آخر الأخبار

المسيّرات أداة الدعم السريع لاستعادة توازنها في حرب السودان

شارك

لجأت قوات الدعم السريع إلى السلاح الذي استخدمه الجيش السوداني في قلب موازين المعركة لصالحه مؤخرا، واعتمدت بشكل أكبر على مسيّرات متطورة في قصف العديد من المناطق في الولاية الشمالية، واستهداف مناطق حيوية متفرقة لتحقيق اختراق جديد يخدم عناصر الدعم التي تلقت هزائم في ولايات متعددة.

واستخدمت قوات الدعم السريع خلال الأيام القليلة الماضية بشكل لافت المسيرات في هجماتها على مناطق بالولاية الشمالية، ومن ضمنها التي على سد مروى الذي يعد أكبر مصدر للكهرباء في البلاد.

وجاءت الهجمات بعد مرور أيام على تهديد القائد الثاني في قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو باجتياح الولاية الشمالية ونهر النيل شمالي السودان، عقب خسارة قواته التواجد بشكل شبه كامل في العاصمة الخرطوم، ما يشي بأن سياسة الأرض المحروقة ستكون وسيلة لقوات الدعم بحثا عن تقدم ميداني يعيد إليها الدفة مرة أخرى.

واتخذت الحرب في السودان عدة مناح، وكل طرف لا يعتمد فقط على العناصر التابعة له على الأرض، بل يبحث عن تقدم نوعي يساعده على جني مكاسب عسكرية.

ويبدو أن تطوير القدرات العسكرية جوا أثناء المعارك هو أداة استطاع كل طرف توظيفها بدرجات متفاوتة، ما ساهم في وجود قدر من التوازن ظهر خلال عمليات كر وفر متباينة، لكن الكفة لا تزال تميل إلى صالح الجيش الذي انطلق نحو استعادة مناطق مختلفة باستخدام المشاة والاستفادة من الضربات الجوية القاسية.

محمد خليل الصائم: استهداف الولاية الشمالية يرمي إلى خلق واقع جديد

وتحاول قوات الدعم السريع تكرار الأمر ذاته مع الجيش، وتركز عناصرها في مناطق سيطرتها بجنوب كردفان وولايات دارفور، وتتجه إلى استخدام المسيّرات شمالا انتظارا لمرحلة قد تستطيع فيها استجماع قواها البرية بعد خسائر الخرطوم وهروب عدد كبير من عناصرها، وتراجع الروح المعنوية في صفوفهم.

وعمد الجيش إلى تحريك فيالق من المشاة، مكنته من استعادة وسط البلاد، ورافقت هذه القوات مسيّرات تركية وإيرانية لعبت دورا في كسب معركة الخرطوم.

وقلل الخبير الإستراتيجي اللواء محمد خليل الصائم من إمكانية إحداث تغيير في معادلة الحرب بعد أن امتلك الجيش زمام المبادرة وسيطر على الخرطوم وولايات الوسط، معتبرا أن استهداف الولاية الشمالية بمثابة تأليب للمواطنين ضد الجيش، لأن القصف طال مناطق خدمية للإيحاء بأن الجيش لن يستطيع حمايتهم.

وأضاف الصائم في تصريح لـ”العرب” أن استهداف الولاية الشمالية يرمي إلى خلق واقع جديد، يفوّت الفرصة على الوصول إلى مرحلة إنهاء الحرب عبر الحسم العسكري، وإحداث الفُرقة بين أبناء الشمال وولاية نهر النيل وبين أبناء الوسط والغرب هدف مرحلي للدعم السريع، أسوة بما اعترف به عبدالرحيم دقلو من وجود خطأ في بدء المعركة نحو الخرطوم، مع ترويج أن السلطة متركزة بين أبناء الشمال لأكثر من 68 عاما، بينما الواقع يشير إلى أن أبناء دارفور وكردفان وجبال النوبة كانوا ممثلين في هياكل السلطة طوال السنوات الماضية وحتى الآن.

وأشار إلى أن التعويل على تشتيت الجيش على أكثر من جبهة ليس منطقيا، لأن هناك تأمينا للولاية الشمالية، فيما تزحف وفود عسكرية للجيش نحو إقليم دارفور لمساندة القوات المشتركة، والمعركة لن تنتهي سوى بإنهاء سيطرة الدعم السريع على دارفور.

وتسابق قوات الدعم السريع الزمن لإحداث تطور سياسي يخدم هدفها العسكري، وهي تسعى لترتيبات أمنية بين ولاية شرق وجنوب دارفور تمهيدا لأن تكون عاصمة الحكومة الموازية التي قالت إنه سيتم إعلانها من داخل السودان، في جنوب دارفور.

وقال المحلل السياسي السوداني علي الدالي إن قوات الدعم السريع تمكنت من الحصول على أسلحة حديثة من جهات غير معلومة مؤخرا، فضلا عن سيطرتها على منطقة المالحة بشمال دارفور ذات الموقع الإستراتيجي في عمق الصحراء الكبرى، وفتحت خطوط إمداد عبر الأراضي الليبية المتاخمة، في خضم عدم قدرة الجيش على توجيه ضربات قوية لمطار نيالا بجنوب دارفور بعد إقامة الدعم السريع تحصينات دفاعية وامتلاك أجهزة تشويش متقدمة.

وأوضح الدالي في تصريح لـ”العرب” أن قوات الدعم السريع باتت تعتمد على الحرب الجوية مثل الجيش، ولم تعد تلجأ إلى المسيرات الانتحارية التي استخدمتها في بداية الحرب، ومن الواضح أن هناك مسيرات متطورة تقوم بتنفيذ العمليات العسكرية وتعود مرة أخرى، وبالتالي أصبح كل طرف يمتلك طيرانا يحول المعارك من اشتباكات برية إلى حرب جوية.

علي الدالي: قوات الدعم السريع تعتمد على حرب السماء مثل الجيش

وتشير بعض التوقعات إلى أن كل جانب سيحقق تقدما عسكريا في الفترة المقبلة، ما يطيل أمد الحرب وعدم حسمها، وحال سيطرت قوات الدعم السريع بشكل كامل على مدينة الفاشر من الوارد أن تتقدم باتجاه الوسط، لأن المدينة ذات موقع إستراتيجي يساعد على إعادة الانتشار، وإذا حدث العكس فقدرة الجيش على استعادة ولايات دارفور ستصبح كبيرة.

ويؤكد متابعون أن كل طرف يعيد ترتيب حساباته العسكرية، وسيكون الجيش أكثر حرصا في الاندفاع نحو الغرب، وتدرك قوات الدعم السريع أنها أمام معركة حياة أو موت وستحاول تحقيق مكاسب تنقذ وضعها السياسي، ومن الوارد استهداف المواقع الحيوية وأماكن الإمداد في الفترة المقبلة مع زيادة الاعتماد على توظيف سلاح المسيّرات.

وذكر الدالي في حديثه لـ”العرب” أن شكوى الحكومة السودانية من حصار الفاشر ومناشدتها الأمم المتحدة التدخل لإنقاذ الوضع الإنساني تعكسان تخوفا من تحول المعارك مجددا إلى صالح قوات الدعم السريع، وسط توقعات بإمكانية تراجعها أيضا.

وأكد وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر أن الخرطوم طالبت الأمم المتحدة بالتدخل العاجل عبر طائراتها وناقلاتها وتحت ديباجتها الأممية، من أجل إنقاذ أرواح المدنيين في الفاشر والمناطق المجاورة.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في غرب السودان، وهي تحاصر الفاشر منذ أشهر مع تصاعد القتال في المنطقة. وتفرض سيطرتها أيضا على أجزاء من جنوب البلاد.

واستعاد الجيش العاصمة الخرطوم في أواخر مارس الماضي، كما يسيطر على الشرق والشمال، ما يجعل ثالث أكبر دولة في أفريقيا منقسمة عمليا إلى نصفين.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا