تعيش “عبير مدني”، وهو اسم مستعار لدواعٍ أمنية، ظروفًا إنسانية وأمنية بالغة التعقيد، إثر التهديد بإخلاء المُخيم الذي تسكنه في مدينة بورتسودان شرقي السودان رفقة أسرتها، مع مئات النازحين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على مغادرة مناطقهم الأصلية.
ومنذ 15 أبريل 2023 أصبحت مدينة بورتسودان على ساحل البحر بمثابة عاصمة مؤقتة، بعد الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، حيث انتقلت إليها المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية والبعثات الدبلوماسية.
عائلة “عبير” والعائلات الأخرى داخل مخيم النزوح تحتاج إلى جهود إنسانية لاستعادة كرامتهم، وما صمودهم ومواجهتهم للسلطات الأمنية إلا شهادة على قوة أولئك الذين يتحلون بالمثابرة رغم ما يكابدون من معاناة لا حد لها، وتذكير بما للأمل من قوة عظيمة حتى في أحلك اللحظات.
تقول عبير وهي زوجة وأم لعدد من الأبناء لـ”أفق جديد”: “صبرنا على التحرش الجنسي، وبيع الإغاثة في الأسواق، والآن يطالبون بإخلاء المقر السكني بالقوة الجبرية”.
وأضافت: “أمهلتنا السلطات إلى يوم الأحد المقبل لإخلاء السكن، لكننا لم نصمت وخرجنا في تظاهرات ضد قرار الإخلاء واستنجدنا بالمواطنين في حي سلبونا بمدينة بورتسودان الذين وعدوا بالوقوف مع قضيتنا العادلة”.
وأكدت عبير، أن النازحين يرتبون للخروج في مظاهرة أخرى إلى مقر والي ولاية البحر الأحمر المكلف مصطفى محمد نور، ومكتب الجنرال شيبة ضرار قائد قوات تحالف أحزاب وحركات شرق السودان، لعرض قضيتهم العادلة.
وتابعت بالقول: “المخيم يضم حوالي 50 أسرة و77 فردًا، وليس لدينا القدرة للذهاب إلى أي مكان آخر، ولدي أبناء سيجلسون قريبًا لامتحانات الشهادة المتوسطة والثانوية”.
قصة “عبير”، تعبير عن القوة والقدرة على تدبير الأمور في وجه محنة تعجز الكلمات عن وصفها. وتجسد رحلتها كفاح آلاف العائلات النازحة التي تتمسك بالأمل، إذ تحاول تلبية احتياجاتها الأساسية وتسعى لبناء حياتها من جديد.
وسبق أن قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إنه واجه قيودًا خلال تقييم أوضاع النازحين في مدينة بورتسودان شرقي السودان، على الرغم من مشاركة مؤسسات حكومية في التقييم.
وأجرت وكالات الأمم المتحدة، تقييمًا لأوضاع النازحين في بورتسودان، شاركت فيه 20 وزارة حكومية، حيث سجلت الفرق زيارة لـ 34 مدرسة اُتخذت مسكنًا مؤقتًا للفارين من العنف.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان إنه “كانت هناك قيود على التقييم، ونتيجة لذلك استخدمت المجموعات والمنظمات أدواتها الخاصة، مما أثر على جودة المعلومات والإجابات”.
وأشار إلى أن التقييم سمح للمجموعات والوكالات استخدام منهجيتها الخاصة، حيث جرى دمج المقابلات مع المخبرين الرئيسين لإجراء اجتماعات مباشرة ومراقبة الظروف المعيشية للنازحين لفهم احتياجاتهم.
ودفعت الحرب أكثر من 6 ملايين شخص إلى النزوح داخليًا، حيث استقبلت ولاية البحر الأحمر 239 ألف نازح بما يصل إلى 47 ألف أسرة، منهم 25 ألف أسرة تعيش في المجتمعات المضيفة، بينما توزع البقية في المساكن المستأجرة والملاجئ المرتجلة والمدارس.
وشدد المكتب على أن ارتفاع أعداد النازحين في بورتسودان وعيشهم في المدارس، أوجد فجوة في المعلومات حول الاحتياجات الإنسانية، مما استلزم إجراء تقييم سريع لحالة النازحين.
ومنذ أبريل 2023، يشهد السودان حربًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
أفق جديد