آخر الأخبار

كمال بولاد: تشكيل الحكومات في ظل الأزمة يفتح الباب للانقسام وتعيين كمال إدريس "لا يؤثر"

شارك

عام ثالث تدخله حرب السودان الطاحنة دون رؤى للحل، مشهد سياسي يزداد قتامة وتفتتًا، بينما ترزح البلاد تحت أعباء كارثة إنسانية هي الأسوأ في تاريخها الحديث، تتوالى المبادرات والتصريحات من أطراف مختلفة تبحث عن موطئ قدم في مستقبل لم تتضح ملامحه بعد. وفي قلب هذا المشهد المعقد، يبرز التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) كواحد من الكيانات المدنية التي تنادي بإيقاف الحرب واستعادة مسار الإنتقال السياسي، في ظل تحديات هائلة واتهامات من قبل المؤيدين لاستمرار الحرب، بموالاة التحالف للدعم السريع رغم موقفه المعلن، فيما يرى مشفقون بأنه يفتقد لرؤى واضحة نحو تحقيق أهدافه.

في هذا الحوار، نحاول استجلاء رؤية (صمود) حول ما يجري من تطورات على الصعيد السياسي والميداني العسكري ، وما يتم من تحولات على الساحة الإقليمية والدولية وموقفها من الحرب في السودان، والتعرف على خطة التحالف السياسية التي وُضعت مؤخراً في اجتماع يوغندا ، وواقع التواصل مع أطراف الحرب والقواعد الشعبية وإلى أي مدى نجح التحالف في تشكيل الجبهة المدنية العريضة .

حول تلك المحاور حاورت (مداميك) عضو الأمانة العامة لتحالف (صمود) الأمين السياسي لحزب البعث القومي كمال بولاد.

حوار: سمية المطبعجي

” تشكيل الحكومات فى ظل الأزمة يعبد الطريق للانقسام والتشظى وتعيين كامل إدريس لا يؤثر “

– كيف تنظرون إلى تعيين حكومة بورتسودان د. كامل إدريس رئيساً للوزراء ومضيها في تشكيل حكومة، هل ذلك يزيد من تعقيد المشهد أم يفتح نافذة للحوار السياسي كما يقول البعض ؟

فى التقدير ليس هناك جديد على صعيد مواجهة الأزمة الحقيقية الماثلة والمتمثلة فى قيام وتوابع انقلاب 25 اكتوبر ، و الحرب التي قتلت الآلاف ودمرت البلاد وشردت الملايين ما بين نازح ولاجئ ، وغياب المداخل الصحيحة للخروج منها حتى اللحظة الماثلة.

تعيين د.كامل إدريس أو السيد خالد الاعيسر اي كانت مواقعهما الوظيفية لا تؤثر أو تضيف جديدا ،طالما جاءت ضمن مناخ الإنقلاب والحرب هو السائد وبالتعيين من مدبر الانقلاب ورأسه الآن ، وبالنظر للتجربة الوطنية فى ظروف أفضل من السائده اليوم يعين قادة الانقلابات الوزراء الموظفون عند الطلب ويذهبون أيضا بمزاج المعين دون أن يعلم بعضهم لماذا جاء ولماذا ذهب ، في تصورى مازال المدخل لمواجهة الأزمة هو الحاضر الغائب، والذي يجب أن يبدأ بالتوافق الوطنى من أجل إيقاف الحرب اولاً ثم الضغط من كافة الأطراف جماهيريا وإقليميا ودوليا على أطرافها ، وهذه تحتاج لمعادلة يجب أن تصنعها القوى السياسية الوطنية إذا توفرت الإرادة وساد وعى الوحده من إيقاف الحرب والحفاظ على الوطن موحدا.

ولذلك قلنا قبل وقت طويل إن الإقدام على تكوين أي حكومة هنا أو هناك بحثا عن الشرعية لا يوفرها ولا يقدم شيء لشعبنا الذي يبحث عن الأمان والعيش وإيقاف القتل والزبح بإيقاف صوت البنادق بل تشكيل الحكومات في ظل الأزمة يعبد الطريق للانقسام والتشظي.

” حرب المسيرات طور جديد مؤسف يحمل نوايا إطالة الحرب ويبشر بالمزيد من الضحايا وتخريب الوطن وبنيتة التحتية ” – ما هي رؤيتكم للتطورات الميدانية على الصعيد المكاني (بورتسودان) والتكنيكي باللجوء الى حرب المسيرات؟.

مؤكد هذا طور جديد من الحرب بعد العامين الحزينين من عمرها ، وأشد فتكا على شعبنا الضحية الأول لاستمرار الحرب واشد تخريبا لوطنه وبنيته التحتية ، ويحمل نوايا لتطويل أمد الحرب، وهذا مؤسف جدا ، ومن أسوأ نتائج هذا الطور الجديد هو إصرار أطرافها على عدم التفاوض والمضيء في حرب عبثية قلنا منذ يومها الأول لا منتصر فيها ولا تحسم بالسلاح ويبشر ايضا بمزيد من الضحايا سواء في بورسودان أو الفاشر أو غيرها من ربوع الوطن الذي تستهدفه شظايا الحرب.

– بين (تقدم) و(صمود) مرت مياه كثيرة تحت الجسر وتبدلت الوقائع على الأرض عسكريا وسياسيا على الصعيد الداخلي، هل استحدثتم آليات جديدة لوقف الحرب أم لازالت الآليات القديمة باقية ؟ وهل لازلتم تدعمون منبر جدة على أنه الأمثل، ضمن مشروع خارطة طريق السلام؟.

بالأمس فرغت الأمانة العامة لـ (صمود) مع الآلية السياسية من اجتماع مهم فى يوغندا وكان أول اجتماع أرضي لـ(صمود) بعد قيامها . ناقش الوضع التنظيمى وترتيبات البيت الداخلي ثم الرؤية السياسية على ضوء التطورات السياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً ثم وضع خطة سياسية للحركة السياسية بهدف إيقاف الحرب والتحرك الإقليمى والدولي ثم التحرك بين أطراف الحرب والضغط السياسي والمدني بالتحرك وسط السودانيين نازحين ولاجئين والمكتوين بنار الحرب في ولايات الوطن ، ثم تنظيم حراك إيقاف الحرب الواسع ثم ناقش الاجتماع كيفية المساهمة في توفير الإغاثات والعون الإنسانى وإنقاذ بلادنا وإنسانها من استمرار الحرب ونتائجها الإنسانية الكارثية.

وبعد ثلاثة أيام عمل متواصلة خرج بخطة عملية أعتقد سوف يكون لها ما بعدها. ” إجتماع (صمود) الأخير خرج بخطة عملية محددة بزمن لتحريك كل الإمكانات لوقف الحرب وسيكون لها ما بعدها “ اما عن تبدل الأوضاع العسكرية قلنا حتى في ظل الأوضاع ما قبل ذلك أن الأزمة الحقيقية في عدم الاستقرار والبناء الوطنى تظل قائمة حتى لو خرج أحد أطراف الحرب عسكرياً إلى خارج الحدود فى ظل الأزمة الوطنية القائمة، من الممكن أن يبني مركزه الموازي من جديد ويجد من يقف خلفه من دول المنطقة أو العالم عموماً كما حدث فى تاريخنا السياسي، ويظل عدم الأمن والاستقرار مستمراً وصداع الحرب مستمراً ولذلك لا حل إلا بالجلوس إلى التفاوض بين السودانيين ومخاطبة جذور الأزمات والتوافق الوطني لبناء مشروع المستقبل لهذا البلد المكلوم ، ويجب أن يكبر عند السودانيين السؤال من الذي يدعو إلى استمرار الحرب وماهي مصلحته في تزايد عدد جماجم موتى السودانيين بسبب الحرب؟ واعتقد منبر جدة ممكن أن يكون ارضية معقولة إذا توفرت الإرادة، بالرغم من أنه كان عسكريا ولم يشمل القوى الوطنية المدنية ذات المصلحة في الممارسة السياسية وعودة العملية السياسية.

” على السودانيين أن يتساءلوا من الذي يدعو لإستمرار الحرب وما مصلحته في تزايد عدد جماجم الموتى.

“ – هل بالإمكان أن تحدثنا عن بعض التفاصيل المتعلقة بتلك الخطة العملية؟

الخطة العملية في اجتماع الأمانة العامة والآلية السياسية بيوغندا في 22- 25 مايو الحالي استندت على ضرورة تحريك كل إمكانيات إيقاف الحرب المتاحة وعمل كل الممكن من تحريك الضغط الشعبي وصولاً إلى الحوار مع الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية التي لها صلة بهذه الحرب ووضع ذلك فى برنامج عمل محدد بزمن . فليس هناك أحوج للسودانيين اليوم من إيقاف الحرب إلا إغاثة المحتاجين والضحايا.

وهذه كانت من أهم القضايا التى اخذت وقتا من المناقشات والاهتمام ثم العمل على توسيع المركز المدني من قوى سياسية ومهنية وشبابية واجتماعية حتى يتم التوازن المطلوب من الضغط لتعديل المعادلة لمصلحة إيقاف الحرب . – تحدث البرهان من قبل عن أن الباب مفتوح للجلوس معكم شرط رفع يدكم عن الدعم السريع، وانتم في (صمود) غير موالين أو داعمين للدعم، فهل تم تواصل مع الجيش سواء من جانبكم او جانبهم؟ نأمل أن يتحول هذا القبول إلى واقع من قائد القوات المسلحة .

– قام تحالف (صمود) ومن قبله (تقدم) على أسس تكوين جبهة عريضة لوقف الحرب، والبعض يتهمكم بالإخفاق في تكوين تلك الجبهة لعدم وجود رؤية واضحة لتحرك فعال، بل انقسمتم وفقدتم في الأساس للقواعد الجماهيرية على الأرض التي أضحت بعيدة تماماً عنكم؟

مازالت الجهود مستمرة لقيام الجبهة التى تضم كافة القوى الوطنية من أجل إيقاف الحرب والحوارات مستمرة رغم الصعوبات المتعددة وهذا برامج ورؤية مركزية لتحالف (صمود) . ” لجان المقاومة لها وجود مقدر في التحالف، والتواصل مع قواعد القوى السياسية والجماهيرية لا ينقطع “.

– هل لديكم تواصل قاعدي او أي شكل من التعاون، مثل لجان المقاومة وغيرها من القواعد الشعبية بالداخل وفي مناطق النزوح واللجوء؟

لجان المقاومة لها وجود مقدر فى التحالف وتعمل مع كل فئات التحالف من أجل إغاثة الضحايا ميدانياً ومن أجل إيقاف الحرب سياسياً ولها دورها المقدر ورمزيتها فى ثورة ديسمبر ابريل المجيدة ،وهنالك تعقيدات متعددة فى طريقة عملها فى الداخل نتيجة استهدافها من كل أطراف الحرب أسوة بالقوى السياسية الوطنية. ولكن دون شك تلعب ادوار ميدانية مهمة ومقدرة والتواصل مع قواعد القوى السياسية والجماهيرية بصورة عامة لا ينقطع ولكن ظروف الحرب فرضت هذا الواقع المأساوي الذى نأمل أن ينتهى قريباً بإيقاف الحرب وعودة الحياة. وقناعتى أن وعى ثورة ديسمبر ابريل المجيدة سيظل باقياً باهدافها وآمالها وطموحات شعبنا فى العيش الكريم والاستقرار والنهوض ببناء الوطن بأسرع مايكون وإصلاح المؤسسات الوطنية بما فيها مؤسسة الجيش ورفض الشموليات التى اوصلتنا لما نحن فيه الآن وعودة الحكم المدنى الراشد . ” تيار من الحركة الإسلامية أشعل الحرب وتشارك مليشياته فيها علناً ولا حل إلا بمواجهته حتى إنتزاع صفته العسكرية وفقهه المتطرف.

“ – دور الحركة الاسلامية او المؤتمر الوطني يمضي في التمادي والتوسع والسيطرة العسكرية في الميدان، كيف التصرف وإمكانية الفصل بين الجيش والإسلاميين؟

الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطنى حكم السودان ثلاثة عقود وما يحدث الآن أحد نتائج حكمه بصناعته للفاعلين الآن، أسقطه الشعب بثورة مشهودة على مستوى العالم، هنالك تيار منه أشعل الحرب ومازال مصراً على استمرارها بهدف الوصول إلى السلطة رغم انف السودانيين، وهذا التيار هو الأخطر على الاستقرار فى السودان بحكم تغلغله فى الجيش نتيجة حكمه منفرداً لثلاثة عقود وبنائه مليشياته وكتائبه المسلحة والتى تشارك اليوم علناً فى الحرب وبفقه دينى هو الأكثر تطرفاً وإرهاباً، ولا حل إلا بمواجهته حتى انتزاع صفته العسكرية ومواجهة فقهه المتطرف بالفكرة المنتصرة للعصر والمستقبل والتعايش والنهوض .وعلى الآخرين منهم ادانة هذا النهج المتطرف ومراجعة تجربتهم فى الحكم والإعتراف بثورة ديسمبر ابريل المجيدة ورغبة شعبنا فى الحكم المدنى المستدام والاحتكام للشعب. وإدانة الانقلابات العسكرية التى لم تورث بلادنا إلا الخراب والتأخر عن ركب الشعوب. والإعتراف بالآخر المختلف وحقه فى وطن يضم الجميع . ” المليشيات أول ما تحرق من صنعها ولابد من حلها والفصل بين الإسلامويين والجيش لا يتم إلا ببنائه كمؤسسة وطنية “ – برزت على الأرض الكثير من المليشيات المسلحة التي تمضي في التوالد مما يزيد من اهمية عامل الوقت، إلى أي مدى يزيد ذلك من تعقيد المشهد نحو السلام، وكيف تنظرون لمعالجة الوضع ؟ مؤكد هذا يعكس عسكرة الحياة فضلا عن أنه يعيد تجارب وحياة ال البربون لا يتعلمون ولا ينسون… هذا طريق لابد نهايته معروفة وحدثت بتكوين الدعم ولم تنتهى به الآن، لابد من حل كل هذه المليشيات وعدم استخدامها كأوراق سياسية لأنها بالتجربة سوف تحرق أول ما تحرق من صنعها … والتجارب كثيرة فى ذلك .أما الفصل بين الاسلامويين والجيش لا يتم إلا باصلاح الجيش وبنائه كمؤسسة وطنية لها مهامها كأي مؤسسة وطنية أخري.

” التعامل مع المطامع الإقليمية والدولية يحتاج لرؤية وطنية مفقودة في تجاربنا الشمولية المغطية بعدم الشفافية والقمع “ -المطامع والمصالح الإقليمية والدولية بدت واضحة خلال الحرب، فهل ترون إمكانية للاستفادة منها والتعامل معها في اطار مصلحة الوطن ووقف الحرب؟

المطامع والمصالح الإقليمية والدولية متواجدة ما وجدت الدول وحدودها وهذا أمر طبيعي ولكنه يحتاج إلى رؤية وطنية مخلصة تعرف كيف تحقق مصالح الوطن وتضع حدود للمصالح الأخرى المشروعة وفق التعامل الدولى، وهذه الرؤية مفقودة فى تجاربنا الشمولية جميعها تغطى بعدم الشفافية والوضوح والقمع، وهذا أحد أسباب المطالبة بالحريات فى كل الثورات والانتفاضات الوطنية التى قامت ومازالت تطلب الحكم المدنى لأنه لايصلح ولا يستقيم إلا فى مناخ الحريات وإشاعة الشفافية.

– هل لديكم تواصل مع التحالف التأسيسي وبقية الحركات المسلحة حتى تلك المتحالفة مع الجيش، واذا كان ذلك الى أي مدى يمضي الحوار معها؟.

القضايا الوطنية تتطلب التواصل مع شركاء الميدان السياسى باستثناء الذين لفظهم الشعب وركل حكمهم ، خصوصاً من هم جزء من التوافق المطلوب لبناء أرضية الإنتقال والعملية السياسية، ناهيك عن استثنائية ظرف الحرب والعمل مع كل من ينادى بإيقافها من القوى الوطنية. واعتقد الحوار لابد أن يستمر من أجل إيجاد سبل لإيقاف الحرب باعتباره الآن يمثل الضرورة القصوى، وأتمنى أن يستمر الحوار حتى تتوقف الحرب باسرع ما يكون.

صحيفة مداميك

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا