آخر الأخبار

هل يفتح الرفض الأفريقي للحكومة الموازية نافذة للحل في السودان

شارك

يمثل الموقف الرافض لمجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي للتحركات الجارية لتشكيل حكومة موازية في السودان، أداة ضغط مباشرة على قوات الدعم السريع بشأن فرص الاعتراف بها خارجيا، وغير مباشرة على الجيش لحثه على التوجه نحو السلام وعدم التمادي في المواقف المعارضة لوقف الحرب.

وحذر مجلس الأمن والسلم الأفريقي في اجتماع له الأربعاء في أديس أبابا من التداعيات الخطيرة لتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وإسهامها في تقسيم السودان، داعيا جميع الدول إلى عدم الاعتراف بأي حكومة أو كيان يسعى إلى حكم أي جزء من أراضي السودان.

ويعبر الموقف الحاسم للتكتل المعني بحفظ الأمن في أفريقيا عن موقف دول أفريقية ترفض العودة إلى سيناريوهات التفتيت والتقسيم ودعم الوقوف في وجه أي محاولات تشجع جماعات مسلحة وتنظيمات سياسية على إعلاء النبرة الانفصالية.

ولا ينفصل هذا الموقف عن إجراءات اتخذها الاتحاد الأفريقي بشأن رفض أي تحركات للانقلاب على السلطة الحاكمة في أي دولة، وهو ما أفضى إلى تعليق عضوية السودان حتى الآن منذ الانقلاب العسكرية على الحكومة المدنية في أكتوبر 2021.

محمد زكريا: موقف المجلس يمثل تحولا في التعاطي مع الملف السوداني

ويبدو أن ثمة رغبة حثيثة في عزل الدول التي تخرج عن الأطر السياسية في تداول السلطة كهدف متفق عليه بين الدول الأعضاء يعززه الموقف الراهن من السودان.

وقدم مجلس السلم والأمن الأفريقي ما يمكن وصفه بـ”الطُعم” للحكومة السودانية وحلفائها بشأن الانفتاح على مبادرة سلام طرحها الاتحاد الأفريقي في مايو الماضي وأخذت مسارات ولقاءات ونقاشات مع قوى سودانية عدة، وسيكون التعنت في التجاوب مع هذه الجهود سبيلا لاتخاذ موقف أكثر تشددا من جانب الاتحاد الأفريقي.

ويخرج موقف مجلس السلم والأمن مساعي تشكيل حكومة موازية من دائرة الفعل السياسي القابل للتنفيذ إلى فضاء مجهول، خاصة أن غالبية الهيئات والمنظمات الدولية رفضت وجود حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وكان نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو توعّد قبل أيام بـ”تحرير ولايات الشمال ونهر النيل وبورتسودان وكسلا من الحركة الإسلامية،” وأن ماكينات طباعة العملة والجوازات جاهزة والمناطق التي يسيطرون عليها ستكون محمية من الطيران.

وقال القيادي في تحالف “صمود” شريف عثمان في تصريح لـ”العرب” إن الموقف الأفريقي يفتح نافذة جديدة للسلام، لأنه أكد على دعم خارطة الطريق التي أعلن عنها الاتحاد الأفريقي في مايو الماضي، ودعا فيها طرفي الصراع للتفاوض، ويمكن أن يحقق هذا المسار نتائج إيجابية، فهو يحظى بدعم غالبية القوى المدنية السودانية.

وطرح الاتحاد الأفريقي خارطة طريق في مايو الماضي لإنهاء النزاع في السودان، تقوم على وقف الأعمال العدائية، والاستجابة للوضع الإنساني، وحماية المدنيين والبنية التحتية، وإطلاق عملية سياسية شاملة.

وأوضح عثمان في تصريح لـ”العرب” أن تصريحات قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان بعيدة عن إمكانية التوجه للحل السلمي، ما يزيد تأزيم الموقف العام، في المقابل فإن التحالف الذي وقع على ميثاق سياسي في نيروبي يتبنى خطاب ينفتح على مبادرات السلام هو الذي دفع القوى المدنية التي رفضت الانحياز لهذا الطرف أو ذاك ممثلة في “صمود” لطلب انعقاد جلسة مشتركة بين مجلس الأمن الدولي والسلم الأفريقي ودعوة طرفي الحرب للمشاركة فيها كفرصة لوقف الصراع.

وجدد قائد الجيش السوداني مؤخرا التأكيد على أنه “لا تفاوض” مع قوات الدعم السريع “إلا بتسليم سلاحها ومحاسبة عناصرها،” في وقت تتقدم فيه قوات الجيش على محاور عديدة في الخرطوم.

وتخشى دوائر أفريقية أن تقود تعقيدات الحرب في السودان إلى تمددها لدول مجاورة واشتعال الأوضاع في عدد منها، خاصة مع تطورات الصدامات في دولة جنوب السودان ونشوب توترات جديدة في إقليم التيغراي الإثيوبي.

ويمكن لأطراف الصراع أن تنفتح على مبادرات أفريقية تقود إلى تسوية جزئية تسمح بوقف إطلاق النار، غير أن الوصول إلى اتفاق سياسي أمر مستبعد بسبب تعقيدات المشهد الراهن، والذي يشير إلى صعوبة التقاء جميع الأطراف المتحاربة داخل منظومة سياسية واحدة، كما أن تراجع الاهتمام بحرب السودان على المستوى الإقليمي والدولي يضعف مهمة الوصول إلى تسوية نهائية شاملة.

وأكد القيادي بالكتلة الديمقراطية، المحسوبة على الجيش السوداني، محمد زكريا أن مجلس السلم انتصر للقيم التي تأسس عليها الاتحاد الأفريقي، ويمثل موقفه تحولا في طريقة ونهج تعاطيه مع الملف السوداني، وقد أصبح الموقف الأفريقي موحدا ضد محاولات تمزيق الدولة وتهديد وحدتها واضعاف سيادتها.

وأوضح زكريا في تصريح لـ”العرب” أن الأجواء مواتية للبناء على هذا الموقف وتسويقه دوليا ودفع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل الفاعلين لرفض تقسيم السودان.

وأشار إلى أن القوى السودانية في رؤيتها التي قدمتها للاتحاد الأفريقي، ممثلاً في الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة السفير محمد بن شمباس في فبراير الماضي طالبت بتهيئة المناخ الملائم للحوار برفع تجميد عضوية السودان حتى يتسنى للاتحاد الأفريقي لعب دور فاعل في الحوار السوداني.

ويحّمل سياسيون سودانيون الجيش مسؤولية مستقبل البلاد ووحدتها إذا لم يكن هناك استغلال جيد للفرص الراهنة التي تتيح إمكانية الوصول إلى اتفاق للتسوية، في وقت يحقق فيه الجيش تقدما ميدانيا يسمح له بوضعية سياسية جيدة في المباحثات، وأن التقسيم يمكن أن يبقى واقعا، حال تفويت محاولات تحظى بتوافق شعبي لوقف الحرب.

وأعلن الاتحاد الأوروبي التزامه بوحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادة الشعب السوداني، وأن تشكيل حكومة موازية في مناطق الدعم السريع يهدد التطلعات الديمقراطية للشعب في عملية سودانية شاملة تؤدي إلى استعادة الحكم المدني، مشددا على فرض تدابير تقييدية على أشخاص وكيانات يقوضون الجهود الرامية لاستئناف الانتقال السياسي في البلاد.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا