السودان.. غضب شعبي إثر استهزاء ميليشيا مسلحة بـ"الثورة"

مصدر الصورة

تصاعدت موجة الغضب في السودان إثر استهزاء مقاتلي مليشيا “البراء بن مالك”، المتحالفة مع الجيش السوداني، بالثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

وظهر عدد من مقاتلي المليشيا، المنتمية للحركة الإسلامية وجناحها الإخواني في السودان، أمام جداريات تخلد شهداء الثورة الذين سقطوا برصاص أمن البشير، وهم يسخرون من الثورة ومطالبها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني الديمقراطي.

خرج السودانيون في ثورة شعبية ضد نظام البشير، الذي سقط في 11 أبريل/نيسان 2019 بعد أن انحاز الجيش إلى جانب المتظاهرين. غير أن تطلعات الشعب لم تكتمل، إذ قطع العسكريون الطريق أمام الحكومة المدنية، وقاموا بانقلاب على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ومع مرور الوقت، اكتشف السودانيون أن أنصار النظام السابق عادوا إلى المشهد السياسي، مما أدى إلى تصاعد التوتر داخل المكون العسكري، الذي يضم الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حتى انفجر الصراع بينهما في حرب لا تزال مستمرة منذ 15 أبريل/نيسان 2023.

الإسلاميون في خضم الصراع

انخرط أنصار النظام البائد في القتال إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع، وأسسوا كتائب جهادية، على رأسها “البراء بن مالك”، التي دأب قادتها على إطلاق تصريحات مناهضة للثورة والثوار الذين أطاحوا بحكمهم قبل خمس سنوات.

غضب لجان المقاومة

أثار استهزاء مليشيا “البراء بن مالك” بالثورة حفيظة لجان المقاومة، وهي الكيانات الشبابية التي قادت الاحتجاجات ضد نظام البشير وما زالت تمثل قوة ضغط على السلطة العسكرية لنقل الحكم إلى المدنيين.

وفي بيان لها، قالت تنسيقية لجان مقاومة الكلاكلات وجنوب الخرطوم: “طالعنا استهزاء أفراد كتائب البراء بن مالك بثورة ديسمبر المجيدة ورموزها، وهو ليس بالأمر الجديد، إذ اعتادت قوى الثورة المضادة استعداء الثورة والثوار”.

من جانبها، أصدرت تنسيقية لجان مقاومة كرري بيانًا جاء فيه: “بأسف وغضب بالغين، تابعنا أفرادًا من لواء البراء بن مالك وهم يسخرون من ثورة ديسمبر المجيدة”، مؤكدة أن “الثورة أكبر من أن يمسها نكرة هنا أو هناك، فهي إرادة شعب كسر قيود الاستبداد وواجه كل أدوات القمع”.

تأكيد على استمرار الثورة

بدوره، شدد القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” خالد عمر يوسف، على أن الثورة لن تُجهض رغم الحرب الدائرة، قائلاً عبر منصة “إكس”: “قوى الثورة حية ولن تنكسر، وستواصل نضالها لوقف الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية وإحلال السلام في كل ربوع البلاد، واستكمال مسيرة ديسمبر التي لن تتوقف”.

وسم “ديسمبر باقية وستنتصر”

دشّن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “ديسمبر باقية وستنتصر”، معبرين من خلاله عن استنكارهم لاستهزاء مليشيا البراء بن مالك بقيم الثورة الشعبية، معتبرين أن تصرفات هذه الجماعة تكشف الأهداف الحقيقية للحرب، والتي تتلخص في القضاء على الثورة.

وكتب الناشط الشافي فضل على منصة “إكس”: “ثورة ديسمبر كالبركان الثائر، تنفث حممها في صدور الأحرار والشرفاء، إنها ثورة المطالب والمبادئ، ثورة المدنية ودولة المؤسسات والقانون والدستور”.

أما يوسف النعمة، فقد نشر مقطع الفيديو الذي أظهر المليشيا تسخر من الثورة، معلقًا: “متى يدرك الكيزان المجرمون ومليشياتهم أنهم لن يفلحوا أبدًا في إخماد ثورة ديسمبر، التي ضحى من أجلها شهداء وشهيدات من خيرة أبناء الشعب السوداني؟”.

وفي السياق ذاته، وصفت الفنانة السودانية نانسي عجاج ثورة ديسمبر بأنها “أسوأ كوابيس عناصر النظام البائد”، وكتبت على حسابها: “بعد كل الميزانيات الكبيرة التي خصصت لحملات إعلامية لخداع البسطاء بأن هذه حرب كرامة، تكشف الحقيقة يومًا بعد يوم عبر الفيديوهات الموثقة. الأشرار أغبياء بالفطرة، وستظل ثورة ديسمبر أسوأ كوابيسهم”.

ثورة مستمرة رغم حملات التشويه

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله أكد بدوره أن “ثورة ديسمبر ستظل مستمرة حتى اجتثاث آخر فاسد من النظام البائد، وإن تدثر بالكاكي”، مشيرًا إلى أن “مارد ديسمبر سينهض من تحت هذا الدمار، ليحول ظلام الليل إلى نهار تسطع فيه شمس الثورة”.

تهديدات سابقة للثوار

هذه ليست المرة الأولى التي يستهزئ فيها أنصار النظام البائد بالثورة، فقد سبق أن ظهر أفراد نظاميون في مدينة بحري وهم يهددون القوى المدنية أمام أحد معتقلات جهاز الأمن، حيث قال أحدهم: “هذا معتقل جهاز الأمن (تلاجات موقف شندي) الذي تعرفونه جيدًا أيها القحاطة”، في إشارة لقوى الحرية والتغيير.

كما هدد قناص يُدعى هيثم الخلاء الثوار قائلاً: “أيها الثوار وكل من قال تسقط بس، لم ننساكم. نحن عناصر النظام البائد”. وفي حادثة أخرى، ظهر الناشط محمد عمر الشكري معلنًا: “لا ثورة بعد اليوم”، لكنه اضطر لاحقًا للاعتذار تحت ضغط الحملة التي واجهها على مواقع التواصل.