آخر الأخبار

أطفال السودان .. جيل كامل مهدد بالضياع بوباء الكوليرا والحرب

شارك

ضاعت ابتسامات سارة وشاهيناز إلى الأبد بعد أن أودى وباء الكوليرا بحياتهما في ولاية الجزيرة، وسط السودان. حيث حاولت والدتهما إنقاذهما بنقلهما من العاصمة الخرطوم بعد إصابتهما بالمرض.

أصيب التوأم بالكوليرا في منطقة مايو جنوب الخرطوم، حيث يعاني أولئك الذين بقوا بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 من نقص الأدوية وضعف أداء المركز الصحي الوحيد في المنطقة.

ويقول الدكتور أحمد عثمان لـ”الوجهة24″ إن الوضع الكارثي في المنطقة، إلى جانب انعدام حتى أبسط الاحتياجات الطبية، أجبر الناس على اللجوء إلى العلاج المحلي “البلدي”.

ومع ذلك، أكد أن حالات الإصابة بالكوليرا مرتفعة، حيث يحاول السكان مغادرة المنطقة لتلقي العلاج الذي لا يتوفر في العاصمة الخرطوم التي تعاني من ظروف بالغة السوء.

وخلص إلى القول إن الكوليرا المنتشرة في الخرطوم تهدد جميع السكان مع غياب الرؤية لمواجهة الوباء، محذرًا من أن الأطفال معرضين لخطر بالغ.

وتهدد المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي دخلت عامها الثالث، بتدمير جيل كامل، حيث يعاني الأطفال من الموت والنزوح المستمر والأمراض والأوبئة، إلى جانب العنف وانقطاع التعليم.

وخلال الأسابيع والأيام الأخيرة، تشير تقارير إلى معاناة ما يُقدّر بـ ٢.٣ مليون طفل وطفلة من سوء التغذية وتُعزى تقريباً نصف حالات وفاة الأطفال دون سنّ الخامسة إلى سوء التغذية. ويعاني٦٩٤,٠٠٠ طفل وطفلة من سوء التغذية الحادّ الوخيم ويصارعون من أجل البقاء.

ومايزيد الأمر تعقيدًا، من بين الولايات ال ١٨ في البلاد، تعاني ١١ ولاية من انتشار سو التغذية بنسبة تزيد عن ١٥٪؜. وهذه النسبة أعلى من عتبة الطوارئ حسب معايير منظمة الصحة العالمية.

و الأكثر من ذلك، يعاني واحد من كل ستة أطفال في السودان من سوء التغذية الحادّ، ويحتاج حوالي ٨٢٠,٠٠٠ طفل وطفلة دون سنّ الخامسة إلى الحصول على الرعاية الصحية، بما ذلك التطعيم والخدمات المنقذة للحياة الأساسية. وتؤكد التقارير أن حوالي ٣٦٪؜ من مرافق الرعاية الصحية الأولية في جميع أنحاء السودان هي مرافق غير صالحة تماماً للعمل، إما بسبب نقص في طواقم العمل أو بسبب تردي البنية التحتية المادية.

كما توضح أن أكثر من 16 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة، ونحو 17 مليون طفل خارج المدرسة منذ عامين،وتواجه الفتيات مخاطر جسيمة، بما فيها العنف الجنسي والاتجار والزواج القسري، وأكثر من 12 مليون شخص معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وأطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تحذيرات طيلة الشهر الماضي، من تزايد خطر الكوليرا الذي يواجهه مليون طفل في ولاية الخرطوم في السودان، مشيرة إلى أن الحالات المبلغ عنها قد زادت تسعة أضعاف في غضون عشرة أيام فقط.

ومنذ مطلع العام، تم الإبلاغ عن أكثر من 7700 حالة كوليرا – بما في ذلك أكثر من ألف حالة بين الأطفال دون سن الخامسة – و185 حالة وفاة مرتبطة بالمرض في ولاية الخرطوم، وفقا للسلطات الصحية السودانية، وارتفع عدد الحالات بشكل ملحوظ بين 15 و25 مايو، حيث زاد من 90 حالة مُبلغ عنها يوميا إلى 815 حالة.

وقالت اليونيسف إن 34 ألف شخص عادوا إلى ديارهم في الولاية منذ يناير، ولكن معظمهم إلى مناطق تفتقر إلى الخدمات الأساسية إلى حد كبير، بما في ذلك المياه والصرف الصحي.

وأكدت أن الهجمات المستمرة على محطات توليد الطاقة في الولاية خلال الشهر الماضي قد أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم نقص المياه، مما أجبر العديد من العائلات على جمع المياه من مصادر غير آمنة وملوثة. وزاد هذا من خطر الإصابة بالكوليرا وغيرها من الأمراض المميتة المنقولة عن طريق المياه.

وقال ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون يات، إنه في كل يوم “يتعرض مزيد من الأطفال لهذا التهديد المزدوج المتمثل في الكوليرا وسوء التغذية، وكلاهما يمكن الوقاية منه وعلاجه، إذا تمكنا من الوصول إلى الأطفال في الوقت المناسب”.

ونوه إلى أن الصندوق وشركاءه “يسابقون الزمن” لتوفير الرعاية الصحية الأساسية والمياه النظيفة والتغذية، من بين خدمات أخرى منقذة للحياة، للأطفال “المعرضين بشدة للأمراض المميتة وسوء التغذية الحاد الوخيم”.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت اليونيسف أنها تنفذ استجابة متعددة الجوانب للكوليرا في الخرطوم، تستهدف فيها المجتمعات المعرضة للخطر، بما في ذلك من خلال توزيع مواد كيميائية لمعالجة المياه المنزلية، ونشر أجهزة الكلور في نقاط المياه، وتوعية المجتمعات المحلية حول المرض والوقاية منه.

ولمواجهة هذا الوباء، من المقرر وصول دفعة من العلاج، التي تضم حوالي ثلاثة ملايين جرعة، إلى البلاد بنهاية هذا الشهر، وسيتم توزيعها في معظم المناطق المتضررة في ولايتي الخرطوم وشمال كردفان. إلا أن الصندوق قال إنه يحتاج بشكل عاجل إلى 3.2 مليون دولار إضافية لتمويل الاستجابة الطارئة للكوليرا في ولاية الخرطوم.

ومنذ بداية تفشي الكوليرا، الذي أُعلن عنه رسميا في 12 أغسطس 2024، تم الإبلاغ عن أكثر من 65200 حالة إصابة وأكثر من 1700 حالة وفاة في 12 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من عواقب انهيار النظام الصحي في السودان، وتراجع قدرات الدول المجاورة على الاستجابة لاحتياجات العدد المتزايد من اللاجئين الوافدين إليها، مع استمرار الحرب الدائرة في إحداث “أزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية”.

وبعد أكثر من عامين من القتال، أصبحت أزمة النزوح في السودان هي الأكبر في العالم، حيث أُجبر 14.5 مليون شخص على الفرار من ديارهم، من بينهم ما يقرب من أربعة ملايين شخص التمسوا اللجوء في دول مجاورة، بما في ذلك مصر وجنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 36 ألف شخص نزحوا من الخُوَي والنهود في غرب كردفان بسبب تصاعد انعدام الأمن، وكان العديد منهم قد نزحوا بالفعل، ويضطرون الآن إلى الفرار للمرة الثانية، بحثا عن مأوى في مواقع أخرى في غرب وشمال كردفان.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا