شهدت السودان منذ العام 2019 تحولاً محفوفاً بالتحديات والتهديدات، حيث تصاعد الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العام 2023. أدى هذا الصراع إلى نزوح ملايين الأشخاص وتحول السودان إلى أكبر أزمة إنسانية. مع جهود أوروبية للوساطة، تواصل ألمانيا الاتحاد الأوروبي تقديم الدعم من خلال المساعدات الإنسانية وفرض العقوبات، وإيجاد حلول سلمية لحل الصراع. وتنامت المخاوف الأوروبية من تأثير هذه الأزمة على استقرار المنطقة وأوروبا، لا سيما في ظل تدخلات إقليمية ودولية.
تم إحراز تقدم أولي في عملية التحول الديمقراطي في السودان، وفي أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق البشير في أبريل 2019 وتشكيل الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في أغسطس 2019، انتهى مسار الإصلاح بالانقلاب في أكتوبر 2021. وبعد مفاوضات صعبة قادتها الأمم المتحدة، تم الاتفاق على هدف تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في ديسمبر 2022.
أدى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني إلى اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023. ومنذ ذلك الحين، تصاعد الوضع في السودان ليتحول إلى أكبر أزمة إنسانية ونزوح في العالم، حيث نزح أكثر من (12) مليون شخص، منهم (3.4)مليون لجأوا إلى الدول المجاورة.
أفادت دراسة أجراها معهد برلين للشؤون الدولية والأمنية في مايو 2023 إلى أنه “من المرجح أن يخرج كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من هذه الحرب ضعيفين، حتى لو حقق أحد الجانبين النجاح”. وذكرت الدراسة “لكن في الوقت الحاضر، من غير المرجح أن يتمكن أي من الجانبين من الفوز في الصراع عسكريًا أو سياسيُا في المستقبل القريب، فكلما أدركوا أنهم في مأزق استراتيجي، كلما أصبحوا مستعدين لإجراء محادثات سلام جادة في وقت أقرب.”
تؤكد “مارينا بيتر” الخبيرة ورئيسة جمعية “المنتدى السوداني” الألمانية: “لا يزال كلا الجانبين مقتنعين بأنهما قادران على الفوز في الحرب، وبالتالي لن يقبلا أي تسوية. ومن ثم فمن المتوقع أن تتزايد وتيرة القتال. علاوة على ذلك، تفتقر البلاد إلى حكومة شرعية”.
أوضح “جوزيب بوريل” مسؤول السياسة الخارجية السابق بالاتحاد الأوروبي في 25 يوليو 2024، إن الاتحاد مستعد لدعم كافة الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان. وأكد “يتعين على أطراف الصراع في السودان وقف هذه المأساة والجلوس إلى طاولة المفاوضات”. وأضاف بوريل أن “الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب، بما في ذلك محادثات وقف إطلاق النار المقررة من قبل الولايات المتحدة”.
أدان الاتحاد الأوروبي تصعيد الصراع في مدينة “الفاشر” غرب السودان، مبدياً استعداده للنظر في فرض عقوبات إضافية على قادة في مناصب عليا. طالب الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل سلمي للصراع بالانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة (2736)، بوقف الحصار وإنهاء القتال في “الفاشر” على الفور.
فرض الاتحاد الأوروبي في يونيو 2024 عقوبات على عدة شخصيات عسكرية سودانية، بسبب تأجيج الصراع ويخضع الأفراد المستهدَفون لتجميد الأصول وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى خضوعهم لحظر السفر في الاتحاد الأوروبي.
فضلت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على ما يبدو الحل في أن تتمكن من إقناع أطراف الصراع في السودان بإنهاء الصراع، بدلاً من التحرك لبناء ضغوط دولية ذات عواقب وخيمة على الجانبين.
استضاف الاتحاد الأوروبي في العام 2024، بمشاركة ألمانيا، المؤتمر الإنساني الدولي للسودان والدول المجاورة بهدف تعزيز الدعم للسودانيين. تعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم (355) مليون يورو لتمويل المساعدات الإنسانية والتنموية للسودان وجيرانه. وبإضافة تعهدات دول الاتحاد الأوروبي البالغة (541) مليون يورو، يصل إجمالي دعم الاتحاد الأوروبي للسودان الذي تعهد به المؤتمر إلى (896) مليون يورو.
تقول “ليتيسيا بادر” نائبة مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش” ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يعلنوا دعمهم النشط لهذه الدعوات وأن يعملوا مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وآخرين ــ وخاصة المملكة المتحدة والولايات المتحدة ــ لتحديد الخيارات الأكثر ملاءمة لإنشاء قوة ونشرها على وجه السرعة لحماية المدنيين.
تتمتع ألمانيا بثقة كبيرة في السودان، فبعد الإطاحة بالنظام السوداني السابق وتشكيل الحكومة الانتقالية المدنية، انخرطت ألمانيا في دعم التغيير الديمقراطي، حيث نجح مؤتمر الشراكة السودانية لدعم الانتقال، الذي استضافته ألمانيا في يونيو 2020، في حشد (1.8) مليار دولار أمريكي. شاركت ألمانيا في عملية تخفيف الديون واستأنفت التعاون الثنائي في مجال التنمية.
أوقفت ألمانيا الدعم في إطار التعاون الحكومي الثنائي وعلى المستوى المتعدد الأطراف ردًا على الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021. تلتزم ألمانيا بالامتثال للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين وتحسين وصول المساعدات الإنسانية. كما تلتزم ألمانيا بتنسيق مختلف أشكال الوساطة والاتفاق على مبادئ مشتركة بين الجهات الفاعلة الرئيسية.
بحثت “أنالينا بيربوك” وزيرة الخارجية الألمانية إمكانيات جلب أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات لحل الصراع وعدم زعزعة استقرار المنطقة. ترى أنالينا بيربوك “أنه يتعين زيادة الضغط على الجانبين من خلال العقوبات والتأثير على مؤيديهما في الخارج” .
اقترحت وزارة الخارجية الألمانية مبادرة من (5) نقاط لإعطاء أهمية أكبر لجهود السلام الدولية. وتتمثل إحدى النقاط المحورية في المبادرة في تحسين تنسيق جهود الوساطة الدولية وبالتالي زيادة الضغوط على أطراف الصراع. دعت ألمانيا في مجلس حقوق الإنسان إلى توسيع ولاية خبير حقوق الإنسان المستقل ونشر بعثة لتقصي الحقائق في السودان.
قدمت ألمانيا مساعدات إنسانية بقيمة (325) مليون يورو لأزمة السودان في عام 2024 رداً على الوضع المتدهور بشكل كبير. أعلنت وزارة التنمية الألمانية عن تقديم مساعدة لتشاد على استقبال اللاجئين من السودان في 18 نوفمبر 2024. كما أعلنت وزارة الخارجية الألمانية في أبريل 2024عن تقديم مبلغا إضافيا قدره (244) مليون يورو للسودان.
تخشى ألمانيا والدول الأوروبية من أن يؤدي تصاعد الصراع إلى حرب أهلية شاملة إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، بما قد يترتب على ذلك من عواقب لا يمكن التنبؤ بها ومحاولة تحقيق أهداف روسيا وتوسيع نفوذها في المنطقة.
يقول عالم السياسة “أندرياس هاينمان-جرودر”: “إن هذه الأهداف سيكون لها بالتأكيد تأثير على أوروبا. يستغل الروس نفوذهم لإحداث فوضى في دول أفريقية مختلفة، ليس فقط في السودان، بل أيضًا دعمًا لمدبري انقلابات أخرى، وتحديدًا في مالي وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر. وفي هذه الدول، لا يُسهم التعاون مع مدبري الانقلاب في تحقيق الاستقرار، بل في تأجيج الصراعات الداخلية”.
لا يمكن استبعاد احتمال تحرك اللاجئين نحو أوروبا. لذلك، يُمكن التساؤل من الجانب الأوروبي عمّا إذا كان ينبغي ربط المساعدات التنموية في الدول بشروط معينة. على سبيل المثال، قد يكون للتعاون العسكري مع الروس عواقب على التعاون التنموي، أو ربما حتى على التعاون الإنساني.
ما تأثير تدفق الأسلحة في الصراع السوداني؟
إن تدفق الأسلحة يُعد أحد العوامل الرئيسية التي تُفاقم النزاعات المسلحة، إذ يسهم في إطالة أمد الحروب، وتصعيد العنف، وعرقلة جهود السلام. ويشهد السودان، منذ عقود، صراعات متداخلة بين القوات الحكومية والمليشيات المسلحة والجماعات المتمردة، مما جعله بيئة خصبة لتجارة الأسلحة غير المشروعة. ومع اندلاع الصراع الحالي في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تزايد تدفق الأسلحة بشكل كبير، مما أدى إلى تعقيد المشهد الأمني والسياسي في البلاد.
يشير مصطلح “تدفق الأسلحة” إلى حركة ونقل الأسلحة والمعدات العسكرية من مصادرها إلى الجهات المستقبلة، سواء كانت دولًا أو جماعات مسلحة أو أفرادًا. يمكن أن يتم هذا التدفق عبر قنوات شرعية، مثل الصفقات العسكرية الرسمية بين الدول، أو عبر قنوات غير شرعية، مثل التهريب والتجارة غير القانونية. في سياق الصراعات، يلعب تدفق الأسلحة دورًا حاسمًا في تحديد مسار النزاعات ومآلاتها.
زيادة توفر الأسلحة تؤدي إلى تصعيد العنف، حيث تتمكن الأطراف المتنازعة من شن هجمات أكثر دموية وفعالية. كما يسهم تدفق الأسلحة في إطالة أمد الصراعات، حيث يتيح للأطراف المتحاربة الاستمرار في القتال لفترات أطول، مما يعقد جهود التوصل إلى حلول سلمية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي انتشار الأسلحة إلى زيادة معاناة المدنيين، حيث ترتفع معدلات العنف ضدهم، وتزداد حالات النزوح واللجوء، وتتفاقم الأزمات الإنسانية.
ـ الأسلحة المستوردة عبر القنوات الرسمية: تستورد الحكومة السودانية الأسلحة من دول مختلفة لتعزيز قدراتها العسكرية. وقد أشارت تقارير إلى أن دولًا مثل الصين، وروسيا، وصربيا، قد زودت السودان بالأسلحة، مما ساهم في تأجيج النزاع المستمر.
ـ الأسلحة المهربة: تُهرَّب الأسلحة إلى السودان عبر حدوده الطويلة مع دول الجوار، مثل ليبيا وتشاد، حيث تنشط شبكات التهريب مستفيدة من ضعف الرقابة الحدودية. وقد أشارت تقارير إلى أن إغلاق الحدود بين تشاد والسودان لم يحل دون تزايد نشاط تهريب السلاح إلى السودان عبر ليبيا وتشاد.
ـ السوق السوداء: تُباع الأسلحة في الأسواق السوداء داخل السودان، حيث يمكن للأفراد والجماعات المسلحة الحصول على مختلف أنواع الأسلحة والذخائر. ويلف مراقبون وخبراء إلى أن تجارة الأسلحة غير المشروعة تسهم في استمرار النزاعات المسلحة وتفاقم الأزمات الإنسانية.
ـ المساعدات الخارجية للجماعات المسلحة: تحصل بعض الجماعات المسلحة في السودان على دعم عسكري من دول أو جهات خارجية تسعى لتحقيق مصالحها في المنطقة. وقد كشفت تقارير عن تورط شركات دولية في تهريب الأسلحة إلى الجيش السوداني، مما ساهم في تأجيج الحرب الأهلية في البلاد.
إن تدفق الأسلحة إلى السودان يٌعتبر جزءًا من شبكة معقدة من المصالح الإقليمية والدولية، حيث يتأثر هذا التدفق بتفاعلات القوى العالمية والإقليمية، التي تسعى كل منها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والجيوسياسية في منطقة القرن الأفريقي. فالصراع المستمر في السودان لا يدور بمعزل عن السياق الأوسع للسياسة الدولية والإقليمية، حيث تتدخل عدة أطراف بطرق مباشرة وغير مباشرة في دعم الفصائل المتحاربة، مما يسهم في تصعيد النزاع وتعقيد جهود إحلال السلام. وقد كشفت تقارير حديثة عن تورط دول وجهات متعددة في توريد الأسلحة إلى أطراف النزاع السوداني، مما يعكس حجم التنافس الدولي والإقليمي داخل هذه الأزمة.
إقليميًا، تعد الدول المجاورة للسودان، مثل تشاد، ليبيا، إثيوبيا، وجنوب السودان، لاعبًا أساسيًا في تدفق الأسلحة، حيث تتيح الحدود الطويلة وغير المحكمة بين السودان وهذه الدول بيئة خصبة لتهريب الأسلحة، سواء عبر شبكات التهريب غير المشروعة أو من خلال دعم بعض الحكومات لأطراف النزاع السوداني بما يخدم مصالحها السياسية والأمنية. على سبيل المثال، تستفيد جماعات مسلحة من تجارة السلاح في ليبيا، حيث تُستخدم ليبيا كمصدر رئيسي للأسلحة المهربة إلى السودان، مستفيدة من الفوضى الأمنية وضعف الرقابة على السلاح هناك. كما أن تشاد، رغم إعلانها إغلاق الحدود مع السودان في أبريل 2023، لا تزال تعاني من تسلل شحنات الأسلحة غير المشروعة إلى الداخل السوداني عبر طرق التهريب الصحراوية، الأمر الذي يسهم في تأجيج القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
أما على المستوى الدولي، فتلعب القوى الكبرى دورًا بارزًا في دعم بعض أطراف النزاع بالسلاح، سواء بشكل مباشر من خلال بيع الأسلحة إلى الحكومة السودانية أو بشكل غير مباشر عبر شركات خاصة تعمل في تجارة الأسلحة. فالصين وروسيا، على سبيل المثال، لطالما زودتا السودان بالسلاح في العقود الماضية، وذلك في إطار استراتيجياتهما لتعزيز النفوذ العسكري والاقتصادي في أفريقيا. وفي الوقت ذاته، فإن تركيا، التي تسعى لتعزيز تواجدها في القارة، ارتبط اسمها بعدة تقارير تفيد بتوريد أسلحة إلى قوات الدعم السريع، إما عبر شحنات مباشرة أو عبر وسطاء في المنطقة.
وبالرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر توريد الأسلحة إلى السودان، مثل قرار الأمم المتحدة رقم 1591 الصادر عام 2005 بشأن دارفور، فإن هذه القيود لم تكن فعالة في وقف تدفق الأسلحة، حيث تواصلت عمليات التهريب بوسائل ملتوية، وبمساعدة دول وشبكات تهريب عالمية. كما أن بعض القوى الدولية، رغم تصريحاتها العلنية الداعمة لوقف النزاع في السودان، إلا أنها تواصل تقديم الدعم السياسي والعسكري غير المباشر لفصائل سودانية تخدم مصالحها في المنطقة.
يؤدي تدفق الأسلحة إلى السودان إلى تفاقم الصراع القائم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما يعزز قدرتهما على مواصلة القتال لفترات طويلة، ويحول دون التوصل إلى حلول سياسية قابلة للتطبيق. فكلما ازدادت كميات الأسلحة المتاحة لأطراف النزاع، زادت حدة المواجهات العسكرية، واتسعت رقعة العنف، مما ينعكس بشكل كارثي على الوضع الأمني والإنساني في البلاد. كما أن سهولة الحصول على الأسلحة من الأسواق السوداء وشبكات التهريب تجعل المليشيات والجماعات المسلحة أكثر قدرة على تحدي السلطة المركزية، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويجعل وقف إطلاق النار أكثر صعوبة.
انتشار الأسلحة على نطاق واسع يسهم في تعزيز قوة الفصائل المسلحة غير النظامية، حيث يؤدي إلى ارتفاع عدد الجماعات المقاتلة التي تنخرط في النزاع، سواء كأطراف رئيسية أو كقوات مرتزقة تستغل الفوضى لتحقيق مكاسب ميدانية واقتصادية. فالميليشيات التي تحصل على أسلحة متطورة تصبح أكثر جرأة في مواجهة الجيش النظامي، مما يؤدي إلى تفتيت السلطة العسكرية التقليدية وإضعاف قدرة الدولة على فرض سيادتها. كما أن وفرة الأسلحة تؤدي إلى ظهور جماعات مسلحة جديدة، بعضها يتشكل على أسس قبلية أو أيديولوجية، مما يعقد النزاع ويجعله أكثر تشابكًا وصعوبة في الحرب.
بدون شك إن تدفق الأسلحة يٌعرقل جهود السلام والمصالحة، حيث يدفع الأطراف المتحاربة إلى تبني نهج عسكري بدلاً من اللجوء إلى المفاوضات. فعندما تكون الفصائل المتحاربة قادرة على تأمين الإمدادات العسكرية بسهولة، فإنها ترى أن الحل العسكري أكثر جدوى من الحوار السياسي، مما يجعل المبادرات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار غير فعالة. أن استمرار القتال يجعل من الصعب بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، إذ يؤدي إلى تراكم الأحقاد وتعميق الانقسامات بين المجتمعات المحلية، مما يزيد من صعوبة تحقيق مصالحة وطنية حقيقية.
تجمع دولتا الإمارات العربية المتحدة والسودان، علاقات قوية على المستويين السياسي والاقتصادي منذ نحو أربعة عقود. وطوال الأزمات السياسية التي مر بها السودان، كانت الإمارات في مقدمة الدول التي لعبت دوراً محورياً، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار السودان. ومنذ اندلاع الصراع الراهن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، سارعت الإمارات لاحتواء الوضع في السودان، داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بطرح دعوات وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من تداعيات هذا التصعيد العسكري.
تعود العلاقات بين الإمارات والسودان إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، وحرص قادة الدولتين على تطوير العمل المشترك، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية. وتعد السودان من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الإمارات في ديسمبر 1971.
أجرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، زيارة رسمية للسودان في 20 فبراير 1972، وكان الرئيس السوداني الراحل جعفر محمد نميري، أول رئيس دولة يزور الإمارات، في 23 أبريل 1972.
تعمقت العلاقات بين البلدين، بتأسيس الشيخ زياد بن سلطان آل نهيان، شارع “هيا بورتسودان” بطول (600) كم، والذي يعد من أهم المشاريع القومية التنموية، نظراً لأنه يربط بين ميناء السودان الرئيسي بوسط البلاد. تأسست أول شركة حملت اسم “شركة الإمارات والسودان للاستثمار” في 1975، وخرجت منها عدة مشروعات تنموية، وكانت الشركة الأم لعدة شركات منها “الإمارات” و”البحر الأحمر للاستثمار”.
برز دور الإمارات في دعم السودان في محطات فاصلة بتاريخها، حيث قدمت الإمارات بالتعاون مع السعودية حزمة مساعدات للسودان تصل إلى (3) مليارات دولار، بعد عزل الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 2019. ولعبت الإمارات دوراً في توقيع اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح في 3 أكتوبر 2020.
عقدت أعمال الدورة الأولى للجنة المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات، والخارجية السودانية، في 7 ديسمبر 2020، لبحث سبل مكافحة “كوفيد-19”.
أطلقت الإمارات والسودان، في 31 أغسطس 2021، شراكة استراتيجية في التحديث الحكومي، لتبادل الخبرات في مختلف المجالات. تعد هذه الشراكة انعكاساً للعلاقات القوية بينهما، وتأكيداً على الثقة المتبادلة بين الحكومتين، لإقامة شراكة جديدة واستفادة السودان من نموذج تحديث الحكومة لدى الإمارات.
امتد التعاون الاقتصادي بينهما، بمساهمة الإمارات في مشروعات التنمية والاستثمارات الكبرى في السودان، حيث تعد الإمارات شريكاً أساسياً في خطط السودان التنموية، وحرصت على زيادة التبادل التجاري، بالتعاون المشترك بين رجال الأعمال والشركات والمؤسسات من البلدين.
قدمت الإمارات في 25 يونيو 2020، (50) مليون دولار لدعم مبادرات النمو الاقتصادي بالسودان بالتعاون مع البنك الدولي، لخلق فرص عمل وتشجيع الاستثمارات النوعية، ودفع عجلة التنمية وتعزيز سبل العيش بالسودان.
وصل حجم الاستثمارات والتمويلات التنموية التي قدمتها الإمارات للسودان، لأكثر من (28) مليار درهم، وتعمل (17) شركة إماراتية بقطاعات اقتصادية متنوعة بالسودان.
يعد صندوق أبوظبي للتنمية، من أبرز المؤسسات الداعمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالسودان، بتمويل قطاعات متنوعة وودائع بقيمة (7.3) مليارات درهم، لذا تحتل السودان صدارة الدول المستفيدة من تمويلات الصندوق. دعمت الإمارات احتياطات العملات الأجنبية في بنك السودان المركزي، بإيداع نحو (250) مليون دولار في أبريل 2021، لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي بالسودان.
بلغت صادرات الإمارات للسودان في 2023، نحو (861) مليون دولار، ومن أبرزها المجوهرات بقيمة (128) مليون دولار، والنفط المكرر بقيمة (121) مليون دولار، والسكر الخام بنحو (35.5) مليون دولار. وبلغت صادرات السودان للإمارات في 2023، نحو (1.09) مليار دولار، ومن أبرزها الذهب بقيمة (1.03) مليار دولار، والبذور الزيتية بقيمة (15.9) مليون دولار، والمحاصيل العلفية بقيمة (14.2) مليون دولار.
تلعب الإمارات دوراً دبلوماسياً في تهدئة الصراع في السودان، بتقديم مقترحات ومبادرات لوضع حل للأزمة المشتعلة منذ ما يقرب من عامين. وشددت الإمارات في 22 مايو 2023، على ضرورة وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع، وطالبت باتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاشتباكات المسلحة بالسودان.
بعودة القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أكدت الإمارات في 17 نوفمبر 2023، على موقفها من دعم إيجاد حل سلمي لإنهاء الصراع، خلال الاجتماع الافتراضي الوزاري لمجلس الأمن والسلام للاتحاد الأفريقي. وفي جلسة مجلس الأمن التي انعقدت في 9 مارس 2024، دعمت دعوة المجلس لوقف القتال بالسودان خلال شهر رمضان. وأيدت الإمارات الجهود الدبلوماسية لتيسير وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية، وخفض التصعيد والاتجاه إلى الحوار السياسي.
جددت الإمارات دعوتها في 27 أبريل 2024، على ضرورة وقف الاشتباكات وتحديداً في شمال دارفور، ودعت مجلس الأمن لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان إنهاء النزاع ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ووجهت الإمارات رسالة لمجلس الأمن في 28 يونيو 2024، للمطالبة بحماية المدنيين والبنية التحتية بالسودان، وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية، داعية طرفي الصراع للامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
حذرت الإمارات في 6 أغسطس 2024، من خطر المجاعة بالسودان وانعدام الأمن الغذائي الشديد الذي يؤثر على أكثر من (25) مليون سوداني. وأشارت في كلمتها بمجلس الأمن إلى سوء الأوضاع في شمال دارفور وتحديداً في مخيمات زمزم وأبو شوك والسلام، داعية المجتمع الدولي لاستخدام كافة الأدوات المتاحة له لمواجهة الوضع الكارثي بالسودان، والنظر في إمكانية منح الوكالات الإنسانية والإغاثية التابعة للأمم المتحدة إذا لزم الأمر تفويضاً، لإيصال المساعدات للمتضررين من الحرب عبر خطوط النزاع أو عبر الحدود.
رحبت الإمارات في 28 ديسمبر 2024، بالجهود الدبلوماسية لتركيا، لإيجاد حل للأزمة السودانية، وأكدت الإمارات على أن موقفها ثابت من وقف فوري لإطلاق النار ووقف الاقتتال الداخلي في السودان، ومعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية.
أعلنت الإمارات في أبريل 2024، تخصيص (100) مليون دولار لدعم عمل وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والإغاثية بالسودان، وفي 17 يونيو 2024 خصصت (70%) من هذا التعهد. خصصت الإمارات مساعدات إغاثية للشعب السوداني بحوالي (30) مليون دولار للدول الإقليمية من أجل دعم اللاجئين السودانيين بدول الجوار، إضافة إلى (130) مليون دولار في صورة مساعدات إنسانية منذ اندلاع الحرب. وانشأت الإمارات جسور جوية وبحرية لتسهيل نقل الإمدادات الطبية والغذائية، وافتتحت مستشفيين ميدانيين في تشاد لتقديم الدعم الطبي للاجئين السودانيين الوافدين إليها.
نقلت الإمارات (100) ألف طن من الإمدادات الغذائية والطبية عبر (159) طائرة إمدادات إغاثية، و(1000) طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة عبر سفينة. وقدمت (100) طن من المواد الغذائية كمساعدات للاجئين في جنوب السودان عبر برنامج الأغذية العالمي.
قدمت الإمارات في 26 يونيو 2024، (8) ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية لتمويل المبادرات الصحية بالسودان، وشددت مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية لانا زكي نسيبة، على دعم عمل منظمة الصحة العالمية لتخفيف الظروف التي يعيشها السودانيين. ووقعت الإمارات في 23 يوليو 2024، اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساعدات غذائية طارئة للسودانيين في السودان وجنوب السودان، واللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم والنازحين داخلياً والعائدين المتأثرين بالحرب.
ووجهت الإمارات مساعدات بقيمة (25) مليون دولار بواقع (20) مليون دولار للسودان و(5) ملايين دولار لجنوب السودان. وبلغت مساعدات الإمارات للسودان خلال الـ (10) السنوات الماضية أكثر من (3.5) مليار دولار. أطلقت الإمارات مبادرات إنسانية في 14 ديسمبر 2024، لدعم اللاجئات السودانيات في تشاد، بقيمة (10.25) مليون دولار من المساعدات الإنسانية.
شاركت الإمارات في الاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين التابع للاتحاد الأوروبي حول السودان، الذي انعقد في 14 مارس 2025، للتأكيد على التزامها الراسخ بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية ودعم الجهود الدبلوماسية، لتخفيف تداعيات الصراع المشتعل في السودان، ولتنسيق الجهود الإنسانية لضمان وصول المساعدات اللازمة لحماية المدنيين.
تواصل الإمارات جهودها في أروقة مجلس الأمن، بتشجيع الجهود الدبلوماسية للولايات المتحدة في تنظيم محادثات وقف إطلاق النار في جنيف، ودور السعودية وسويسرا لاستضافة هذه المحادثات بشكل مشترك. تدعم الإمارات المبادرات الرامية لوقف الحرب السودانية، وضمت صوتها لدعوة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لعقد اجتماع في (10-15) يوليو 2024 للتوصل إلى حل للأزمة السودانية.
وقد أكدت الإمارات في ديسمبر 2024 على عملها، مع كافة الأطراف المعنية والشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي، لوقف التصعيد وبدء الحوار بين طرفي الصراع، لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في التنمية والأمن والاستقرار.
كما أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 19 يوليو 2024، على دعم بلاده لجميع جهود الوسطاء لإنهاء الاشتباكات في السودان، مشدداً خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، على أهمية تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي.
شاركت الإمارات في 14 فبراير 2025، بأول مؤتمر دولي يدعو للتضامن مع الشعب السوداني، ويطالب بهدنة في شهر رمضان. وخلال المؤتمر الذي انعقد في أديس أبابا، انضمت الأمم المتحدة وبريطانيا إلى دعوة الإمارات المطالبة بوقف فوري للحرب. أعلنت الإمارات عن تقديم مساعدات إضافية بقيمة (200) مليون دولار، كمساعدات إنسانية للسودانيين.
– يظل دور الاتحاد الأوروبي، حاسمًا في التأثير على مسار الصراع في السودان، لكن هناك ضرورة لتعزيز الضغط السياسي والاقتصادي على الأطراف السودانية لوقف التصعيد والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
– تبدو ألمانيا فاعلًا رئيسيًا في الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان من خلال توسيع جهود الوساطة وفرض المزيد من الضغوط على أطراف الصراع ، لكن يظل موقفها في حل الصراع محفوفًا بالتحديات الإقليمية والدولية.
– تكمن المصلحة الأوروبية، وخاصة الألمانية، في المقام الأول في ضمان عدم وصول المزيد من اللاجئين. حيث يعد السودان دولة عبور رئيسية للاجئين من إثيوبيا وإريتريا، ولهذا السبب فإن الاستقرار يشكل أولوية.
– يعتمد التوصل إلى حل الصراع في السودان على تغيير في مواقف الأطراف السودانية. ومن المحتمل أن تسهم جهود الوساطة الألمانية التي تدير من خلال دعمها للسلام في السودان، في تسريع عملية الحوار.
– من المحتمل استمرار تدفق اللاجئين من السودان إلى دول الحوار، ولا يستبعد اتجاه العديد منهم إلى دول أوروبا، مما يضيف عبئًا إضافيًا على الاتحاد الأوروبي. وقد يضطر إلى اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن تقديم المساعدات التنموية وربطها بشروط معينة، خاصة فيما يتعلق بالتحالفات العسكرية مع روسيا.
– إن تدفق الأسلحة إلى السودان لا يؤثر فقط على الصراع الداخلي، بل يمتد تأثيره إلى دول الجوار، حيث تزداد مخاطر تهريب الأسلحة إلى مناطق أخرى تشهد اضطرابات أمنية، مثل تشاد وإفريقيا الوسطى وليبيا، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في الإقليم بأكمله. وهذا يجعل من الضروري على المجتمع الدولي التعامل مع هذه الأزمة من منظور شامل، يشمل فرض رقابة صارمة على تجارة السلاح، وتعزيز التعاون بين الدول المجاورة للسودان لمنع تهريب الأسلحة، إلى جانب دعم المبادرات السياسية الهادفة إلى إنهاء النزاع عبر تسوية سلمية مستدامة.
– إن استمرار تدفق الأسلحة إلى السودان يؤدي إلى تزايد عمليات النهب والسلب، إذ تعتمد بعض المجموعات المسلحة على العنف المسلح لتمويل عملياتها، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية. ويؤدي وجود الأسلحة بيد الجماعات غير النظامية إلى تصعيد الهجمات على المدنيين، وتكرار عمليات التهجير القسري، حيث تصبح المجتمعات المحلية أهدافًا للصراعات المسلحة بين الفصائل المتناحرة. كما أن استمرار القتال يؤثر على البنية التحتية للبلاد، حيث تتعرض المدن والمرافق الحيوية، مثل المستشفيات والمدارس، إلى الدمار، مما يزيد من معاناة السكان ويؤدي إلى انهيار الخدمات الأساسية.
– يعكس استمرار تدفق الأسلحة إلى السودان مدى التداخل بين العوامل المحلية والإقليمية والدولية في تأجيج النزاع، مما يجعل مساعي السلام أكثر تعقيدًا، إذ إن استمرار الدعم العسكري للأطراف المتحاربة يمنحها القدرة على مواصلة القتال بدلاً من اللجوء إلى طاولة المفاوضات.
– تبدو السيناريوهات المستقبلية قاتمة إذا لم يتم اتخاذ خطوات جادة لاحتواء الأزمة. فمن المرجح أن يؤدي استمرار النزاع المسلح إلى مزيد من التشرذم داخل الدولة السودانية، حيث قد تتوسع دائرة العنف لتشمل مزيدًا من الفصائل المسلحة، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا وأقل قابلية للحل. كما أن تفكك الهياكل الأمنية في السودان نتيجة استمرار الحرب سيؤدي إلى تزايد نفوذ الجماعات الإجرامية والإرهابية، التي قد تستغل حالة الفوضى للتمدد داخل البلاد واستخدامها كنقطة انطلاق لعملياتها في الإقليم، مما يزيد من المخاطر الأمنية في منطقة القرن الأفريقي ككل.
– إن أي جهد دولي حقيقي لحل الأزمة السودانية لا بد أن يشمل ضبط ومراقبة مصادر السلاح، وفرض عقوبات أكثر صرامة على الجهات التي تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة، إلى جانب تعزيز الدور الإقليمي والدولي في وقف التهريب، وضمان التزام الدول المجاورة للسودان بعدم السماح باستخدام أراضيها كممرات لنقل السلاح.
– يمكن أن يشهد السودان تحولات إيجابية إذا تمكن المجتمع الدولي والإقليمي من فرض حلول جذرية لوقف تدفق الأسلحة، وفرض ضغوط حقيقية على الأطراف المتحاربة للقبول بتسوية سياسية. فالتوصل إلى اتفاق مدعوم دوليًا لوقف القتال، وفرض عقوبات صارمة على الجهات التي تزود الأطراف المتنازعة بالسلاح، قد يسهمان في إعادة توجيه المسار نحو المصالحة وإعادة الإعمار.
– بات ضروري تعزيز دور الاتحاد الإفريقي والهيئات الإقليمية، مثل “الإيغاد”، في حل النزاع عبر مفاوضات شاملة قد يساعد في بناء حلول مستدامة، تحظى بقبول مختلف الأطراف. لكن نجاح أي جهود للسلام يتوقف على مدى قدرة السودان على بناء مؤسسات قوية قادرة على ضبط الأمن وإنهاء نفوذ الجماعات المسلحة، إلى جانب دعم برامج المصالحة الوطنية والتنمية الاقتصادية، التي يمكن أن تعيد الاستقرار تدريجيًا إلى البلاد.
– تحرص الإمارات على تحقيق الاستقرار ومعالجة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه السودان، في ظل استمرار الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، عبر الجهود الدبلوماسية وتقديم مبادرات لوقف إطلاق النار بين طرفي الصراع. ويعد هذا الدور الإماراتي امتداداً للعلاقات التاريخية المشتركة مع السودان، حيث أولت الإمارات اهتماماً خاصاً بالسودان على مدار العقود الماضية، بالاستثمارات ودعم مشاريع التنمية والقطاعات الاقتصادية.
– ينظر المجتمع الدولي إلى الدور الإماراتي، باعتباره دوراً رئيسياً في أزمة السودان الراهنة، إذ تعد الإمارات من أوائل دول المنطقة التي قدمت مبادرات لإنهاء الاشتباكات والتوصل لحل سياسي، لتقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع السوداني، إضافة إلى أنها تتعاون مع الشركاء الدوليين والمنظمات الأممية، في إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوداني، وتقديم الدعم المالي لتعزيز عمل المنظمات الإغاثية لتلبية احتياجات المدنيين في السودان وجنوب السودان.
– تواصل الإمارات دورها على المستويين السياسي والإنساني، لتحريك دعوات دولية في مجلس الأمن والأمم المتحدة، بشأن ضرورة وقف القتال بالسودان، خاصة وأن هذه الأزمة تقترب من دخول عامها الثالث، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بتسوية لهذا الصراع، الأمر الذي يزيد مخاوف الأطراف الإقليمية والدولية، من تعقد المشهد العسكري والسياسي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما يفاقم من سوء الأوضاع الإنسانية في مناطق الاشتباكات.
– أكدت خطابات الإمارات أمام مجلس الأمن، على مدار نحو عامين، على موقفها الثابت الرافض لتصاعد العنف ودعم مبادرات نزع السلاح، والتخلي عن الحلول العسكرية، لذا تضامنت مع الجهود المبذولة من جانب الشركاء الإقليميين والدوليين، والتي نتج عنها “اتفاق جدة” ومباحثات جنيف، إضافة إلى مبادرة تركيا الأخيرة لنزع فتيل الأزمة السودانية.
– رغم الجهود الإماراتية المبذولة، لإعادة فتح الحوار بين طرفي الصراع السوداني، والتنسيق المشترك مع باقي الأطراف الإقليمية والدولية، لتسوية الأزمة السياسية واحتواء المعاناة الإنسانية للشعب السوداني، إلا أن هناك تحديات تواجه هذه التحركات، متمثلة في تباين وجهات النظر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وطول أمد الصراع، وعدم الامتثال لقرارات مجلس الأمن وأطروحات مباحثات جدة واجتماعات جنيف، ما يشير إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق للتهدئة في الوقت الراهن.
– إن العلاقات التاريخية بين الإمارات والسودان، وطبيعة الدعم المقدم من جانب الإمارات للشعب السوداني في أزماته، تؤكد على أن الإمارات ستكون في مقدمة الدول، التي ستتولى إعادة إعمار السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، في حال التوصل لاتفاق لوقف الحرب خلال الفترة المقبلة.
المصدر: المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI