آخر الأخبار

صحافيو السودان هدف مشترك لطرفي حرب "الجنرالين"

شارك

عثمان الأسباط صحفي سوداني

ملخص

توقفت أكثر من 90 في المئة من المؤسسات الإعلامية عن العمل، تاركة الشعب السوداني في ظلام معلوماتي دامس، ومن بين 22 إذاعة محلية لم يبقَ سوى ثلاث تعمل بصورة متقطعة وتبث خطاباً متحيزاً يخدم مصالح طرف دون الآخر، فضلاً عن إغلاق الصحف والانقطاع عن القراء.

منذ بداية اندلاع المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل (نيسان) 2023 دفع الصحافيون السودانيون أثماناً باهظة من حياتهم وأمنهم ومعيشتهم، وظلت التهديدات تلاحق العاملين في الحقل الإعلامي بصورة منتظمة، وغابت حرية الصحافة بصورة كاملة من فرط التدخل والمنع من قبل طرفي الصراع إلى جانب مواد القانون الدولي الإنساني التي تضمن التنقل وممارسة المهنة في حالات الحرب كخط دفاع أول ضد الانتهاكات الجسيمة في حق المدنيين.

ونتيجة هذه الأوضاع توقفت أكثر من 90 في المئة من المؤسسات الإعلامية عن العمل، تاركة الشعب السوداني في ظلام معلوماتي دامس، ومن بين 22 إذاعة محلية لم يبقَ سوى ثلاث تعمل بصورة متقطعة وتبث خطاباً متحيزاً يخدم مصالح طرف دون الآخر، فضلاً عن إغلاق الصحف والانقطاع عن القراء.

بلغ مجمل الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون ووسائل الإعلام منذ اندلاع الصراع 509 حالات انتهاك موثقة (اندبندنت عربية – حسن حامد)

انتهاكات ووفيات

وبحسب رصد نقابة الصحافيين السودانيين بلغ مجمل الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون ووسائل الإعلام منذ اندلاع الصراع 509 حالات انتهاك موثقة.

وشهد عام 2024 زيادة هائلة في أعداد القتلى من الصحافيين، إذ لقي 16 صحافياً حتفهم، بزيادة 300 في المئة على العام السابق، وارتفع عدد الصحافيين الذين اغتيلوا منذ بداية الحرب إلى 20 صحافياً وصحافية.

وسجلت نقابة الصحافيين السودانيين 40 حالة إخفاء قسري واعتقال واحتجاز لصحافيين من بينهم ست صحافيات ليبلغ العدد الكلي لحالات الإخفاء والاعتقال والاحتجاز منذ اندلاع الصراع المسلح إلى 69 من بينهم 13 صحافية.

آليات وتدابير

الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات السوداني حسام الدين حيدر قال إن “الصحافيين يتعرضون لشتى أنواع الاعتداءات الممنهجة التي تهدف إلى إسكاتهم ومنعهم من نقل الحقائق وتغطية الأحداث، كما يمارس طرفا الصراع ضغوطاً كبيرة على الصحافيين، تشمل التهديدات بالقتل والتصفية الجسدية، وكذلك مصادرة المعدات وإغلاق المؤسسات الإعلامية”.

أمام هذه الانتهاكات الجسيمة تبرز الحاجة الماسة إلى وضع آليات فعالة لحماية الصحافيين وتوفير الضمانات اللازمة لهم للقيام بعملهم بحرية وأمان (اندبندنت عربية – حسن حامد)

وأضاف حيدر، “أمام هذه الانتهاكات الجسيمة تبرز الحاجة الماسة إلى وضع آليات فعالة لحماية الصحافيين وتوفير الضمانات اللازمة لهم للقيام بعملهم بحرية وأمان من خلال إلزام الجيش السوداني وقوات (الدعم السريع) تطبيق القوانين الدولية، وعلى رأسها اتفاقات جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن التحقيق في الانتهاكات ضد الصحافيين وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وعدم إفلاتهم من العقاب”. وأوضح حيدر أن “الصحافيين المتضررين من الحرب يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي لمساعدتهم على تجاوز الصدمات الناجمة عن الانتهاكات، إضافة إلى اتخاذ تدابير عاجلة من الصحف الإلكترونية لتأمين بيئة عمل آمنة للصحافيين، بما في ذلك توفير معدات الوقاية وتدريبهم على السلامة”.

وأشار الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات السوداني إلى أن “تزايد معدلات الانتهاكات ضد الصحافيين يشكل تهديداً خطراً لحرية الصحافة وحقوق الإنسان ويعوق نقل الحقائق وتغطية الأحداث، ويتطلب التصدي لهذه الانتهاكات تضافر جهود المجتمع الدولي وطرفي الصراع ومنظمات المجتمع المدني من أجل وضع آليات فعالة لحماية الصحافيين وضمان محاسبة الجناة”.

ظلال سالبة

في السياق نفسه أوضحت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين إيمان فضل السيد أن “أوضاع الصحافيين في تدهور مستمر منذ اندلاع الحرب، وتأخذ المعاناة صوراً مختلفة من توقف المؤسسات إلى الاستهداف، مما أدى إلى ضعف التغطية الإعلامية للحرب نظراً إلى عدم وجود مراسلين حربيين في الصحف والإذاعات السودانية بسبب قلة الخبرة والتدريب على العمل في ظروف النزاعات المسلحة، وكذلك فشل مراسلي القنوات الفضائية العالمية في نقل الأحداث بالصورة المطلوبة، على رغم تضخم حجم الضحايا من المدنيين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية للنازحين واللاجئين إلى حد المجاعة في أعلى مستوياتها الحرجة، أي الجوع المفضي إلى الموت، كما أن المنصات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لأهواء أفراد أو مجموعات لها مصالح متناقضة”. وأشارت إلى أن “إعلام طرفي الصراع بات مسيطراً ومتحكماً في المعلومات ويرفض وجود أي أطراف محايدة، أو مهنية، ومصادر ذات موثوقية تنقل حقائق الحرب نظراً إلى رغبته في عكس وجهات النظر الخاصة بكل طرف لكي تصل إلى الرأي العام وفي الوقت نفسه ضمان عدم تشكيل رأي عام ضده”. ونوهت فضل السيد بـ”توقف 1000 صحافي وصحافية عن العمل، وكذلك فضل المئات الهجرة إلى دول الجوار، وخسر آخرون ممتلكاتهم والحقوق الأساسية المضمنة في المواثيق الدولية من الحق في السكن والعمل والحياة الكريمة”. واعتبرت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين أن “أوضاع الحرب ألقت بظلالها على إمكان تنقل الصحافيين واتصالاتهم بالمصادر للحصول على المعلومات والأخبار، بخاصة مع استهداف طرفي الصراع للصحافيين وتقييد حركتهم ونشاطهم، ومع تزايد حدة الاستقطاب التي فرضها واقع الحرب تراجع التزامهم القيم المهنية وقواعد الحياد والموضوعية والنزاهة إلى حد بعيد”.

تعافٍ متسارع

على الصعيد نفسه رأى الكاتب وعضو اتحاد الصحافيين السودانيين السابق الهادي بريمة أن “أوضاع الصحافيين تحسنت بعد مضي عام من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات (الدعم السريع)، بخاصة عقب صدور أكثر من 15 صحيفة إلكترونية، فضلاً عن عودة ثلاث قنوات فضائية وإذاعات للبث من جديد، إضافة إلى استعانة عدد من المؤسسات الإعلامية والمواقع العالمية بصحافيين سودانيين كثر للعمل كمراسلين”. وعد بريمة أن “الانتهاكات مرفوضة وغير مبررة وتسهم في غياب التغطية الإعلامية للحرب، لكن هناك صحافيين يعملون وفق أجندة محددة تخضع لتوجهات وسياسات دول تعمل على تغذية الصراع المسلح بعيداً من نقل الحقائق والمعلومات الحقيقية على الأرض”. وبين عضو اتحاد الصحافيين السودانيين السابق أن “الوقائع تشير إلى أن كثيراً من المؤسسات الصحافية ستعود للعمل من جديد، خصوصاً الإلكترونية، وكذلك بقية الإذاعات والقنوات الفضائية المحلية، مما يسهم في توفر فرص عمل للصحافيين والصحافيات”.

اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا