في ظل ظروف إنسانية قاسية، تستقبل اللاجئات السودانيات شهر رمضان في معسكرات اللجوء، وسط غياب تام للمساعدات الإنسانية، وارتفاع جنوني في أسعار الغذاء، مما يجعل الصيام تحديًا يوميًا يفوق القدرة على التحمل. في برنامج “كنداكات وميارم” الذي يبثه راديو دبنقا، روت لاجئات معاناتهن خلال رمضان، متحدثات عن الجوع، التجاهل، والاعتماد على التكافل بينهن كوسيلة أخيرة للبقاء على قيد الحياة.
في معسكر إردمي بتشاد، أكدت مريم البتول عبد الله، مشرفة الأنشطة الإنسانية، أن اللاجئين لم يتلقوا أي مساعدات منذ بداية رمضان، مشيرة إلى أن الأمر تكرر العام الماضي. وقالت بأسى:
“لولا قوة الإيمان، لما تمكن اللاجئون من الصيام، فحتى الماء والسكر أصبحا من الكماليات بسبب الأسعار الجنونية. تلقينا آخر دفعة مساعدات نقدية قبل شهرين، والصرف القادم لن يكون إلا بعد رمضان، مما يجعل هذا الشهر الأصعب على الإطلاق.”
أما في معسكر تلوم شرق تشاد، فوصفت إحدى اللاجئات الأوضاع بالصعبة للغاية، مؤكدة أنهن يعتمدن على التكافل فيما بينهن لإعداد وجبة الإفطار من بقايا المواد المتوفرة، وأضافت بحسرة:
“لم تعد هناك منظمات تستمع إلينا أو تهتم بنا، لا نجد حتى جهة نشتكي إليها سوى الله.”
وأشارت ناشطة في المعسكر إلى أن اللاجئات يفتقرن لكل شيء، حتى الأواني الأساسية لحفظ الطعام أو تحضير الوجبات الرمضانية، مما يجبرهن على استخدام أدوات غير مخصصة للطهي، وأحيانًا غير صالحة للاستخدام. وتابعت:
“في رمضان نحتاج إلى مواعين للبليلة والعصيدة والعصائر، لكننا نضع أكثر من صنف في إناء واحد، ونستخدم طنجرة واحدة لطهي كل شيء، رغم أن الأواني كانت من الأولويات التي تقدمها المنظمات للاجئين في السابق.”
وتحدثت لاجئة أخرى عن حجم المعاناة قائلة:
“منذ أكثر من عام، صرفت لنا دفعة نقدية واحدة فقط. أعاني من أمراض مزمنة وأعول أيتامًا، لكن لا أحد يهتم بنا، وكأننا غير موجودات.”
السودانيات اللاجئات في مصر.. حنين إلى الوطن ومرارة الغربة
في مصر، لم يكن الحال أفضل، حيث عبرت أمل إبراهيم عن معاناة اللاجئات خلال رمضان، مؤكدة أن الغربة جعلت الشهر الكريم أكثر قسوة.
“افتقدنا عاداتنا السودانية الجميلة في رمضان، من الإفطار الجماعي في (الضرا) إلى طقوس السحور ولمة الأهل، لكن رغم كل ذلك، لا يزال أملنا في العودة إلى الوطن يخفف من معاناتنا.”
أما زهراء أحمد، فبدأت حديثها بالدعاء أن يحل رمضان القادم والجميع قد عاد إلى دياره، مضيفة بحنين:
“نفتقد الأجواء السودانية الرمضانية، حيث يجتمع الجيران والأهل في الشوارع لتناول الإفطار، نفتقد حتى التفاصيل الصغيرة التي جعلت لرمضان في السودان طعمه الخاص. الحرب سرقت منا كل شيء، ونأمل أن تنتهي قريبًا لنعود إلى أحضان وطننا.”
في مواجهة هذه الظروف المأساوية، تناشد اللاجئات السودانيات في تشاد ومصر المجتمع الدولي، المنظمات الإنسانية، والخيرين للتدخل العاجل، وتقديم المساعدات الأساسية التي تمكنهن من الصيام بكرامة. فرغم كل هذه المعاناة، لا يزال الأمل في العودة للوطن هو الشعلة التي تمنحهن القوة للاستمرار في مواجهة رمضان الجوع والخذلان.
دبنقا