آخر الأخبار

إظلام إعلامي شبه كامل في السودان في الذكرى الثانية لاندلاع القتال

شارك

لم يَسلَم الصحافيون ووسائل الإعلام السودانية من ويلات الصراع خلال العامين الأخيرين، وبينما هرب المئات من العاملين في القطاع الإعلامي إلى دول الجوار، يعيش السودان ظلمة إعلامية أفسحت المجال للأخبار الكاذبة والشائعات التي ساهمت في انتشار الكراهية وزيادة الانقسام.

وبعد مضي عامين على الحرب السودانية، تعيش البلاد حالة إظلام إعلامي شبه كامل، غابت فيه الحقائق في مقابل انتشار المعلومات المضللة والعنصرية وخطاب الكراهية. ومن بين أكبر ضحاياها الصحافة المستقلة، والأخبار والمعلومات الدقيقة والصحيحة والموثوقة، بحسب ما أكد منتدى الإعلام السوداني.

وأضاف المنتدى في بيان في الذكرى الثانية لبداية الحرب المدمرة في البلاد، أن تغييب الصحافة السودانية الوطنية المهنية أفسح المجال لإعلام متحيز ودعائي، وآخر ذي أجندات خارجية، لملء الفراغ بتغطيات مضللة لا تعكس الواقع بصدق. وأكد على ضرورة تمكين ودعم المؤسسات الصحفية السودانية للعودة للقيام بمهامها، متمسكة بالمعايير المهنية الصارمة، لوضع حد لفيضان التضليل الإعلامي والامتناع عن ترويج الأخبار مجهولة المصدر.

ويمكن اعتبار أن واقع الصحافة في السودان أبرز مثال على ما تسببت به الحرب من كوارث في البلاد، فالصحف الورقية معطلة، والإذاعات والتلفزيونات الولائية والمستقلة والخاصة متوقفة، ومراكز التدريب والخدمات الإعلامية مغلقة، والاتصالات والإنترنت خارج الخدمة عن أجزاء واسعة من البلاد. والصحافيون مشردون وملاحقون ومقيدون في أداء عملهم المهني والمستقل في التغطية وعكس الحقائق، ما جعل الجمهور السوداني ضحية للشائعات والأخبار الكاذبة والدعاية الحربية المسمومة التي يروّج لها طرفا الحرب ومناصروهما.

وتؤكد المنظمات المهنية أن الشائعات والأخبار الكاذبة تلعب دورا خطيرا في البلاد، لذلك طالب المنتدى الصحافيين والمؤسسات الإعلامية السودانية بالتمسك بقوة وثبات بقواعد وقيم الصحافة المهنية المستقلة لمكافحة انتشار الشائعات والتضليل الإعلامي، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والالتزام الصارم بالمعايير المهنية والتحقق الدقيق من المعلومات قبل نشرها.

منتدى الإعلام السوداني طالب الصحافيين والمؤسسات الإعلامية السودانية بالتمسك بقوة وثبات بقواعد وقيم الصحافة المهنية المستقلة لمكافحة انتشار التضليل الإعلامي

وطالب المنتدى الثلاثاء الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالوقف الفوري لكافة أشكال الاعتداءات على الصحافيين ووسائل الإعلام، واعتبار مقار ومنصات الإعلام (إذاعة، تلفزيون، صحف، مواقع إلكترونية) ومعداتها منشآت مدنية تتمتع بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، ويُجرّم استهدافها أو احتلالها أو مصادرة معداتها من أيّ طرف كما طالب أيضا بالسماح للصحافة الأجنبية والمراسلين الدوليين بالدخول والعمل بحرية والوصول إلى جميع المناطق دون قيود، وتسهيل إجراءاتهم.

ومنذ بدء النزاع السوداني في 15 أبريل 2023، فرَّ ما يزيد عن 400 صحافي من البلاد إلى الدول المجاورة، حيث لجأ معظمهم إلى مصر.

وإذ لا تزال الأزمة الإنسانية الناجمة عن عامين من الحرب غائبة إلى حد كبير عن وسائل الإعلام الدولية، فإن المنابر الإعلامية العاملة من المنفى تقدم تغطية ذات قيمة عالية لما يحدث على الميدان، بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين.

ووفقا للمعلومات التي توصلت إليها منظمة مراسلون بلا حدود، لم يَسلَم الصحافيون من ويلات الصراع خلال العامين الأخيرين، حيث قتلت مختلف الأطراف المتحاربة سبعة فاعلين إعلاميين على الأقل، بينما احتُجز ما لا يقل عن 17 آخرين بسبب طبيعة عملهم.

ونتيجة لهذا العنف الشديد، فرَّ ما لا يقل عن 431 صحافيا إلى البلدان المجاورة للسودان، حيث لجأ 300 إلى مصر، مقابل استقرار 71 في أوغندا، و23 في كينيا، و22 في ليبيا و15 في تشاد، وفقا للمعلومات التي توصلت إليها مراسلون بلا حدود. وفي ظل ذلك، أصبحت وسائل الإعلام السودانية العاملة في المنفى لا تقل عن العشرة، علما أن معظمها مواقع إخبارية.

ويوجد في القاهرة أكبر تجمع للصحافيين السودانيين المنفيين، حيث يعمل في العاصمة المصرية طاقم تلفزيوني تابع لكل من قناتي سودانية 24 وسودان بُكرة، فضلا عن مراسلي صُحف إلكترونية مثل السوداني والساقية بريس والغد السوداني وأفق جديد، علما أن معظم هؤلاء الصحافيين يعملون دون مكاتب. أما مواقع سلام ميديا ودارفور 24 والتغيير، فتنشر محتوياتها من العاصمة الأوغندية كمبالا، بينما يغطي موقعا عين وأتار الاستقصائيان الشأن السوداني من العاصمة الكينية نيروبي. من جانبه، يتَّخذ “بيم ريبورتس” من العاصمة الرواندية كيغالي مقرا له.

القاهرة تحتضن أكبر تجمع للصحافيين السودانيين المنفيين الذين يشكلون جزءا من شبكة واسعة من المواقع الإخبارية

وتُعد هذه المنابر الإعلامية السودانية جزءا لا يتجزأ من شبكة واسعة من المواقع الإخبارية العاملة في المنفى، والتي لا تزال تغطي القضايا المتعلقة بالوضع في السودان. فقد تأسست منصة مشاوير في أبريل 2022، وهي تعمل من باريس، شأنها في ذلك شأن صحيفة سودان تريبيون الإلكترونية، التي أُنشئت عام 2003. أما محطة راديو دبنقا، المتخصصة في دارفور، فقد شرعت في البث والنشر من هولندا خلال عام 2008.

ويتوزع صحفيو “الجريدة” المستقلة عبر مكاتب متعددة في المنفى، حيث يعملون في أوغندا ومصر وإثيوبيا والمملكة العربية السعودية. ففي بيئة العمل الجديدة هذه، حلت مجموعات واتساب محل غرف الاجتماعات التي يتباحث فيها الصحافيون بشأن القرارات التحريرية، علما أن هذا الواقع المزري لا يخفى على شوقي عبدالعظيم، مؤسس موقع “الاستقصائي” ورئيس تحريره، الذي اضطر للفرار إلى مصر، بينما لجأ بعض موظفيه إلى تشاد، في حين توجه آخر إلى جنوب السودان، حيث أوضح في تصريح لمنظمة مراسلون بلا حدود “لقد فقد مراسلونا في السودان وظائفهم ومنازلهم، وهم قلقون أيضا على سلامتهم.”

وقد سُرقت أجهزته الإلكترونية، وهو يعمل أيضا مع وسيلة الإعلام السعودية “المجلة”، علما أن تأشيرته السياحية لا تخول له العمل كصحافي في مصر.

وقال مارتن رو مدير مكتب الأزمات في منظمة مراسلون بلا حدود، “تُحَيِّي مراسلون بلا حدود شجاعة الصحافيين السودانيين وعملهم المتميز في المنفى، ولا يجب ألا ننسى الثمن الباهظ الذي يدفعونه من أجل مواصلة مهمتهم الإعلامية، فبعد أن نجوا بأنفسهم من العنف والدمار، بات معظمهم يعيشون حالة من الهشاشة المُدقعة، حيث يواجهون وضعا إداريا يشوبه عدم الاستقرار في البلدان المضيفة، علما أن الأمر يصل حد الضغوط في بعض الأحيان.”

وفي هذا الصدد، دعت مراسلون بلا حدود الدول المضيفة إلى تسوية أوضاعهم وتوفير ظروف الاستقرار التي يحتاجونها لمواصلة عملهم، مطالِبة بعدم إعادتهم إلى السودان، علما أن المنظمة كانت قد خصَّصت بالفعل منح مساعدة لدعم أكثر من 50 صحافيا سودانيا في المنفى. كما دعت المنظمة، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إلى تعزيز تدابير الحماية للحيلولة دون ترحيل الصحافيين من جهة، ولإعطائهم الأولوية في برامج إعادة التوطين من جهة أخرى. كما حثت المنظمة الجهات المانحة على تعزيز سُبل دعمها لوسائل الإعلام العاملة من المنفى، والتي تُعتبر من الركائز الأساسية التي تقوم عليها المعلومات الحرة والمستقلة.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا