آخر الأخبار

مسؤولة: «الدعم السريع» نهبت كل الذهب الأثري من المتحف القومي

شارك

كشفت مديرة الهيئة القومية للآثار والمتاحف في السودان، غالية جار النبي، عن سرقة قوات الدعم السريع لكل الذهب الأثري الموجود بالمتحف القومي بالخرطوم.

وأظهر مقطع فيديو لـ “سودان تربيون” من داخل المتحف جرى تصويره منتصف الأسبوع الحالي سرقة شاملة لمحتوياته التي تحكي تاريخ السودان العريق الممتد لقرون.

وتم افتتاح المتحف القومي الواقع في العاصمة الخرطوم عام 1971، حيث يطل مدخله على ضفة النيل الأزرق، ويضم مقتنيات وقطعاً تؤرّخ لجميع فترات الحضارة السودانية بدءاً من العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية مروراً بالآثار النوبية والمسيحية.

وأكدت غالية جار النبي في حديثها لـ “سودان تربيون” أن المعتدين لم يكتفوا بسرقة الكنوز الأثرية، بل استولوا على الذهب المحفوظ بعد تحطيم أقفاله.

وأوضحت أنه في مشهد يعكس بوضوح نية التدمير الممنهج، قاموا عمداً برمي الآثار المتبقية على الأرض وسحقها تحت أقدامهم، وكأن الهدف لم يكن السرقة فقط، بل طمس الهوية ومحو تاريخ السودان.

وتشير “سودان تربيون” الى أن تمثال الملك”تهراقا” هو الوحيد الذي بقى في المتحف دون أن تمسه ايدي الدعم السريع بالتخريب أو التحريك،ربما لتميزه بالضخامة وثقل الوزن الذي يصل لحوالي7 أطنان.

ففي منتصف يناير من العام 2023 تم نقل تمثال الملك ترهاقا من مكانه عند مدخل المتحف ليستقر على بلاط ملكي داخل المتحف على بعد 20 مترا عن الموقع القديم، ضمن خطة تطوير نفذتها وقتها الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية بمشاركة «اليونسكو» وعدد من الوكالات الدولية وشركات القطاع الخاص وبمنحة ايطالية بلغت مليون دولار.

وكان هذا هو التحريك الخامس للتمثال خلال 2700 عام حيث اكتملت عملية النقل عن طريق روافع وتحت إشراف فريق عمل متخصص إيطالي وبرعاية «اليونسكو» ليستقر وسط بلاط ملكي صنع خصيصا للتمثال ومن حوله عدد من التماثيل، فترهاقا كان الملك الأبرز في الأسرة الـ25 لمملكة كوش التي امتد حكمها من شمال الخرطوم وحتي البحر الأبيض المتوسط وفلسطين.

ويُعتبر الاعتداء والتدمير المصحوب بالسرقة الذي نفذته الدعم السريع على متحف السودان “كارثة تاريخية بكل المقاييس”، إذ تعرّض نحو 90% من المقتنيات الأثرية للدمار، في واحدة من أبشع عمليات النهب والتخريب التي شهدتها البلاد، كما يرى مختصون في علم الآثار.

دمار شامل

وفي سياق متصل، قالت غالية إن أعمال التخريب لم تقتصر على نهب المقتنيات، بل امتدت إلى مباني هيئة الآثار والمتاحف، حيث تم تدمير الأثاث والأجهزة بالكامل، بما في ذلك أجهزة الحاسوب التي تحمل توثيقاً لكل القطع بالمتاحف، في محاولة واضحة لمحو أي أثر للمؤسسة التي تُعد مسؤولة عن حفظ تاريخ الأمة.

وأبانت أنه وفقاً للتقييم الأولي للجنة المختصة التي زارت المتحف، فإن حجم الدمار هائل، والعبث طال كل شيء تقريباً.

وكان مسؤولون ومصادر حكومية سودانية كشفوا في حديث سابق لـ”سودان تربيون” عن متابعة وملاحقة الآثار السودانية المسروقة من عدد من المتاحف، خاصة تلك التي مرت عبر جنوب السودان أو عبر الحدود.

ضياع التاريخ

وبعد وصول القوات المسلحة السودانية للمتحف وما يجاوره، أظهرت جولة لمراسل “سودان تربيون” هذا الأسبوع خسائر فادحة، وخسران السودان تاريخاً كاملاً، معززاً بآثاره الثقافية، بعد سرقة المخازن الرئيسية لآثاره الموجودة بالمتحف القومي بالخرطوم.

وقالت رئيسة لجنة استرداد الآثار السودانية، إخلاص عبد اللطيف، في وقت سابق لـ”سودان تربيون”، إن المتحف القومي بالسودان تعرّض لعملية نهب كبيرة على يد قوات الدعم السريع.

وأكدت إخلاص أن الآثار الموجودة في المتحف تم نقلها بشاحنات كبيرة عبر أم درمان إلى غرب السودان، ومن هناك إلى الحدود، خاصة إلى دولة جنوب السودان.

وكان مسؤول حكومي في وزارة الثقافة أكد لـ”سودان تربيون” أن السودان خاطب جوبا رسمياً لتعقب الآثار المسروقة ومنع نقلها وبيعها وخروجها ومصادرتها، إلا أنها لم ترد حتى الآن.

وتعرّضت متاحف أخرى للنهب والتدمير، مثل متحف نيالا بدارفور، الذي نُهبَت كل ممتلكاته ومقتنياته، بالإضافة إلى الأثاث وخزائن العرض.

كما تعرّض متحف الخليفة عبد الله التعايشي بأم درمان للسرقة وتدمير أجزاء من المبنى.

وتُعد مخازن متحف السودان القومي المستودع الرئيس لكل آثار السودان، ويُعتبر أكبر المتاحف في البلاد، ويحتضن تطور الحياة السودانية وحضارتها منذ الفترة النوبية بآثارها والمسيحية والعصور الحجرية حتى الفترة الإسلامية.

وقبل أشهر، ألقت المباحث الجنائية في ولاية نهر النيل شمال السودان القبض على مجموعة مكوّنة من عشرة أشخاص أجانب كانوا في طريقهم لتهريب قطع أثرية نادرة سرقت من المتحف القومي.

وأعلنت المباحث حينها عن ضبط قطع أثرية أخرى مسروقة من متحف نيالا بجنوب دارفور، حيث تم إخفاء القطع الأثرية لفترة في أحد المصانع بمدينة عطبرة، وبعضها تم إخفاؤه في أحد المنازل.

وشملت الآثار المضبوطة تمثالين أثريين نادرين مزخرفين بنقوش قديمة، وسبعة أباريق نحاسية تاريخية، بالإضافة إلى خنجر ومدق أثريين يعودان لعصور قديمة.

وخلال الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، تعرضت المعالم التاريخية في متحف وقصر السلطان علي دينار بالفاشر للقصف من قوات الدعم السريع، ما أدى إلى حرق أجزاء كبيرة من القصر وتدمير محتوياته وأثاثه.

ودعت اليونسكو في بيان قبل ثلاثة أشهر، الجمهور والأفراد العاملين في تجارة السلع الثقافية في المنطقة وفي كل أنحاء العالم إلى الامتناع عن حيازة ممتلكات ثقافية من السودان أو المشاركة في استيرادها أو تصديرها أو نقلها.

وأكدت أن مجموعات رئيسية عديدة أخرى تُشهد على تاريخ السودان الغني، أُبلغ عن سرقتها من متحف بيت الخليفة ومتحف نيالا.

وفي سياق ذلك، أبدى خبراء في الآثار مخاوفهم من تعرّض التماثيل الكبيرة بالمتحف القومي للتدمير بسبب المواجهات العسكرية التي وقعت بين الجانبين.

وتؤكد اليونسكو تعرّض 10 متاحف ومراكز ثقافية للنهب والسرقة والتخريب في السودان منذ اندلاع الحرب.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا