يدفع ملايين الأطفال السودانيين حياتهم وطفولتهم وتعليمهم ثمنًا لحربٍ دامت أكثر من عامين. عامان من الكارثة على الأطفال، حيث اغتُصبت فتياتٌ لا تتجاوز أعمارهن ست سنوات، وحُرم الملايين من تعليمهم ونُزِّحوا من ديارهم. أصبح الأطفال متسولين، جائعين، أميين، مرضى بسوء التغذية، وجميع الانتهاكات الأخرى الناجمة عن الحرب.
وكشفت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، عن حصيلة جديدة حول الوفيات وسط الأطفال بسبب سوء التغذية، حيث بلغت 45 ألف حالة وفاة منذ اندلاع النزاع ، وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، أن يعاني 3.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد هذا العام، منهم 770 ألف طفل يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم الذي يجعل الأطفال أكثر عرضة للوفاة من المرض بمقدار 11 مرة.
الموت ليس وحده الذي قضى على أحلام الأطفال في السودان وحياتھم ، خطر الامية لازال يلاحق جيل بأكمله، حيث قالت “يونسيف” أن أكثر من 16 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة، ونحو 17 مليون طفل خارج المدرسة منذ عامين. وتواجه الفتيات مخاطر جسيمة، بما فيها العنف الجنسي والاتجار والزواج القسري.
وأشارت مديرة برامج الطوارئ في منظمة اليونيسف لوشيا إلمي في تصريحات صحفية بجنيف، إلى أن السودان يخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال، مؤكدة أن أطفال السودان محاصرون في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ويعصف بهم الصراع والنزوح والجوع.
وأضافت لوشيا أن الأطفال يقتلون ويُشوهون ويُهجرون، مع الإبلاغ عن انتهاكات جسيمة يوميا. ويواجه الكثيرون منهم خطر التجنيد والاستخدام من قبل الجهات المسلحة وعمالة الأطفال والزواج المبكر. أما الخسائر النفسية فهي مدمرة، فقد ترك الصراع والفقدان والنزوح الأطفال يعانون من القلق والاكتئاب والصدمات.
شھيد كل ساعة
من جهتها قالت عضو اللجنة التمهيدية -فرعية خصوصي أم درمان- أديبة إبراهيم السيد، لـ “سودان تربيون”، إن “حصيلة حالات الإصابة بالأمراض وسط الأطفال ارتفعت بصورة كبيرة نتيجة لاستمرار الحرب، كما توفي 45 ألف طفل بسبب سوء التغذية منذ اندلاع النزاع”.
وأشارت إلى أن اللجنة رصدت وفاة طفل أو طفلين كل ساعة بمخيم كلما بجنوب دارفور ومخيم زمزم بشمال دارفور ومراكز الإيواء في مدينة أدري شرقي تشاد التي تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين.
أفادت بأن رصد وفاة طفل أو طفلين كل ساعة يشمل مراكز الإيواء البعيدة عن الخدمات
وكشفت أديبة إبراهيم السيد عن إصابة أكثر من 286 ألف طفل بسوء التغذية الذي أودي بحياة 166 ألف رضيع من حديثي الولادة.
وأفادت بأن الحصار المفروض على ولاية جنوب كردفان أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بمرض السل وسوء التغذية إلى 340 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 16 عامًا.
وذكرت أن 178 ألف طفل توفوا جراء الإصابة بالكوليرا، كما أصيب 477 ألف طفل بمرض الحصبة و359 ألف طفل بمرض البروجين و122 طفلًا بشلل الأطفال.
وأرجعت أديبة انتشار هذه الأمراض إلى ضعف المناعة الناتجة عن سوء التغذية وعدم توفر الرعاية الصحية والازدحام في دور الإيواء ومخيمات النزوح وشح المياه ونقص الغذاء.
حرمان من التعليم
يواصل الأطفال دفع أعلى ثمن لأزمة ليست من صنعهم، ويتزايد ذلك بأرواحهم. ووفقًا لليونيسف، يُعد السودان الآن أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم.
وفرّ ثلاثة ملايين طفل من العنف المنتشر بحثًا عن الأمان والغذاء والمأوى والرعاية الصحية – معظمهم داخل السودان – بينما لجأ مئات الآلاف إلى مخيمات مؤقتة مترامية الأطراف في البلدان المجاورة. التقت مدنية نيوز مع ميادة، وهي فتاة من الفاشر، جاءت مع عائلتها.
وقالت إن الحرب حرمتها من دراستها، حيث كانت تدرس في الصف السادس في مدرسة الحميراء في الفاشر. كما حرمتها من فرصة التعلم، حيث لن تتمكن من الذهاب إلى المدرسة بعد وصولها إلى ولاية الشمال، محلية الدبة.
وأكدت انها لا تعرف ما إذا كان ذلك ممكنًا. وأضافت أنه لا أحد في الملجأ الذي لجأت إليه يذهب إلى المدرسة، ولم يتم إرشادها بشأن ضرورة الذهاب إلى المدرسة.
ميادة واحدة من مئات من الطالبات اللائي حرمن من التعليم بسبب النزوح المتكرر تارة وبسبب عدم استيعابھم في المدراس بمناطق استقرارھم تارة أخرى.