن الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والمواصلات والمواد الغذائية تكاد تكون معدومة، مما يجعل عودة المعلمين إلى مواقعهم شبه مستحيلة. كما نبه إلى حالة الانفلات الأمني، وانتشار السلاح، وغياب التدخل الفعّال من السلطات لمعالجة الأوضاع الميدانية.
وتطرقت اللجنة كذلك إلى تداعيات ما بعد الحرب، مثل تفشي القوارض والحيوانات الضالة بسبب انتشار الجثث، مما ساهم في تدهور البيئة المحيطة بالمدارس، وهو أمر لم تضعه الولاية في الحسبان قبل إصدار قرارها الأخير.
اختُتم البيان بالتأكيد على أن عودة المعلمين إلى وظائفهم يجب أن تسبقها خطوات أساسية، أهمها صرف المرتبات والمنح والعلاوات المتراكمة، باعتبارها حقًا مشروعًا لا بديل عنه لضمان الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي. كما أكدت اللجنة أن القرار يُعد مخالفًا لقوانين العمل المحلية والمواثيق الدولية التي صادقت عليها حكومة السودان، وفي مقدمتها اتفاقيات منظمة العمل الدولية (ILO).
وحذرت اللجنة من أن أي إجراءات تُبنى على هذا القرار ستُواجَه بالمقاومة على كل المستويات النقابية والقانونية، مشددة على أن قضية مرتبات المعلمين قضية حياة، وأن توفير بيئة آمنة وسلامة مهنية هو حق لا يمكن التنازل عنه.
دبنقا