آخر الأخبار

هيومن رايتس: المدنيون يواجهون انتهاكات فظيعة وأذى متعمدا في جميع أنحاء السودان

شارك

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنه مع دخول النزاع في السودان عامه الثالث، على قادة العالم المجتمعين في لندن في 15 أبريل/نيسان 2025 التحرك فورا لحماية المدنيين، وضمان طريق آمن وخال من القيود لوصول المساعدات. المؤتمر الذي تستضيفه بريطانيا، و”الاتحاد الأوروبي”، وفرنسا، وألمانيا سينعقد بينما ما يزال المدنيون يواجهون انتهاكات فظيعة وأذى متعمدا في جميع أنحاء السودان.

ارتكب كل من “قوات الدعم السريع” والجيش السوداني انتهاكات واسعة، شملت القتل خارج القانون، والعنف الجنسي، وتفشّي النهب، وتدمير البنى التحتية المدنية منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل/نيسان 2023. ارتكبت الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حملة تطهير عرقي في غرب دارفور. قُتل عشرات الآلاف وجُرح آخرون كثر. ما يُقدَّر بـ 12.9 مليون شخص هربوا من ديارهم، ونصف سكان البلاد يواجهون الجوع الشديد بينما تنتشر المجاعة.

قال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “خلال العامين المنصرمين، عرّضت الأطراف المتحاربة في السودان السكان للعذاب والانتهاكات المرعبة ومنعت وصول المساعدات، ما أغرق البلاد في أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميا. على القادة الدوليين ضمان أن تُجرى المحادثات لتحسين الوضع الإنساني مع الالتزام على أعلى المستويات بحماية المدنيين”.

على بريطانيا، كدولة تشارك في استضافة المؤتمر، أن تستفيد من الجهود السابقة التي بُذلت في “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” لتعزيز النقاش بشأن حماية المدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إن عليها ضمان أن تتعهد الدول التي تتبنى النهج نفسه، بما فيها بلدان أفريقيا والشرق الأوسط، بالتزامات ملموسة لحماية المدنيين، مثل تشكيل تحالف من الدول مُكرَّس لدفع هذه الأجندة إلى الأمام والنظر في خيارات مثل نشر بعثة لحماية المدنيين.

كما على المشاركين الاعتراف علنا بالدور المنقذ للحياة الذي يؤديه عمال الإغاثة والصحة المحليون، والالتزام بمنحهم الدعم والحماية، والقول بوضوح إن جرائم الحرب، مثل الهجمات على المرافق الطبية والموظفين الطبيين ستكون لها عواقب.

في الأسابيع الأخيرة، استعاد الجيش السوداني السيطرة على مناطق كانت خاضعة سابقا للدعم السريع. في 27 مارس/آذار 2025، أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن قواته طردت قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم، التي كانت خاضعة بشكل كبير لسيطرتها منذ بدء النزاع. في 20 مارس/آذار، أفادت الأمم المتحدة بمقتل عشرات المدنيين، بمن فيهم عمال الإغاثة المحليون، جراء القصف المدفعي والجوي، وأن قوات الدعم السريع أعدمت ميدانيا أشخاصا في منازلهم، بينما نهبت قوات من كلا الجانبين ممتلكات المدنيين وإمدادات الإغاثة.

قال ثلاثة متطوعين في الخرطوم لـ هيومن رايتس ووتش إن في الأشهر التي سبقت طرد الجيش قوات الدعم السريع من الخرطوم، استهدفت الأخيرة المطابخ الأهلية (أو التكايا) في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واحتجزت العديد من المتطوعين، ونهبت الإمدادات الغذائية، وفرضت ما يسمى بـ “رسوم الحماية”. كما قام الجيش بترهيب واعتقال متطوعين في المناطق الخاضعة لسيطرته.

في 3 أبريل/نيسان، أدان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك التقارير التي تحدثت عن “عمليات قتل خارج إطار القانون، على نطاق واسع، ضد المدنيين في الخرطوم، عقب استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على المدينة في 26 آذار/مارس”.

مع بدء عودة النازحين إلى الخرطوم، تتوالى الصور التي تؤكد الدمار الهائل للبنى التحتية المدنية ونهب الممتلكات. أفادت وسائل إعلام دولية باكتشاف مركز احتجاز تابع لقوات الدعم السريع، وما يصل إلى 550 قبرا جديدا، وتحدث معتقلون سابقون عن تعرضهم للتعذيب والتجويع في الموقع.

قالت امرأة عمرها 51 عاما عادت إلى منزلها في بحري، المدينة الشقيقة للخرطوم، لـ هيومن رايتس ووتش: “عدنا إلى الخرطوم لنجدها خرابا. في حيّنا، فقد الجميع قريبا أو جارا بسبب القتال. بعض جيراننا مفقودون منذ أشهر. اكتشفنا أن الناس يستخدمون ملعبا قريبا كمدفن لأنهم لم يتمكنوا من دفن ذويهم بشكل لائق في المقبرة”.

ما يزال المدنيون يتعرضون للقصف في المناطق التي تستمر فيها الأعمال العدائية. على مدار عام تقريبا، أدى القتال المتواصل في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، إلى مقتل عدد لا يحصى من المدنيين وإجبار الكثيرين على الفرار إلى مخيم زمزم للنازحين على بُعد 15 كيلومتر، حيث أُعلنت المجاعة للمرة الأولى في أغسطس/آب الماضي، الذي هاجمته الدعم السريع مرارا وتكرارا في العام 2025. في يناير/كانون الثاني، أفادت التقارير أن غارة مزعومة بمسيَّرة على مستشفى في الفاشر أسفرت عن مقتل العشرات. أجبرت هذه الهجمات “برنامج الأغذية الغذاء العالمي” التابع للأمم المتحدة على تعليق توزيع الغذاء هناك في فبراير/شباط. ووفقا للأمم المتحدة، قُتل 70 طفلا أو أصيبوا بإصابات بالغة في الفاشر خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها. على القادة المجتمعين في لندن الضغط على الأطراف المتحاربة في الفاشر ومحيطها لحماية المدنيين، والسماح بالتنقل الآمن للأشخاص والمساعدات بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن الصادر في يونيو/حزيران 2024.

خلال هجوم الجيش السوداني لاستعادة ولاية الجزيرة، التي كانت خاضعة بشكل كبير لسيطرة قوات الدعم السريع بين ديسمبر/كانون الأول 2023 وفبراير/شباط 2025، هاجم الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه مدنيين في عاصمة الولاية، ود مدني، والمناطق المحيطة بها. وجدت هيومن رايتس ووتش أن “قوات درع السودان”، وهي مجموعة مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، استهدفت المدنيين وممتلكاتهم عمدا في هجوم على قرية طيبة في 10 يناير/كانون الثاني 2025، ما أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل. كما أفادت التقارير أن قوات الدعم السريع، التي نفذت إعدامات ميدانية، واغتصاب، ونهبا على نطاق واسع في الجزيرة أثناء سيطرتها على الولاية، واصلت أيضا مهاجمة أجزاء من الولاية، ما أسفر عن مقتل 18 شخصا على الأقل في مارس/آذار 2025.

تستمر الغارات الجوية التي يشنها الجيش السوداني، بما في ذلك الهجوم على سوق مزدحمة في طرة، في شمال دارفور، في مارس/آذار 2025، الذي أسفر بحسب التقارير عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص.

يُعيق كلا الطرفين وصول المساعدات ويواصلان استهداف عمال الإغاثة المحليين، في حين أن تخفيضات تمويل المساعدات الإنسانية، بما فيها تلك التي فرضتها إدارة ترامب، قوّضت عمليات الإغاثة، ومسّ ذلك بالقدرة التشغيلية لعمال الإغاثة المحليين. وفي يونيو/حزيران 2024، قال خبراء أمميون إن كلا الطرفين يستخدمان التجويع كسلاح حرب. وفي 14 مارس/آذار 2025، أبلغ الأمين العام لـ “أطباء بلا حدود” مجلس الأمن بأن “العنف ضد المدنيين يُفاقم الاحتياجات الإنسانية”.

قالت هيومن رايتس ووتش إن الإفلات من العقاب على الجرائم في السودان يشجع القوات المنتهكة. في فبراير/شباط 2025، قال تورك إن “المساءلة، بغض النظر عن رتبة الجناة وانتماءاتهم، أمر بالغ الأهمية لكسر حلقة العنف والإفلات من العقاب المتكررة في السودان”.

على الحكومات أيضا أن تلتزم بسد فجوة الإفلات من العقاب بسبل تشمل ضمان الدعم السياسي والمالي اللازم للتحقيقات الجارية، لا سيما من جانب “المحكمة الجنائية الدولية”، و”بعثة تقصي الحقائق” التابعة للأمم المتحدة، و”اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب”، فضلا عن الضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بوصول المراقبين والمحققين المستقلين إلى السودان.

من العوامل الرئيسية الأخرى التي تؤجج العنف وتشجع الأطراف المتحاربة التدفقُ المستمر للأسلحة من جهات خارجية. في سبتمبر/أيلول 2024، وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام معدات أجنبية الصنع، يبدو أنها مُكتسبة حديثا، في مناطق سودانية تشمل دارفور، حيث ما يزال حظر الأسلحة الأممي ساريا.

على القادة المجتمعين في لندن أن يدينوا خروقات حظر الأسلحة من قبل أطراف تشمل الإمارات، وأن يتعهدوا بتوسيع منظومة حظر الأسلحة والعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، ومنع بيع أي أسلحة يمكن أن تصل إلى أيدي الأطراف المتحاربة في السودان.

قال عثمان: “لدى قادة العالم فرصة لاتخاذ إجراءات أكثر حزما لمنع الأطراف المتحاربة من ارتكاب الفظائع ضد المدنيين والسماح بتدفق المساعدات إلى مَن هم في أمسّ الحاجة إليها. على القادة تقديم مساعدات منقذة للحياة، وتقديم الدعم المالي والسياسي لعمال الإغاثة المحليين، ودعم جهود المساءلة، ودعم إنشاء بعثة عالمية لحماية المدنيين”.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا