آخر الأخبار

تحرير الأسرى المصريين بموازاة اتصالات مكثفة لدعم الحكومة السودانية

شارك

تجري مصر اتصالات مع دول خليجية وأفريقية مكثفة لدعم الحكومة السودانية في موازاة تنسيق عسكري وأمني معها، بلغ ذروته أمس الخميس، بتنفيذ عملية مشتركة جرى خلالها تحرير الأسرى المصريين المحتجزين لدى مليشيا الدعم السريع. ونقلت فضائية القاهرة الإخبارية شبه الحكومية أن الأجهزة المعنية في مصر تمكنت من تحرير المصريين المختطفين من قبل مليشيا الدعم السريع وذلك بالتنسيق مع السلطات السودانية. وبحسب القاهرة الإخبارية، المحسوبة على أجهزة رسمية مصرية، فقد تم “نقل المصريين المختطفين من مناطق الاشتباكات بوسط الخرطوم إلى مدينة بورسودان وإعادتهم سالمين إلى مصر”.

وفي إبريل/ نيسان 2023، نشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو تظهر فيها لحظة تسليم ضباط وجنود من الجيش والقوات المصرية كانوا موجودين بقاعدة مروي السودانية أنفسهم لقوات الدعم السريع بمروي. وكانت وساطة إماراتية آنذاك قد أسفرت عن استعادة مصر المعدات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها من القاعدة، فيما تمسكت قيادة الدعم السريع ببقاء العناصر المصريين في الخرطوم واحتجازهم في مقر السفارة المصرية هناك ورقةَ ضغط على القاهرة لمنعها من الانخراط في القتال ضدها أو دعم قوات الجيش السوداني.

هذا التنسيق العسكري ــ الأمني مع الحكومة السودانية توازيه اتصالات مصرية دبلوماسية مكثفة لحشد الدعم للحكومة السودانية خصوصاً ضد تشكيل الحكومة الموازية من قبل “الدعم”. وتقول مصادر دبلوماسية مطلعة، لـ”العربي الجديد”، إن القاهرة تكثف اتصالاتها مع عدد من الدول العربية والأفريقية، بالإضافة إلى أطراف دولية، لضمان عدم حدوث أي تحولات من شأنها تهديد وحدة السودان أو تشكيل كيانات موازية للحكومة الشرعية، وهو ما تعتبره مصر خطاً أحمر نظراً لمخاوفها العميقة من تفكك البلاد وانزلاقها إلى فوضى قد تؤثر على استقرار المنطقة برمتها.

التحركات المصرية تشمل اتصالات مباشرة مع حكومات دول الجوار السوداني والقوى الخليجية الفاعلة

وتوضح المصادر أن التحركات المصرية تشمل اتصالات مباشرة مع حكومات دول الجوار السوداني، مثل تشاد وجنوب السودان وكينيا، بالإضافة إلى تواصل القاهرة مع القوى الخليجية الفاعلة، لا سيما السعودية والإمارات، لمحاولة توحيد الرؤى بشأن دعم الحكومة السودانية الشرعية. كما تجري القاهرة مشاورات مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بهدف التنسيق حول مسارات الحل السياسي للأزمة. في هذا السياق، تشير المصادر إلى أن القاهرة تسعى لتوضيح خطورة استمرار حالة الانقسام داخل السودان، خصوصاً مع تصاعد المخاوف من ظهور قوى مسلحة أخرى قد تفرض واقعاً جديداً يهدد استقرار الدولة السودانية والمنطقة بأسرها.

لكن هذه الجهود تصطدم بتباينات إقليمية واضحة، إذ تختلف بعض الدول في مواقفها بشأن التعامل مع الأزمة السودانية. فبينما تدعم مصر الحكومة السودانية برئاسة عبد الفتاح البرهان، تتبنى بعض القوى الإقليمية نهجاً أكثر مرونة تجاه “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما يجعل محاولات التوصل إلى إجماع إقليمي أمراً بالغ التعقيد. وتلفت المصادر إلى أن القاهرة تخشى من أن تؤدي هذه التباينات إلى إطالة أمد الصراع، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية في السودان ويفتح المجال أمام تدخلات خارجية غير مرحب بها قد تعمّق حالة عدم الاستقرار.

قلق من تفكك السودان

أحد الدوافع الرئيسية وراء التحركات المصرية، وفق معلومات “العربي الجديد”، هو القلق المتزايد من تداعيات تفكك السودان، خصوصاً أن القاهرة تعتبر الخرطوم جزءاً أساسياً من أمنها القومي، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني. ويخشى صانعو القرار في مصر من أن يؤدي الانقسام المستمر في السودان إلى خلق مناطق نفوذ متصارعة بين الفصائل المختلفة، وهو سيناريو قد يؤدي إلى موجات جديدة من تدفق اللاجئين والتأثير سلباً على الاستقرار في منطقة حوض النيل، التي تعد ذات أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة للقاهرة. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الأحد الماضي، “رفضها لأي محاولات تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان الشقيق بما في ذلك السعي نحو تشكيل حكومة سودانية موازية”، معتبرة أن هذه التحركات ستعقّد الأزمة السياسية والإنسانية القائمة، ما يجعل التوصل إلى تسوية سلمية أكثر صعوبة.

وتثير محاولات تشكيل حكومة موازية داخل السودان مخاوف واسعة بشأن مستقبل البلاد، إذ يرى خبراء أن مثل هذه الخطوة قد تزيد حدة الانقسامات بين القوى السياسية والعسكرية المختلفة. فوجود أكثر من سلطة تنفيذية قد يؤدي إلى تفكيك مؤسسات الدولة وإضعاف قدرتها على السيطرة على الأوضاع. كما أن ذلك قد يدفع البلاد نحو صراع مفتوح، خصوصاً في ظل غياب توافق وطني حول شكل الحكومة السودانية المقبلة. ومن هنا، يبرز التساؤل حول مدى قدرة هذه الحكومة الموازية على تحقيق شرعية داخلية أو الحصول على دعم دولي، فضلاً عن تأثيرها على فرص الحل السياسي في السودان. علماً أن حكومة كهذه قوبلت على مدى الأسبوع الماضي برفض أميركي وعربي، لا سيما من الدوحة والرياض والكويت.

دعم الحكومة السودانية عربياً
في هذا الصدد، يقول السفير السوداني السابق لدى واشنطن الخضر هارون، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “وجود كيانات متفرقة وغير مستقرة في الجنوب المصري (قرب الحدود السودانية)، في ظل عالم أصبح فيه من السهل استقدام المرتزقة من مختلف أنحاء العالم، يجعل من المستحيل على مصر أن تتعامل مع هذه المسألة بمرونة أو أن تخضعها لأي اعتبارات تجارية أو اقتصادية آنية”. ويعد التوافق العربي المتزايد حول رفض تفتيت السودان، وفق هارون، خصوصاً “من قبل دول مثل السعودية والكويت وقطر، تطوراً مطمئناً، قد يساهم في دفع الجهات التي تحاول فرض واقع جديد إلى إعادة حساباتها”.

من جانبها، تشير الخبيرة في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن الحديث عن تشكيل حكومة موازية في السودان “جاء متزامناً مع إعلان كينيا استضافة مؤتمر تحت عنوان السلام والوحدة، والذي ضم 30 مكوناً سياسياً وعسكرياً وشعبياً سودانياً، من بينها قوات الدعم السريع، وحزب الأمة القومي، إضافة إلى عدد من الحركات المسلحة والشعبية”. وبرأيها، فإن “توقيت هذا الطرح له دلالات مهمة، إذ يأتي في وقت تراجعت فيه القدرات القتالية لقوات الدعم السريع بشكل واضح”.

وتشدد مرعي على أن “فكرة تشكيل حكومة موازية خاطئة، تهدف إلى تقسيم السودان”. وبحسب مرعي، هناك خطوات إيجابية على الصعيد الإقليمي في الآونة الأخيرة، مشيرة إلى أن “الاتحاد الأفريقي بدأ في إعادة النظر في موقفه من السودان، إذ تم بحث إمكانية عودة الخرطوم إلى عضوية المنظمة (في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك بعدما جمد الاتحاد عضويتها عقب إجراءات البرهان في 25 أكتوبر 2021 بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حال الطوارئ)، كما تم فتح مكتب للاتحاد في بورتسودان”. وتضيف أن ذلك “إلى جانب إعلان منظمة إيغاد (الهيئة الحكومية للتنمية، وتضم إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان وجنوب السودان)، استعدادها لفتح صفحة جديدة مع السودان (جمدت حكومة السودان خلال الحرب تعاملها مع المنظمة متهمة إياها بخدمة أجندات دولية وإقليمية بعيدة من المصالح السودانية)، وهو ما يعكس تحولاً إيجابياً نحو إعادة إدماج البلاد في المجتمع الدولي”.

العر بي الجديد

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا