آخر الأخبار

في أوغندا… ليلة وفاء استدعت الصحافة الحرة وروح الأستاذ محجوب محمد صالح 

شارك

أقيمت مساء السبت فعالية تأبين تحت عنوان « محجوب … الهم الوطني قضايا الحرب والسلام» كُرِم من خلالها عميد الصحافة السودانية الراحل المقيم الأستاذ محجوب محمد صالح بالعاصمة الأوغندية كمبالا.

التغيير- فتح الرحمن حمودة

و بحسب متابعة « التغيير » كانت قد جاءت الفعالية بتنظيم من مركز الأيام للدراسات الثقافية و التنمية وسط حضور نخبة من الصحفيين و المثقفين السودانيين الذين كانوا قد توافدوا لتكريم إرث قامة وطنية و إعلامية استثنائيّة

و استهلت الأمسية بكلمة الأستاذ الصحفي حسين سعد ممثل مركز الأيام، تحدث فيها عن دور الفقيد الرائد في ترسيخ ثقافة الديمقراطية و الحوار و السلام من خلال العمل الصحفي الرصين و الملتزم بقضايا البلاد .

و تحدثت الدكتورة هالة الكارب عن علاقتها بالراحل من خلال عملهما المشترك في مركز الأيام و خاصة خلال فترة ثورة ديسمبر و قالت إن الأستاذ محجوب كان دائم الحضور و النشاط رغم تقدمه في السن و تدهور صحته في السنوات الأخيرة مضيفة بأنه كان مثالا في الثبات على المبدأ حيث امتاز بالكلمة الواضحة و الموقف الأصيل و كان يسعى دوما إلى تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف الفاعلة في البلاد .

و أشارت هالة في حديثها إلى أن لقاءهم بالراحل كان يعني الوقوف في حضرة الكلمة الصادقة و الموقف المبدئي و وصفت تجربتها معه بأنها كانت ملهمة و مليئة بالدروس في الالتزام و الاتساق بين القول و الفعل مشيرة إلى دوره الريادي في تمكين المرأة و تعزيز مكانتها داخل المؤسسات خصوصا الصحفية .

و كان الأستاذ محجوب من مؤسسي صحيفة الأيام إلى جانب زميليه بشير محمد سعيد ومحجوب عثمان وظل منذ ذلك الحين رئيسا لمجلس إدارتها ورئيسا لتحريرها كما ظل يدير «مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية» كما أنه اشتهر بزاويته اليومية «أصوات وأصداء» التي ظلت مساحة لتحليل الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد ونقل هموم المواطن السوداني البسيط.

و تحدث الدكتور مرتضى الغالي عن الراحل مسلطا الضوء على تجربته في تغطية قضايا السلام منذ فترة الحكم الذاتي و حتى اتفاقية نيفاشا موضحا أن الأستاذ كان من أوائل الصحفيين الذين سعوا إلى الجنوب لتوثيق الواقع هناك لأن إيمانه كان بأن السلام يبدأ من فهم التنوع.

وأضاف في حديثه أن الأستاذ محجوب كان شاهدا على كل تحولات البلاد ومن أبرز من كتبوا حول مفاهيم الفيدرالية والدستور وضرورة التوافق الوطني مشيرا إلى اجتهاداته أثناء الفترات الانتقالية لا سيما بعد العام 2005 وإسهاماته في تقديم رؤى جادة لتحقيق السلام الشامل.

و أكد الغالي أن محجوب لم ير السلام مجرد توقف للمعارك بل اعتبره مشروعا متكاملا يحتاج إلى عدالة اجتماعية كما شدد على دوره الذي كان في ملف أبيي مبيننا إلى أنه كان مرجعا في تحليل المواقف و قراءة التحولات .

و يعد الراحل الذي عرف بمحافظته على استقلالية الصحيفة رغم التحولات السياسية العاصفة التي شهدتها البلاد واحدا من أبرز أعمدة الصحافة السودانية و وصف ب «عميد الصحفيين السودانيين» لما يمثله من تجربة مهنية وثقافية راسخة تمتد لأكثر من سبعة عقود.

و عقب الأستاذ فيصل محمد صالح حول حديث الدكتور مرتضى الغالي و بدأ بسرد قصص عن الأستاذ محجوب محمد صالح و خبرته الطويلة في الصحافة و العمل العام و التجربة السياسية و قال إن التجارب معه كثيرة جدا و إن الأستاذ محجوب مرجعية سودانية.

و تحدث الأستاذ فيصل محمد صالح في مداخلته عن محطات كثيرة جمعته بالأستاذ محجوب ساردا قصصاً كان قد جمعته به واصفا إياه بأنه مرجعية وطنية في كثير من القضايا مثل قضايا «الدستور والانتخابات » مؤكدا بأنه كان دائما صريحا يقدم الكلمة الصادقة دون تردد و كان يرى في الصحافة أداة للتحرر وليست مهنة فقط.

و ألقى الأستاذ محمد عبد العزيز سكرتير نقابة الصحفيين السودانيين كلمة النقابة مشيدا بالراحل مركز وطني نقابي بارز و قال انه كان حريصا على وحدة الصف الصحفي السوداني و أسهم بشكل فعال في بناء النقابة منذ تأسيسها إلى عودتها مجددا، قائلا في جزء من كلمة النقابة أنه كان حاضرا في كل لحظة فارغة من تاريخ البلاد و لم ينكسر قلمه اختار الصحافة لأن البلاد كانت بحاجة لمنبر حر و كان محجوب يدرك أن الكلمة مسؤولية و كان منحازا للناس و الحرية و الحق حيث كتب عن الجنوب و هو ينزف و الديمقراطية و هي تواد و الصحافة و هي تقيد .

و تناول البروفيسور جمعة كنده في حديثه عن تجربة الراحل في مركز الأيام خاصة في ما يتعلق بقضايا الحرب والسلام وقال أنه كان مفكرا وصحفيا ذا أفق عميق وكتاباته كانت دائما تحمل تحليلا معمقا ونقدا موضوعيا خاصة في ما يتعلق بمفاوضات السلام وذكر أنه من أوائل من نبه إلى مخاطر اختطاف ملف السلام من مساره الجماهيري وكان يدعو إلى تمليك المواطنين المعلومة الدقيقة عن اي مفاوضات تجرى .

وقال كنده على أن محجوب محمد صالح كان يتمتع بقدرة فريدة على قراءة الماضي والحاضر واستشراف المستقبل مما جعله من أهم دعاة بناء ثقافة سلمية في السودان خاصة في العلاقة بين الشمال والجنوب و أنه اهتم بقضايا الحرب و السلام في كل ربوع الوطن و بالتحديد في العلاقة ما بين الشمال و الجنوب قبل الاستقلال و استمر حتى عندما انفصل الجنوب .

و كان قد ألف الراحل عددا من الكتب المرجعية أبرزها «تاريخ الصحافة السودانية في نصف قرن» و «أضواء على قضية الجنوب » و نال عددا من الجوائز الرفيعة من بينها «القلم الذهبي» وأطلقت مؤخرا جائزة صحفية تحمل اسمه تكريما لمسيرته وإرثه المهني .

و تخللت الفعالية فواصل غنائية وطنية أضفت على الأجواء طابعا وجدانيا مؤثراً في حضور نوعي من الصحفيين والمثقفين في العاصمة الأوغندية كمبالا تاكيدا على أن العهد سيتمر بالكلمة الحرة كما أرادها الأستاذ محجوب محمد صالح.

ولد محجوب محمد صالح في الخرطوم عام 1928 وامتدت مسيرته المهنية لأكثر من سبعة عقود سطر خلالها فصولا مشرقة في تاريخ الصحافة السودانية و عُرف بمواقفه الثابتة في الدفاع عن حرية التعبير وقضايا الديمقراطية وظل صوتا مستقلا في وجه القمع والرقابة حتى توفي في القاهرة في 13 فبراير 2024 عن عمر ناهز 96 عاما مخلفا إرثا مهنيا وفكريا خالدا.

التغيير

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا