وصفت مراجع سياسية عربية المؤتمر الإنساني الخاص بالسودان والذي سيعقد في لندن الـ15 من الشهر الحالي، بأنه “صحوة دولية مستحقة، لمعالجة أزمة إنسانية خرجت عن السيطرة”.
وكانت هذه المراجع تتحدث لـ”إرم نيوز” عن المؤتمر الذي تستضيفه بريطانيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا، بموجب اتفاق كان تم التوصل إليه في مارس 2025 لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
ورغم عدم الإعلان عن القائمة النهائية للحضور، إلا أنه من المتوقع حسب المعلومات المتاحة، أن يضم المؤتمر ممثلين للجهات الأوروبية الأربع، فضلًا عن الدول الداعمة مثل الولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة كونها أكبر الدول الداعمة للسودان، ودول الجوار مثل تشاد وكينيا.
ويضاف إلى ذلك منظمة الأمم المتحدة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، والصليب الأحمر، ومنظمات غير حكومية.
أهمية هذا المؤتمر كما تقرؤها المراجع السياسية، تبدأ من تمويل خطة الاستجابة الإنسانية بمتطلبات تصل إلى 4.2 مليار دولار، لتصل في النهاية إلى إلزام عبد الفتاح البرهان بأن يخرج من حالة المماطلة غير المفهومة في قبول التفاوض لإنهاء الحرب، والانتقال في البلد للدخول المبرمج في استعادة الأمن والاستقرار بعيدًا عن “الاستعراضات المفتعلة في شراء الوقت وافتعال الخصومات الخارجية والداخلية”.
وبحسب ما وقفت عليه “إرم نيوز” من معلومات، فإن الجهات الدولية الراعية لمؤتمر الأسبوع القادم، كانت وصلت إلى قناعة بأن البرهان رهن نفسه لجهات نصحته بلعبة توزيع المسؤولية على جهات خارجية لا يكف عن تحميلها المسؤولية حتى لا يواجه هو نفسه استحقاقات تدينه بالذي يعرفه الجميع، حسب وصفها.
وقالت المراجع السياسية: “لا يمكن التصور أن هناك قيادة للجيش في أي بلد في الدنيا لا تقبل مبدأ التفاوض لإنهاء حرب بهذه الكلفة الجهنمية، كما يفعل البرهان الآن”.
ويتزامن مؤتمر لندن الأسبوع القادم مع الذكرى السنوية الثانية للحرب (15 أبريل 2025)، ويأتي في وقت يعاني فيه نصف سكان السودان (حوالي 25 مليون شخص) من انعدام الأمن الغذائي، و5 ملايين على شفا المجاعة، علمًا أن التمويل الحالي لخطة الاستجابة لا يتجاوز نسبة ضئيلة من المطلوب، ما يجعل حشد الموارد أولوية قصوى مصدرها المنظور في معظمه من دولة الإمارات.
في قراءته لأهمية مؤتمر لندن، قال الباحث المتخصص بشؤون إقليم البحر الأحمر الدكتور منذر جميعان، إن المؤتمر يمتلك قوة سياسية راجحة من زاوية رغبته في إيجاد “مسار للسلام” لحل الأزمة السودانية.
وأضاف أن مؤتمر لندن يسعى لإعادة الأزمة السودانية إلى دائرة الضوء الدولية، خاصة مع تزايد الانتهاكات بالقصف الجوي، والعنف الجنسي، والتطهير العرقي الذي اقترفته قوات البرهان في حرب الخرطوم خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكانت الأمم المتحدة أكدت حصولها على أدلة تشير إلى ارتكاب قوات البرهان تصفيات وعمليات قتل خارج القانون راح ضحيتها العشرات في جنوب وشرق العاصمة السودانية الخرطوم خلال الأيام التي تلت دخول الجيش والقوات المتحالفة معه لتلك المناطق في 26 من مارس، ودعت في بيان، يوم الخميس الماضي، إلى الشروع الفوري بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة وفعالة وفقًا للمعايير الدولية.
الباحث السياسي عبد الرحمن نور الدين، عرض في حديثه مع”إرم نيوز” معلومات تفيد بأن منظمات مجتمعية مدنية عربية ذات اختصاص وثيق بحقوق الإنسان، تجهز الآن للمشاركة بمؤتمر لندن الأسبوع القادم بأوراق عمل ضاغطة تستهدف تعميم القناعة بأن البرهان تخلى عن بديهيات وظيفته المفترضة في استعادة السلام، وحان الوقت لتجريمه بتهمة فقدان الشرعية.
وقال نور الدين، إن الأمم المتحدة كانت، قبل أيام، أكدت حصولها على أدلة تشير إلى ارتكاب قوات البرهان تصفيات وعمليات قتل خارج القانون راح ضحيتها العشرات في جنوب وشرق العاصمة السودانية الخرطوم.
وأضاف نور الدين أن الأمم المتحدة دعت إلى الشروع “فورًا” بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة وفعالة وفقًا للمعايير الدولية، وفي قناعتها أن جيش البرهان وإن توسع في الاستعراضات بتحقيق النصر في معركة الخرطوم إلا أنه يعرف في حقيقة نفسه أنه ينفذ أجندة خارجية مأساوية حان الوقت لتفكيكها.
ويستذكر نور الدين أن حيثيات الأيام القليلة الماضية كشفت عن ما يصفه بأنه “جمباز سياسي ثقيل الكلفة” باتت قيادة البرهان تستسهله؛ هربًا من الاستحقاقات المطلوبة منها.