آخر الأخبار

حرب المسيّرات وقطع العلاقات مع الإمارات.. تحذيرات من آثار اقتصادية وسياسية خطيرة

شارك

تشهد مدينة بورتسودان ومدن أخرى منذ أكثر من أسبوع قصفا مستمرا بالطائرات المسيرة، وذلك لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

على إثر ذلك أعلن مجلس الأمن والدفاع الأسبوع الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات بتهمة دعم وتمويل قوات الدعم السريع، وتضمن القرار إغلاق السفارة والقنصلية السودانية في الإمارات، وإعلان الإمارات دولة عدوان.

فور اتخاذ القرار، تصاعدت المخاوف من الآثار الاقتصادية والسياسية والإنسانية المحتملة، حيث دعت الصين وتركيا رعاياهما لمغادرة السودان فوراً، فيما أعلنت الخطوط المصرية والإثيوبية تعليق رحلاتهما إلى بورتسودان إلى أجل غير مسمى إثر استهداف مطار بورتسودان بالطائرات المسيرة. كما أعلنت الأمم المتحدة تعليق رحلاتها الجوية الإنسانية إلى مطار بورتسودان منذ الرابع من مايو الجاري.

واستهدف القصف بالمسيرات مطاري بورتسودان وكسلا ومدن أخرى كما قصف مستودعات الوقود الاستراتيجية ومحطة الكهرباء ومقرات عسكرية وغيرها من الأهداف.

مخاوف

أعرب السودانيون في الإمارات عن مخاوفهم من الآثار المحتملة للقرار عليهم خاصة وأنه تضمن اغلاق القنصلية التي تقدم الخدمة لعشرات الآلاف من السودانيين في الامارات.

لكن وزارة الخارجية السودانية أعلنت استمرار القنصلية السودانية في دبي في تقديم الخدمة إلى إشعار آخر. وأعرب السفير المتقاعد الصادق المقلي في حديث لراديو دبنقا عن استغرابه لقرار وزارة الخارجية السودانية باستمرار عمل القنصلية السودانية في الإمارات على الرغم من قرار مجلس الأمن والدفاع بإغلاق السفارة والقنصلية.

وأوضح أن الأعراف الدولية تكفل رعاية مصالح الدول عبر دولة أخرى في حال قطع العلاقات عبر دولة أخرى. وأضاف:” لو أن القنصلية واصلت عملها بشكل عادي فهذا يعني أن قطع العلاقات غير مكتمل”. واصفا ما يجري بأنه تخبط.

من جهتها، أعلنت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ الاماراتية، إعفاء السودانيين من الغرامات المتعلقة بتصاريح الإقامة وأذونات الدخول. بدورها أشادت الجالية السودانية في الإمارات بالقرار.

آثار متوقعة

توقع استاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية والخبير الاقتصادي، البروفيسور حسن بشير، في مقابلة مع راديو دبنقا، أن يؤدي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، بجانب الإطلاق المستمر للمسيرات على بورتسودان إلى آثار اقتصادية وسياسية على المدى القصير والمتوسط.

وقال البروفيسور حسن بشير إن قطع العلاقات سيؤثر على التجارة وحركة الواردات والصادرات وسلاسل الإمداد مبينا أن السودان يعتمد على الموانئ الإماراتية في الاستيراد والتصدير مثل ميناء جبل علي. ويضيف أن السودان ربما يلجأ إلى الموانئ السعودية والمصرية مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن.

تضرر صادرات الذهب

وحول صادرات الذهب، يرى البروفيسور حسن بشير أن صادرات الذهب الرسمية وغير الرسمية من السودان إلى الامارات ربما تتأثر، واعتبر ذلك موردا لا يمكن تعويضه.

ولكن السفير الصادق المقلي استبعد تأثر صادر الذهب المرتبط بالقطاع الخاص متوقعا استمرار تصدير الذهب بواسطة التجار والشركات إلى دبي. ولكنه أكد في الوقت ذاته إنه من غير الطبيعي أن تواصل مؤسسات الدولة تصدير الذهب في ظل قطع العلاقات.

في فبراير الماضي، أعلنت الشركة السودانية للموارد المعدنية التابعة للحكومة ارتفاع الصادرات الرسمية للذهب إلى 64 طنا عام 2024، مقارنة بـ41,8 طن عام 2022.
والإمارات العربية المتحدة هي ثاني أكبر مصَدِّر للذهب في العالم، وفقًا لبيانات بورصة دبي للذهب والسلع، لتحلّ محل المملكة المتحدة منذ 2023. وهي أيضًا الوجهة الأساسية لعمليات تهريب الذهب من إفريقيا، .

وقال وزير المعادن السوداني محمد بشير أبونمو، في مقابلة قبل قطع العلاقات، أن دولة الإمارات شريك تجاري اختارته شركات الذهب السودانية.

وبعد صدور قرار قطع العلاقات، نفى وزير المعادن محمد بشير أبو نمو ما تم تداوله على بعض المنصات بشأن توجيهه بإيقاف صادر الذهب والمعادن الأخرى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً أن الخبر لا أساس له من الصحة ووصفه بأنه “مدسوس”.

وأوضح الوزير في تصريح نشره عبر حساباته الرسمية أن الجهة المختصة بإصدار مثل هذا النوع من القرارات ليست وزارة المعادن، مشددًا على أن تداول مثل هذه الأخبار الكاذبة يهدف إلى التضليل وإحداث بلبلة.

وأضاف أبو نمو: “بصرف النظر عن موقفي الشخصي أو الرسمي، فإنني لست الجهة المختصة بإصدار مثل هذا القرار”، في إشارة إلى أن سياسات الصادر تدخل ضمن صلاحيات مؤسسات أخرى بالدولة.

شح في الوقود

يقول البروفيسور حسن بشير إن واردات المواد البترولية إلى السودان ستتضرر بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات خاصة وأن السودان يعتمد على شركة إماراتية في توريد الوقود.وتوقع حدوث نقص في الوقود مع ارتفاع أسعاره حتى في حال اللجوء إلى بدائل مثل السعودية وليبيا.

والاسبوع الماضي، وعقب الحريق الذي اندلع في مستودعات الوقود الاستراتيجية في بورتسودان جراء القصف بمسيرة، شهدت ولايات البحر الأحمر ونهر النيل وكسلا أزمة خانقة في المواد البترولية، وتسببت الندرة في صفوف طويلة للمركبات أمام محطات الوقود فضلا عن ارتفاع أسعاره في السوق السوداء.وكشفت مصادر عديدة لراديو دبنقا عن انفراج أزمة الوقود منذ يوم الجمعة.

خسائر مالية

يتوقع البروفيسور حسن بشير خسائر فيما الأوراق المالية المملوكة للسودان في سوق دبي. كما ستتضرر فروع الشركات والبنوك السودانية في الإمارات فضلا عن اشكاليات ربما التحويل عبر تطبيق بنكك الذي يتبع لبنك الخرطوم المملوك جزئيا للإمارات.

لكن إدارة بنك الخرطوم أعلنت أنها ستواصل عملها كالمعتاد ملتزمة بتوجيهات بنك السودان.

ونبه البروفيسور بشير إلى آثار محتملة فيما يتعلق بتحويلات السودانيين في الإمارات ، حيث يزيد عدد الذين يقيمون بصورة رسمية عن مائة ألف شخص .

ارتفاع تكاليف السفر

يتوقع البروفيسور حسن بشير ارتفاع تكاليف السفر بعد القصف المتكرر لمطار بورتسودان مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على تذاكر الطيران.

وأعلنت الخطوط الإثيوبية والمصرية تعليق رحلاتها إلى مطار بورتسودان إلى أجل غير مسمى بينما قلصت خطوط أخرى رحلاتها من وإلى بورتسودان.

وكانت الخطوط التركية أعلنت عن بدء رحلاتها بين اسطنبول وبورتسودان في بداية يونيو المقبل ولكن من المتوقع تأجيل الأمر إلى أجل غير مسمى بعد التطورات الأخيرة.

استثمارات ضخمة

يقول البروفيسور حسن بشير إن الامارات من أكبر المستثمرين في القطاع العقاري والزراعي بالسودان، متوقعا تضرر الاستثمارات، وتوقف المعونات الإنسانية مما قد يؤثر على القطاع الصحي.

ويقدر خبراء حجم استثمارات الإمارات في السودان ب 7 مليارات دولار وتتركز في الزراعة والسياحة،
ويبلغ حجم التبادل التجاري ما بين السودان ودولة الإمارات والذي 4.4 مليارات دولار .

ويرى البروفيسور حسن بشير أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين السودان والإمارات سيشعل التنافس الخليجي على القرن الافريقي وقد تحاول قطر وتركيا ملء الفراغ الذي أحدثه قطع العلاقات مع الإمارات.وأكد أن حرب المسيرات الدائرة حالياً بالغة الخطورة على الشعب السوداني من الناحية الاقتصادية والأمنية، وستؤدي لزيادة حركة الهجرة والنزوح واللجوء، مما يؤثر على دول الجوار، متوقعا حدوث آثار إقليمية خطيرة. وأكد أنها ستؤدي إلى خسائر اقتصادية وستزيد من تكلفة إعادة الإعمار.ولم يستبعد البروفيسور حسن بشير تدخل الإدارة الأمريكية لمعالجة الأزمة السودانية مشيرا إلى زيارة ترمب الخليجية التي ستبدأ غدا.

وقال إن من بين خيارات السلطات في بورتسودان الاتجاه نحو تركيا وروسيا والصين،مما يمكن أن يثير حفيظة دول الخليج المرتبطة بأمريكا، كما أن ارتباط السلطات بالإسلاميين سيزيد من شكوك ذات الدول، وربما تؤدي إلى سيناريو القطيعة والعزلة الدولية مما يتسبب في انهيار الاقتصاد. وتابع :”العزلة الدولية التي عاشها السودان منذ عام 1989 والحروب والنزاعات والعقوبات والحكم الديكتاتوري أدت إلى جعله أكثر دول العالم فقرا” .ولم يستبعد البروفيسور حسن بشير أن يفتح قطع العلاقات بين السودان والإمارات د الباب لعلاقات جديدة مع دول أخرى على. المدى البعيد.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا