كشفت وثائق رسمية وخطابات حصلت عليها «سودان تربيون» عن تجاوزات كبيرة في معتمدية اللاجئين السودان، إلى جانب مخالفات في سياسات الفصل والتعيين والتكليف، ومخالفة اللوائح الإدارية وقانون الخدمة المدنية بعد حرب 15 أبريل.
وأظهرت الوثائق الرسمية تعيين موظفين غير مؤهلين في مناصب قيادية داخل الهيئة، بينهم مدير تنفيذي، تم فصله ثم أعيد إلى العمل أثناء الحرب وهو متعاقد.
وحوى كشف التعيينات الجديد، الصادر حديثًا من المعتمد الحالي المكلف محمد يس التهامي بتاريخ 16 مارس 2025، والذي تحصلت عليه «سودان تربيون»، تعيين موظفين وتكليف آخرين في مواقع مختلفة، مما تضمن مخالفات عديدة وشبهة فساد.
وتم تعيين الموظفة السابقة (ص، ا) في مكتب شؤون الولايات، وفقًا لكشف التعيينات في قسم الفحص القانوني الخرطوم، رغم أنها لا تحمل مؤهلات تخص الوظيفة التي تستدعي الخبرة القانونية.
وتضمن الكشف تعيين مشرف معسكر أم راكوبة في القضارف، (ع ب م)، رئيسًا لفريق تسجيل الخرطوم، مما يخالف اللائحة الخاصة بالتعيين.
كما شمل الكشف تعيين (ط م) في درجة أقل بوظيفة مسجل، رغم أنه كان مديرًا للتقييم والتعليم والمتابعة في المعتمدية بمكتب الخرطوم، وهو ما يخالف اللوائح التي تمنع تعيين موظف في درجة أقل من درجته السابقة، إضافةً إلى تعيين شخص من خارج المؤسسة بعد الإعلان عن وظيفته للمنافسة في مارس 2025.
بالإضافة إلى ذلك، تم تخفيض موظفين في وظائف المشروعات التعاقدية ومنحهم حقوقهم، ثم إعادتهم للعمل في وظائف مختلفة دون طرح الوظائف للمنافسة، رغم وجود موظفين حكوميين خارج الخدمة.
وأكد موظفون تحدثوا لـ«سودان تربيون» – مطالبين بحجب أسمائهم– أن بعض مكاتب المعتمدية في الولايات تُدار من متقاعدين متعاقدين، مثل مكتب النيل الأبيض ومعسكر الطنيدبة بولاية القضارف، إضافة إلى موظف منتدب في مكتب الدمازين، مما يشكل مخالفة لقانون الخدمة المدنية.
تجاوزات إدارية
وقال أحد موظفي المعتمدية، لـ«سودان تربيون» إن تكليف مدير الشؤون المالية والإدارية لمعتمدية اللاجئين، يمثل إعادة للتجاوزات، في ظل وجود كفاءات وخبرات أخرى.
وأوضح أن مدير المكتب التنفيذي للمعتمدية، تم تعيينه بدلًا عن موظفين أعلى درجة وأكثر خبرة، حيث كان هناك موظف في الدرجة الخامسة (فصل أول) أكمل السن القانوني وأُحيل إلى المعاش، بينما المدير موظف متعاقد وليس لديه مؤهل أكاديمي.
كما أشار إلى تقرير صادر عن مكتب المعتمدية، تضمن مخالفات جسيمة للمدير التنفيذي الحالي في مكتب إسكان كادقلي، إضافة إلى انتحاله صفة عميد بالقوات المسلحة للفرقة 14 مشاة، وفق قوله.
وأشار الموظف إلى أن وزير الداخلية الحالي يتدخل بشكل مباشر في قرارات المعتمدية، وهو ما يخالف قانون اللجوء لعام 2014، الذي ينص على أن دوره إشرافي فقط وليس تنفيذيًا، مثل قراره بإعادة ميدان للعمل بعد فصله.
ولم يرد مكتب وزير الداخلية أو مكتب معتمد اللاجئين على طلبات «سودان تربيون» للتعليق.
وكشف الموظف عن وجود أكثر من 100 موظف حكومي حاليًا خارج الخدمة، بناءً على كشف 16 مارس 2025 الصادر عن المعتمد ومدير الشؤون المالية والإدارية، رغم أنهم موظفون وفقًا لقوانين الخدمة وأصحاب خبرة.
وطالب الموظفون الحكوميون مجلس السيادة بالتدخل وتشكيل لجنة لمراجعة الوظائف في المعتمدية، وإعادة المفصولين والمبعدين، وإعفاء المعتمد الحالي وتعيين آخر جديد وفق الهيكل السليم للخدمة المدنية.
مخالفات التعيين
عُينت (آ ع) في وظيفة مدير إدارة الحماية المركزية برئاسة معتمدية اللاجئين، بواسطة المعتمد السابق موسى عطرون، رغم أنها كانت موظفة بقسم المخازن والإمداد الإداري.
وأثبت تقرير لجنة تحقيق برئاسة المستشار القانوني للمعتمدية في عام 2020 وجود تجاوزات كبيرة في تعيين (آ ع)، حيث لم تستوفِ متطلبات الخبرة المنصوص عليها لوظائف الفصل الأول للمشروع القومي لتشغيل الخريجين في الدرجة الرابعة، والتي تستدعي خبرة لا تقل عن 17 عامًا، فيما أظهرت وثائقها الرسمية خلاف ذلك.
وفي أغسطس 2024، قامت المديرة الجديدة ومدير مكتب الخرطوم باستخراج عدد من بطاقات حماية الأجانب بقانون اللجوء 2014 في مكتب كرري بمحلية أم درمان، دون اتباع الإجراءات المعتادة، مما أدى إلى استبعاد المكتب الفني المسؤول عن منح عدم الممانعة وفق القانون.
فساد إداري وتدخلات وزارية
وأظهرت المستندات أن المعتمد السابق موسى عطرون قاد أكبر عملية فساد إداري في المعتمدية، إذ شهدت فترته تجاوزات كبيرة في عمليات الفصل والتخفيض والإبدال والإحلال دون سند قانوني، رغم أن المرتبات والوظائف تأتي من جنيف.
كما رفض المعتمد الحالي المكلف، محمد يس التهامي، النظر في العشرات من الملفات التظلمية، بعضها قضايا مرفوعة أمام محكمة الطعون الإدارية.
تدخلات وزير الداخلية
أكد موظفون في المعتمدية، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن وزير الداخلية خليل سايرين يمارس تدخلات مباشرة، رغم أن القوانين لا تخوّله التدخل في قرارات المعتمدية التنفيذية.
وأضافوا أن السياسات التي اتبعها المعتمد السابق أدت إلى فصل وإبعاد العشرات،بينما يرفض المعتمد المكلف الحالي التعامل مع هذا الملف.
وفي أعقاب اندلاع حرب 15 أبريل، أصدرت المعتمدية قرارًا بتوزيع الموظفين حسب مناطقهم، لكنه لم يُنفذ، وفي نوفمبر 2024 صدر قرار آخر بتسريح جميع العاملين بحجة نقص التمويل رغم ان المرتبات تصل من جنيف.
مخالفات التعيينات الأخيرة
اتهم الموظفون المدير التنفيذي الحالي بتسريب ملفات للرأي العام، مما أدى إلى فصله بقرار من المعتمد السابق، قبل أن يُعاد للعمل بقرار من وزير الداخلية والمعتمد الحالي المكلف محمد التهامي.
وقال الموظفون المفصولون إنهم لجأوا إلى وزير الداخلية الذي شكّل لجنة تحقيق برئاسة اللواء سامي الصديق، والتي أثبتت وجود تجاوزات إدارية كبيرة.
كما كشفوا عن مخالفات أخرى، أبرزها نقل موظفة من لجنة الوزير الخاصة بالمعتمدية وتعيينها مديرة لشؤون العاملين، إضافة إلى تعيين أقارب مدير الشؤون المالية والإدارية في وظائف مختلفة، مما يعزز الاتهامات بالمحسوبية والفساد الإداري.