آخر الأخبار

أطباء بلا حدود: النساء في دارفور يتعرضن  للاغتصاب في وضح النهار

شارك

قالت منظمة أطباء بلا حدود إن النساء والفتيات بإقليم دارفور في السودان

يتعرضن للاغتصاب في وضح النهار، ويواجهن فظائع لا توصف وأنهن معرضات لخطر العنف الجنسي بشكل شبه مستمر. ولا يزال من الصعب تحديد الحجم الحقيقي لهذه الأزمة، فالخدمات لا تزال محدودة ويواجه الناس عوائق في طلب العلاج أو التحدث عن محنتهم.

ونشرت أطباء بلا حدود اليوم بيانات من مشاريعها التي تقدم فيها الرعاية للناجيات من العنف الجنسي في شمال وغرب وجنوب دارفور ومن شرق تشاد.

وأوضحت أطباء بلا حدود أنها قدمت الرعاية إلى 659 ناجيةً وناجيًا من العنف الجنسي في جنوب دارفور بين يناير/كانون الثاني 2024 ومارس/آذار 2025: وقد كان 31 في المئة أصغر من 18 عامًا، وسبعة في المئة أصغر من عشرة أعوام، و2.6 في المئة أصغر من خمسة أعوام.

وأضافت أصبح العنف الجنسي واسع الانتشار إلى درجة مرعبة جعلت الكثير من الناس يعتبرونه واقعاً لا مفر منه. لكن سبل الحصول على الرعاية شحيحة.

وتابعت بالقول نحن أمام حالة طوارئ طبية لا يمكن تجاهلها.

وحذّرت أطباء بلا حدود اليوم من أن النساء والفتيات بإقليم دارفور في  السودان معرضات لخطر العنف الجنسي بشكل شبه مستمر. ولا يزال من الصعب تحديد الحجم الحقيقي لهذه الأزمة، فالخدمات لا تزال محدودة ويواجه الناس عوائق في طلب العلاج أو التحدث عن محنتهم. إلا أن جميع الناجيات اللواتي تحدثن مع فرق أطباء بلا حدود في دارفور وعبر الحدود في تشاد روين قصصًا مرعبة قائمة على العنف الوحشي والاغتصاب. وفيما يتعرض الرجال والفتيان كذلك للخطر، فإن حجم المعاناة يفوق الوصف.

وفي هذا الصدد، تقول منسقة الطوارئ في أطباء بلا حدود، كلير سان فيليبو، “لا تشعر النساء والفتيات بالأمان في أي مكان. فهن يتعرضن للاعتداء في منازلهن أو خلال الفرار من العنف أو عند الحصول على الطعام أو جمع الحطب أو العمل في الحقول. يخبرننا أنهن يشعرن بأنهن محاصرات. فهذه الهجمات شنيعة ووحشية وغالبًا ما يتورط فيها جناة عدة. يجب وضع حد لهذا. فالعنف الجنسي ليس نتيجة طبيعية أو حتمية للحرب، بل يمكن أن يشكل جريمة حرب وشكلًا من أشكال التعذيب وجريمة ضد الإنسانية. وعلى الأطراف المتحاربة محاسبة مقاتليها وحماية الناس من هذا العنف المقزز ويجب توسيع نطاق الخدمات المقدمة للناجيات على الفور، حتى يتسنى لهن الحصول على العلاج الطبي والرعاية النفسية التي تشتد حاجتهن إليها”.

العنف الجنسي ليس نتيجة طبيعية أو حتمية للحرب، بل يمكن أن يشكل جريمة حرب وشكلًا من أشكال التعذيب وجريمة ضد الإنسانية. كلير سان فيليبو، منسقة الطوارئ في أطباء بلا حدود

ويُشار إلى أنّ العنف الجنسي قد أصبح منتشرًا على نطاق واسع في دارفور إلى درجة مرعبة جعلت الكثير من الناس يعتبرونه قدرًا لا مفر منه.

قالت امرأة تبلغ من العمر 27 عامًا لفريق أطباء بلا حدود في غرب دارفور، “يأتي بعض الأشخاص ليلًا لاغتصاب النساء وأخذ كل شيء، بما في ذلك الحيوانات. سمعتُ بعض النساء وهن يُغتصبن ليلًا. أما الرجال، فكانوا يختبئون في المراحيض أو في بعض الغرف التي يمكنهم إغلاقها، مثل زوجي وإخوتي، وإلا لقُتلوا. فالنساء لم يختبئن لأن مصيرنا اقتصر على الضرب والاغتصاب، أما الرجال فكانوا يُقتلون”.

يتعرض الناس للاغتصاب والضرب ضمن سياقات تتجاوز الهجمات على القرى والبلدات أو رحلات الهروب إلى بر الأمان، فالمساعدات الإنسانية المحدودة تجبر الناس على المخاطرة للبقاء على قيد الحياة: يقطع الناس مسافات طويلة سيرًا على الأقدام لتلبية احتياجاتهم الأساسية ويعملون في أماكن خطرة. وقد يقرر آخرون عدم المخاطرة، لكنهم ينقطعون عن مصادر دخلهم، ما يحدّ من إمكانية حصولهم على الماء والغذاء والرعاية الصحية. وهذا ليس بضمانة للسلامة، فالناس يُهاجمون حتى في بيوتهم.

قدمت أطباء بلا حدود الرعاية إلى 659 ناجيةً وناجيًا من العنف الجنسي في جنوب دارفور بين يناير/كانون الثاني 2024 ومارس/آذار 2025


* أفاد 86 في المئة أنهم تعرضوا للاغتصاب.
* تمثل النساء والفتيات 94 في المئة من الناجين.
* أفاد 56 في المئة أن المعتدي شخص غير مدني (أي أحد أفراد الجيش أو الشرطة أو قوات الأمن الأخرى أو الجماعات المسلحة غير الحكومية).
* أفاد 55 في المئة بأنهم واجهوا عنفًا جسديًا إضافيًا أثناء الاعتداء.
* تعرّض 34 في المئة للعنف الجنسي أثناء العمل في الحقول أو التوجه إليها.
* 31 في المئة أصغر من 18 عامًا، و29 في المئة في سن المراهقة (بين عشرة و19 عامًا)، وسبعة في المئة أصغر من عشرة أعوام، و2.6 في المئة أصغر من خمسة أعوام.ويُرجّح أن هذه الإحصائيات المؤرّقة لا تعكس الحجم الحقيقي للعنف الجنسي في جنوب دارفور.

قدمت أطباء بلا حدود الرعاية إلى 659 ناجيةً وناجيًا من العنف الجنسي في جنوب دارفور بين يناير/كانون الثاني 2024 ومارس/آذار 2025:

94 %

نساء و أطفال

56 %

أفادوا أن المعتدي شخص غير مدني

31 %

أصغر من 18 عامًا

ويعدّ الوضع مماثلًا في أماكن أخرى تقدم فيها أطباء بلا حدود الرعاية للناجيات والناجين، مثل شرق تشاد التي تستضيف حاليًا أكثر من 800 ألف لاجئ سوداني. ففي أدري، عالجت أطباء بلا حدود 44 ناجية وناجيًا منذ يناير/كانون الثاني 2025، ونصفهم تقريبًا من الأطفال. وفي إقليم وادي فيرا، تلقى 94 ناجيًا وناجيةً العلاج بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، وكان 81 منهم دون سن الـ 18 عامًا. وتؤكد على ذلك شهادات المريضات والمرضى ومقدمي الرعاية في كل من شرق تشاد ودارفور في السودان.

وفي هذا السياق، يقول رجل لفريق أطباء بلا حدود في مورني بغرب دارفور، “قبل ثلاثة أشهر كانت هناك فتاة صغيرة تبلغ من العمر 13 عامًا اغتصبها ثلاثة رجال… أمسكوا بها واغتصبوها ثم تركوها في الوادي… نادوا على بعض الأشخاص لأخذ الفتاة إلى المستشفى. كنت أحدهم. كانت فتاة صغيرة”.

وقد أفادت عدة ناجيات بتعرضهن للاغتصاب من قبل عدة أشخاص. ففي ميتشي بشرق تشاد، تلقت 24 ناجية العلاج بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، وقد تعرضت 11 منهن لاعتداءات من عدة معتدين. وتؤكد على ذلك التجارب التي شاركتها المريضات في مختلف المواقع. تقول إحدى الناجيات من الاغتصاب والتي تبلغ من العمر 17 عامًا لفريق أطباء بلا حدود، “عندما وصلنا إلى كلبس، رأينا مجموعة من ثلاث نساء يحرسهن بعض رجال قوات الدعم السريع. أمرتنا قوات الدعم السريع بالبقاء معهن. قالوا لنا، “أنتن زوجات الجيش السوداني أو بناته… ثم ضربونا، واغتصبونا هناك على الطريق في العلن. كان هناك تسعة رجال من قوات الدعم السريع. اغتصبني سبعة منهم. أردت أن أفقد ذاكرتي بعد ذلك”.

أردت أن أفقد ذاكرتي بعد ذلك. إحدى الناجيات من الاغتصاب

وفي بعض الحالات، اتهم المعتدون الناجيات بشكل مباشر بدعم الطرف الآخر. شاركتنا إحدى النساء قصتها، “أحمل شهادة في تمريض الإسعافات الأولية. [عندما أوقفتنا] قوات الدعم السريع، طلبوا أن أعطيهم حقيبتي. عندما رأوا الشهادة بداخلها، قالوا لي، “أنتِ تريدين إسعاف الجيش السوداني، تريدين علاج العدو!”، ثم أحرقوا شهادتي وخطفوني لاغتصابي وطلبوا من الجميع البقاء على الأرض، كنت مع بعض النساء الأخريات، ومنهن أختي. اغتصبوني فقط بسبب شهادتي”.

من الضروري أن تحصل الناجيات على الخدمات بعد الاعتداء، فالعنف الجنسي يمثل حالة طبية طارئة ويمكن للعواقب الجسدية والنفسية الفورية والطويلة الأمد أن تهدد الحياة. ومع ذلك، تعاني الناجيات من أجل الحصول على الرعاية الطبية والحماية بسبب نقص الخدمات ومحدودية الوعي بالخدمات القليلة الموجودة وارتفاع تكلفة النقل للوصول إلى المرافق والتردد في الحديث عن الاعتداء بسبب العار أو الخوف من الوصمة أو الانتقام.

وفي هذا السياق، تقول إحدى الناجيات البالغة من العمر 27 عامًا لفريق أطباء بلا حدود في شرق تشاد، “لا أستطيع أن أقول أي شيء للمجتمع لأن ذلك سيجلب العار لعائلتي، لذا لم أقل أي شيء عما حدث لي قبل اليوم. والآن أطلب المساعدة الطبية فقط. كنت خائفة جدًا من الذهاب إلى المستشفى. قال لي أهلي ألّا أخبر أحدًا”.

وحيثما توجد الخدمات، تحتاج الناجيات إلى مسارات إحالة واضحة وسهلة للحصول على المساعدة التي يحتجنها. ففي ولاية جنوب دارفور التي تضم أكبر عدد من النازحين في السودان، أضافت أطباء بلا حدود في أواخر عام 2024 مكوّنًا مجتمعيًا لرعاية الناجيات من العنف الجنسي. فقد تلقت القابلات والعاملات في الرعاية الصحية المجتمعية التدريب والإعداد لرفد الناجيات بوسائل منع الحمل الطارئة والإسعافات النفسية الأولية، كما دعمنا إحالة الناجيات إلى عيادات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات المتخصصة التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود كي يحصلن على الرعاية الشاملة. ومنذ إضافة هذا المكوّن المجتمعي، شهدت أطباء بلا حدود زيادة كبيرة في عدد النساء والمراهقات اللاتي يطلبن الرعاية.

تستمر فرق أطباء بلا حدود باستقبال ناجيات جديدات من العنف الجنسي. ففي طويلة، حيث يستمر توافد الناس بعد الهجمات على مخيم زمزم، وفي الفاشر بشمال دارفور، استقبل المستشفى 48 ناجية من العنف الجنسي بين يناير/كانون الثاني وبداية مايو/أيار، وصلت معظمهن مع بداية القتال في مخيم زمزم في أبريل/نيسان.

وفي هذا الصدد، تقول مديرة الطوارئ الطبية في أطباء بلا حدود، روث كوفمان، “هنالك نقص في الوصول إلى الخدمات المخصصة للناجيات من العنف الجنسي، ويجب توسيع نطاقها بشكل عاجل، شأنها شأن معظم الخدمات الإنسانية وخدمات الرعاية الصحية في السودان. فالأشخاص الذين يعانون من العنف الجنسي – ومعظمهم من النساء والفتيات – بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية، بما في ذلك الدعم النفسي وخدمات الحماية. يجب أن تكون الرعاية مصممة منذ البداية لتخفف من العوائق الكثيرة التي تواجهها الناجيات عند طلب الرعاية الطبية في أعقاب العنف الجنسي”.

يجب أن تتوقف الاعتداءات الوحشية والاغتصابات، ويجب أن تضمن الأطراف المتحاربة حماية المدنيين وأن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين ويجب فورًا توسيع نطاق الخدمات الطبية والإنسانية للناجيات والناجين من العنف الجنسي في دارفور وشرق تشاد.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا