خلاف ظل يتصاعد داخل كابينة قيادة الجيش، والمتحالفين مع قيادته في ساحات معارك حرب (15) أبريل، بدأت وقتها باحتجاجات ضباط بالجيش على قيادة المدنيين من كتائب البراء للعمليات الميدانية، ليتصاعد الخلاف بين الاسلاميين ونائب قائد الجيش شمس الدين الكباشي، حول تسليح المواطنين فيما عرف بالمقاومة الشعبية، ليتصاعد الصراع حسب مراقبون لحد تصفية قيادات بالجيش ووضع آخرين قيد الحبس.. الصراع الذي كان يدور داخل كابينة قيادة الجيش بدأ في الخروج عبر قرارات تضع قيادات الجيش تحت إمرة كتائب البراء وقيادات الإسلاميين، لعدم ثقتهم في قدرة الجيش على إنجاز ما تمليه إرادة الاسلاميين، أو ربما هذا ما دفع الفريق عبدالفتاح البرهان، سحب الفريق شمس الدين كباشي من الأشراف على العمليات العسكرية في كردفان، وعلى رأسها (متحرك الصياد).. وبالرغم من حالة التماسك التي تصطنعها قوات الجيش وحلفاءها، إلا أن اشتباكات تدور في بعض المناطق بين قوات درع السودان وقوات مالك عقار في النيل الأزرق، وتارة أخرى اشتباكات بين المشتركة وكتائب البراء في ولاية نهر النيل.. ترى هل يتصاعد الخلاف بين الإسلاميين والجيش حول القيادة..؟ أم ينتصر الجيش في حربه الداخلية..؟
تسخير كل الإمكانيات العسكرية لمتحرك الصياد
(الصياد) أحد ضابط الصف رقيب اول محمد عبدالله بدوي الصياد ،من قرية السميح بولاية شمال كردفان ، قتل في بداية الحرب، يتبع لسلاح الكيمياء بالخرطوم .سميت عليه المتحركات الزاحفة نحو كردفان و دارفور، ويعتبر (متحرك الصياد) أحد أبرز الوحدات الميدانية التي تم تفعيلها مؤخرا في المنطقة، ويذهب الخبير العسكري سليمان حسب الرسول في أفادته لـ”إدراك” أن المتحرك حشدت له سلطة بورتسودان كل قوتها، وتم تجهيزه بقدرات تسليح عالية جدا، وقيادت عالية التدريب والتأهيل، للقضاء على قوات الدعم السريع، وفك حصار مدينة الأبيض والفاشر واستعادة إقليمي كردفان ودارفور، التعليمات وقتها قضت بأن يباشر الفريق الكباشي الأشراف على المتحرك، لكن لم تمضي الأمنيات كما تشتهي سفن الإسلاميين، حيث بدأت تتهاوى أمكانيات (المتحرك) وتعرض لهزائم كبيرة آخرها معركة (الخوي).
يتسابق قادة الجيش إلى نسب الإنجازات العسكرية لأنفسهم في كردفان ومناطق غرب السودان مما انعكس ذلك الطموح سلباً علي قواتهم
محاولة لاحتكار الإنجاز العسكري
وبالرغم من أن تقارير فسرت الخطوة المفاجئة التي قام بها قائد الجيش، وسحب ملف (الصياد) من الكباشي، أنها تأتي في إطار سعي البرهان لإعادة ترتيب ملف العمليات بغرب السودان، وتحديدًا في إقليم كردفان، عبر إحكام سيطرته الشخصية على تحركات (متحركات الصياد) وتنسيب أي إنجازات ميدانية مباشرة له، في محاولة لتحسين صورته داخل المؤسسة العسكرية التي باتت تحمله مسؤولية تدهور الوضع السياسي وفشل المفاوضات مع الأطراف المدنية والمسلحة. إلا أن حسب الرسول يمضي إلى أن (متحرك الصياد) فشل في تحقيق تقدم يذكر في أرض المعركة، وفشل الكباشي في تحقيق أهداف (المتحرك) وتم القضاء على قيادته بقيادة (لواء)، وحان الوقت لتجريب خطط جديدة.
وفي ذات الصياغ تذهب إلى أن الفريق كباشي، يُعتبر من أبرز الضباط الذين يمتلكون خبرة ميدانية في تلك المناطق، إلا أن إبعاده عن الملف يُشير إلى تفاقم الصراع داخل الحلقة الضيقة المحيطة بالبرهان، خاصة مع تنامي الاتهامات الموجهة للأخير بسوء إدارة الحرب واتخاذ قرارات منفردة أدت إلى إضعاف الجيش في عدة جبهات. واتهامات تم تبادلها بعد معركة (الخوي) واستهداف مباشر بطائرة مسيّرة لغرفة القيادة والسيطرة لعمليات محور الخوي التابع لـمتحرك كردفان، ما أسفر عن مقتل عدد من أبرز القيادات الميدانية في الجيش، وسط تساؤلات متزايدة حول خلفيات الاستهداف وتوقيته، مما اعتبره البعض تجدد للخلافات داخل القيادة العامة للجيش بين الفريق عبد الفتاح البرهان والفريق شمس الدين كباشي.
تدمير غرفة قيادة الصياد
إلى جانب الجيش يضم (متحرك الصياد) كتائب البراء، قوات المشتركة وجهاز الأمن والمستنفرين، وحسب مصادر ميدانية، أسفر الهجوم الذي نفذته طائرة مسيرة تتبع لقوات الدعم السريع، أدت لمقتل نخبة من القادة الميدانيين، يتقدمهم: اللواء الركن مهندس إيهاب محمد يوسف الطيب، قائد متحركات تحرير كردفان، العميد ركن د. محمد بخيت الدومة، قائد ثاني متحرك (الصياد العسكري) محور الخوي، العميد مهندس محمد سر الختم، العقيد ركن صلاح عبدالرحمن علي سراج، المقدم معتز محمد حسن عبدالرحمن، الرائد خالد شقالوة قائد إشارة المتحرك، الرائد خالد خلف الله، الرائد مصعب محمد علي أبوزيد، الملازم أول محمد الرشيد قائد مدفعية المتحرك، والملازم إبراهيم أبو شقة. وتفيد المتابعات لتواجدهم في مكان واحد، بعد استهداف دقيق يرجّح أنه تم بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، مما زاد من الشكوك حول اختراق أمني أو تورط جهات من داخل الجيش في تسريب الإحداثيات.
معركة الخوي وهزيمة الجيش وحلفائة كشفت الخلافات العميقة في بنية المؤسسة العسكرية والتي بدأت تظهر للعلن مؤخراً
تصاعد الخـلافات
تقارير (منشورة) ذهبت إلى أن الهجوم تزامن مع خطوات البرهان لإبعاد الفريق شمس الدين كباشي عن ملف العمليات في كردفان، بما فيها الإشراف على متحرك (الصياد العسكري)، ما أثار تكهنات حول ما إذا كانت الضربة جزءًا من تصفية داخلية مقنعة تم تمريرها عبر بوابة الدعم السريع. بينما ذهب محللون إلى اعتبار ما جرى (حادثًا مدبّرًا)، يهدف لتقليص نفوذ جناح كباشي داخل المؤسسة العسكرية، وخلق فراغ في القيادة الميدانية يتيح للبرهان فرض رجال موالين له على الأرض، خاصة في جبهات حساسة مثل كردفان.
مصادر داخل القيادة العامة أكدت أن هذا القرار زاد من حدة الخلافات بين البرهان وكباشي، التي لم تكن جديدة، لكنها دخلت في طور أكثر علنية خلال الأسابيع الماضية. ويرى مراقبون أن هذا التوتر يُعبّر عن أزمة عميقة في بنية القيادة العسكرية، ويكشف عن محاولات لإقصاء قادة بارزين من مواقع القرار الميداني والسياسي، في ظل تصاعد الضغوط على البرهان داخليًا وخارجيًا. كما أشار بعض الضباط إلى أن سحب ملف كردفان من كباشي يهدف أيضًا إلى تحجيم نفوذه داخل الجيش، خصوصًا مع تزايد الحديث عن أن كباشي قد يكون مرشحا محتملا لتولي أدوار سياسية أو عسكرية أكبر في حال حدوث ترتيبات جديدة في قيادة البلاد.
معركة (الخوي) وإن انتهت بهزيمة الجيش، إلا أن مراقبون يرون أنها كشفت النقاب عن خلافات قيادات بالجيش وقيادات الإسلاميين، وقرار البرهان يأتي في سياق هذه الخلافات والتي من المتوقع أن تتصاعد في الأيام القادمة.. ترى بعد قرار قائد الجيش،وهزيمته في تخوم مدينة الأبيض وسهول كردفان، وبسبب صراع الإسلاميين وقيادات بالجيش.. هل يتحول (الصياد) إلى فريسة..؟.