تصاعدت موجة الإعدامات الميدانية التي ترتكبها قوات الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، ضد المدنيين، في وقت رجح فيه خبراء أن تقود تلك الانتهاكات الجنرال عبدالفتاح البرهان، إلى المحاكم الدولية المعنية بجرائم الحرب.
تأتي مسؤولية البرهان عن جرائم القتل تلك باعتباره قائدًا للجيش السوداني ومشرفًا على الميليشيات التي دربها وسلحها قبل أن يطلق يدها للفتك بالمدنيين، وفق خبراء تحدثوا لـ”إرم نيوز”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب عن القلق البالغ بشأن ورود تقارير عن تنفيذ عمليات إعدام ضد مدنيين في الخرطوم بحري، من قبل مقاتلين وميليشيا متحالفين مع القوات المسلحة السودانية.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، في المؤتمر الصحفي اليومي، إن الكثيرين من ضحايا تلك الحوادث، هم في الأصل من دارفور أو كردفان. مبينا أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يواصل التأكد من هذه التطورات.
صناعة المليشيات
ورجحّ المحلل السياسي، عمر محمد النور، أن تؤدي الإعدامات الميدانية التي ترتكبها ميليشيات متطرفة ضد المدنيين في مناطق الصراعات، إلى أن تقود البرهان ذات يوم إلى ساحة المحاكم الدولية كـ”مجرم حرب”، لأن هذه الميليشيات سلحها ودربها البرهان للقتال معه، وفق قوله.
وقال النور لـ”إرم نيوز”، إن هنالك مؤشرات عديدة على أن البرهان هو من يأمر شخصيا تلك الميليشيات، بارتكاب هذه الانتهاكات ضمن استراتيجية الصدمة التي ينتهجها لإخضاع الشعب السوداني بالقوة.
وأضاف أن “جنود الجيش المدربين لا يرتكبون مثل تلك الجرائم، ما دفع البرهان إلى صناعة ميليشيات متعددة ذات دوافع عرقية وعقائدية وجهوية وغيرها، اهتم بتدريبها وتسليحها، وأطلق يدها لتقوم بعمليات التصفية ضد المدنيين بعد شحنها بما يلزم لارتكاب المجازر” وفق قوله.
وتابع أن “المجازر التي ارُتكبت ضد المدنيين، لم تجد الاهتمام المناسب من قبل الجهات المعنية في المجتمع الدولي، لجهة أن أغلب المنظمات الحقوقية السودانية وبعض أجهزة الإعلام المعنية بفضح ذلك، وضعت المسؤولين فيها أمام التحيزات الضيقة والإرهاب الذي تمارسه سلطة الأمر الواقع في بورتسودان”.
وأردف “مع ذلك وبعد ازدياد المذابح والانتهاكات المتنوعة ضد المدنيين، أصبحت التغطية عليها من المستحيلات فبدأت بالتسرب إلى الجهات المعنية في المجتمع الدولي، حتى أن المفوض السامي لحقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، أصدر لأول مرة، بياناً بشأن الإعدامات التي ارتكبها الجيش ضد المدنيين في مدينة الخرطوم بحري”.
وذكر أن التغطية على المذابح التي ترتكبها ميليشيات البرهان لم تعد مجدية، وأن قائد الجيش ربما يجد نفسه قريبًا مطلوبًا للعدالة الدولية بتهم جرائم حرب.
جرائم حرب
ومن جهته أكد المحلل السياسي، داؤود خاطر، أن الاعدامات التي نفذتها قوات الجيش السوداني وميليشياته بحق المدنيين، تعتبر جرائم حرب وفق القانون الدولي، لأنها تمثل انتهاكاً صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي نص على ضرورة حماية المدنيين أثناء الصراع المسلح.
وقال خاطر لـ”إرم نيوز”، إن الجيش السوداني لم يحم المدنيين في مناطق الصراع وإنما استهدفهم بشكل ممنهج بواسطة قواته وميليشياته، مؤكداً أن المسؤولية المباشرة لهذه الانتهاكات يتحملها البرهان باعتباره قائداً للجيش، وأمر بتجنيد وتسليح المواطنين خارج مظلة القوات المسلحة.
وأشار خاطر إلى وجود مطالب متعددة لمجلس الأمن الدولي بتوسيع اختصاص محكمة الجنايات الدولية ليشمل كل السودان، عوضًا عن إقليم دارفور فقط، وتوقع أن تلاحق المحكمة البرهان حال توسيع نطاق اختصاصها في السودان.
وأضاف أن “هذه المطالبات حال تحققت ستقود البرهان إلى المحاكم الدولية وسيجد نفسه مثل سلفه عمر البشير، الذي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور”.
وأشار خاطر إلى أنه “حتى المحاكمات التي تجري في مناطق سيطرة الجيش ضد مواطنين بتهم التعاون مع قوات الدعم السريع، تعتبر انتهاكات إنسانية لأنها لا تتوفر فيها أدنى معايير العدالة”، وفق قوله.
وكانت تقارير لقوى حقوقية وسياسية سودانية، أكدت خلال اليومين الماضيين، وقوع انتهاكات إنسانية واسعة في مدينة أم روابة شمالي كردفان، من قبل قوات الجيش السوداني والمليشيات المتحالفة معه، وذلك بعد استعادة المدينة من قوات الدعم السريع.
وشملت الانتهاكات أغلب الذين تمسكوا بالبقاء في المدينة خلال سيطرة قوات الدعم السريع عليها، ولم يغادروها إلى مناطق سيطرة الجيش لينخرطوا في القتال بصفوفه.
وكان من بين ضحايا مجازر الجيش السوداني في مدينة أم ورابة، رئيس حزب الأمة القومي في المنطقة، وأحد قيادات التعليم المعلم والمربي أحمد الطيب عبد الله، الذي قتل ذبحًا، بحسب منظمات حقوقية.
إعدامات بحري
كذلك شهدت مدينة الخرطوم بحري جرائم ارتكبها الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه بحق المدنيين، في ظل اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع
وتداول ناشطون حقوقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صادمة توثق عمليات قتل وصفت بالوحشية، تضمنت الضرب بآلات حادة حتى الموت، والذبح، وإطلاق الرصاص على مدنيين عزّل.
وأكدت بضع أسر سودانية مقتل أبنائها برصاص الجيش السوداني في مناطق متفرقة من الخرطوم بحري، عقب إعلان القوات المسلحة استعادة بعض المناطق، من بينها: “الجيلي والمزاد، والشعبية”، ذات الكثافة السكانية العالية.
وكان مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أكد أن الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، نفذوا إعدامات خارج نطاق القانون بحق مواطنين في مدينة الخرطوم بحري، داعيا إلى ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة في هذه الحوادث بما يتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة.
وذكر في بيان يوم الجمعة الماضي، أن معلومات تم التحقق منها أفادت بمقتل ما لا يقل عن 18 شخصاً، بينهم امرأة، في 7 حوادث منفصلة نُسِبت إلى مقاتلين وميليشيا تابعة للقوات المسلحة السودانية منذ استعادتها السيطرة على المنطقة في 25 يناير الجاري.
ولفت إلى أن العديد من ضحايا هذه الحوادث، التي وقعت في محيط مصفاة الجيلي، ينحدرون من دارفور أو كردفان في السودان، مشيرًا إلى ورود مزيد من الادعاءات المثيرة للقلق من الخرطوم بحري، كما أكد أن مكتب حقوق الإنسان يواصل التحقق منها.