حُرم مئات المواطنين بولايات دارفور من أداء شعيرة الحج هذا العام، نتيجة عوامل متصلة بالحرب الجارية أبرزها تعقيد الإجراءات الأمنية، وارتفاع تكلفة المالية، إلى جانب مخاوف من الاعتقالات على خلفية الانتماءات الجهوية والقبلية، بحسب مصادر وشهود عيان.
وقال حمدان محمود جابر، من سكان مدينة الضعين، لـ”دارفور24″ إن الإجراءات الأمنية المشددة بمناطق سيطرة الجيش حالت دون تمكُّن عدد كبير من المواطنين في دارفور من السفر لأداء الحج.
وأوضح في تصريح لـ”دارفور24″ أن السلطات في مدينة بورتسودان ترفض إصدار وثائق سفر للمواطنين القادمين من مناطق تخضع لسيطرة الدعم السريع، مما أثار مخاوف من اعتقال الراغبين في الحج، لا سيما من ولايات شرق دارفور.
وأضاف حمدان أن إدارة الحج بولاية شرق دارفور تتمركز في بورتسودان، ما يصعّب التواصل معها، بينما يُمنع الحجاج من استخراج جوازات السفر في مناطقهم المرتبطة بسيطرة قوات الدعم السريع.
كما أشار إلى أن تكلفة الحج التي أعلنتها الإدارة – والتي تراوحت بين 13 إلى 14 مليون جنيه – مثّلت عائقًا إضافيًا أمام الكثيرين.
من جانبه، قال حمدان آدم البشري، أمين أمانة الحج والعمرة بولاية شرق دارفور، إن عدد الحجاج الذين تمكنوا من أداء المناسك هذا العام لم يتجاوز 49 حاجًا، مقارنة بنحو 1200 حاج قبل اندلاع الحرب.
وأرجع ذلك إلى سيطرة الدعم السريع على الولاية، معتبرًا أنها السبب الرئيسي في حرمان المواطنين من أداء الفريضة.
وفي المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بعرقلة سفر المواطنين واعتقال بعضهم، خصوصًا من شرق وجنوب دارفور، وحرمانهم من الحصول على وثائق السفر بتهم الانتماء لقوات الدعم السريع.
ورغم التحديات، كشف مسؤول بإدارة الحج والعمرة بولاية جنوب دارفور عن ارتفاع طفيف في عدد الحجاج هذا العام، من 37 إلى 48، رغم الظروف الأمنية والنهب المسلح أثناء السفر إلى ميناء سواكن بولاية البحر الأحمر.
وأشار إلى أن تكلفة الحج بلغت هذا العام 11.234 مليون جنيه عبر الباخرة و12 مليون جنيه عبر الطيران، مقارنة بـ6 و7 ملايين على التوالي العام الماضي.
وقال أحد الحجاج من مدينة برام، جنوب نيالا، إنه اضطر لسلك طرق طويلة عبر عدة مدن للوصول إلى بورتسودان، وتعرّض للتفتيش والاستجواب أكثر من مرة بسبب التوتر الأمني.
وأكد أن المئات من الراغبين في الحج عجزوا عن إكمال الإجراءات بسبب انتهاء صلاحية جوازات السفر أو الخوف من التعرض لسوء المعاملة، فضلًا عن ارتفاع تكلفة الحج بسبب تراجع الجنيه السوداني مقابل الريال السعودي.
وقالت المواطنة جميلة كبر من مدينة نيالا لـ “دارفور24” إنها شرعت مبكرًا في الإعداد لأداء مناسك الحج هذا العام، غير أن ارتفاع تكاليف السفر إلى بورتسودان حال دون تمكنها من استخراج جواز السفر واستكمال بقية الإجراءات المطلوبة.
وأشارت إلى أن الطريق إلى بورتسودان بات مليئًا بالعقبات، مضيفة أن مجرد الانتقال من نيالا إلى هناك بات يتطلب ميزانية مستقلة، تُضاف إلى التكاليف الباهظة للحج ذاته.
وفي ولاية شمال دارفور، أكد أمين الحج والعمرة عبدالله الدومة أبكر عثمان، أن 192 حاجًا من الولاية وصلوا إلى الأراضي المقدسة، برفقة بعثة إدارية مكوّنة من 8 أفراد.
لكن مصدرًا مطلعًا كشف أن جميع الحجاج غادروا من محليات مثل طويلة وكلمندو ومليط والمالحة، أو كانوا من أبناء الولاية المقيمين في مناطق تخضع لسيطرة الجيش، إذ لم يغادر أي حاج من مدينة الفاشر بسبب الحصار المستمر عليها منذ أكثر من عام.
وأشار المصدر إلى أن اعتماد بورتسودان كمركز رئيسي لاستكمال إجراءات الحج فاقم من التكاليف، وفاقم معاناة الحجاج في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.
وفي ولاية وسط دارفور، قالت إدارة الحج إنها سيرت 104 حاجًا عبر ميناء سواكن.
إلا أن عددًا من الحجاج أكدوا أنهم واجهوا معاناة كبيرة خلال الرحلة، حيث اضطر بعضهم للسفر عبر تشاد إلى دولة أخرى ثم العودة إلى العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان لاستكمال الإجراءات.
وقال أحد الحجاج، علي إبراهيم، إنه بدأ رحلته من مدينة زالنجي منذ يناير الماضي عبر السفر بالبر من تشاد مرورا بالمثلث الحدودي وصولا الى بورتسودان ليتمكن من إكمال الإجراءات، مشيرًا إلى أن تكلفة الحج تجاوزت 15 مليون جنيه، وأن العشرات لم يتمكنوا من إتمام الإجراءات، خاصة استخراج الجوازات.
دارفور 24