موقع ريآكشن الإخباري – Reaction ألكساندرا لوكا ترجمة: حسام عثمان محجوب 16 يناير 2025 حسام محجوب، مهندسٌ مقيمٌ في أوستن من أصلٍ سودانيٍّ، يعيش حياته بالقليل من ساعات النوم. فبالإضافة إلى عمله الذي يستغرق 50 ساعةً أسبوعياً، يدير قناة “سودان بكرة”، وهي قناةٌ تلفزيونيةٌ سودانيةٌ مستقلةٌ وغير ربحيةٍ تُعنى بالتحول الديمقراطي في السودان.
تُشاهد القناة من قبل الملايين داخل البلاد وخارجها ممن يتابعون تغطية الحرب الأهلية الوحشية في السودان. لا تظهر أي بوادرٍ على تراجع الصراع الذي دخل عامه الثاني، حيث تواصل الفصائل المتحاربة القتال للسيطرة على البلاد، مما حول السودان إلى ما وصفته لجنة الإنقاذ الدولية بأنه “أكبر أزمةٍ إنسانيةٍ تم تسجيلها على الإطلاق”.
منذ بداية الحرب، تم تشريد أكثر من 10 ملايين شخصٍ، وقُتل ما لا يقل عن 20 ألفاً بشكلٍ مباشرٍ بسبب العنف، مع 43 ألف وفاةٍ أخرى بشكلٍ غير مباشرٍ، بينما يُقدّر أن 755 ألف شخصٍ معرضون لخطر المجاعة، وتنتشر أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكلٍ كبيرٍ. ومع ذلك، يبقى الصراع في هامش الاهتمام العالمي. اندلع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم في أبريل 2023 وسط صراعٍ على السلطة بين أكبر فصيلين عسكريين: القوات المسلحة السودانية المصطفة مع الحكومة، وقوات الدعم السريع.
أسست قوات الدعم السريع كميليشيا لمكافحة التمرد من قبل الدكتاتور عمر البشير، الذي أطيح به في انقلابٍ عسكريٍّ عام 2019. لعبت هذه القوات دوراً رئيسياً في الإبادة الجماعية التي قادتها الحكومة ضد المجتمعات غير العربية في دارفور بين عامي 2003 و2005. ووفقاً لخبراء الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن وضعاً مشابهاً يتكرر الآن في دارفور المعاصرة، مع تحذيراتٍ من الإبادة الجماعية التي يتم تجاهلها بسبب التركيز الدولي على الحروب في غزة وأوكرانيا.
وُلد حسام في السودان ودرس في عُمان والإمارات والولايات المتحدة، قبل أن يعمل في الإمارات والسودان، ثم يستقر في الولايات المتحدة. أطلق “سودان بكرة” عام 2019، وسط طلبٍ متزايدٍ على قنواتٍ لا تكون بروباغندا حكوميةٍ أو وسائل إعلامٍ دوليةٍ ذات فهمٍ سطحيٍّ للديناميكيات المعقدة في السودان.
كانت القناة المنفذ الرئيسي للبث المباشر خلال مذبحة 3 يونيو 2019 في الخرطوم، حيث استخدم النظام العسكري بقيادة قادة الجيش والدعم السريع الذخيرة والغاز المسيل للدموع وقتل أكثر من 100 شخصٍ كانوا يعتصمون سلمياً. في ذلك الوقت، طُلب من وسائل الإعلام الأجنبية المغادرة أو لم يُسمح لها بالعمل. قال محجوب لريآكشن (Reaction) إنه يعتقد أن السودان سيحتاج إلى سنواتٍ عديدةٍ للخروج من حالة الحرب، رغم أن المجتمع الدولي يمكنه التدخل على الأقل على المدى القصير لتشجيع وقف إطلاق النار.
وأضاف: “إذا توقفت واردات الأسلحة إلى السودان وتم الضغط على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، فقد تكون هناك فرصةُ لوقف القتال.” تُعد الإمارات أحد الرعاة الرئيسيين لقوات الدعم السريع في حرب السودان، وعلى الرغم من إنكارها العلني لتمويل هذه القوات، تشير الأدلة المتزايدة إلى أن الإمارات تعزز مصالحها الخارجية عبر إرسال الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
وبينما تشارك علناً في مفاوضات السلام مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة والسعودية، تقدم الإمارات المساعدة لقوات الدعم السريع عبر شبكاتها في إفريقيا تحت ستار المساعدات الإنسانية، كما تقوم بنقل جنودها الجرحى إلى المستشفيات الإماراتية.
يقول حسام إن تدخل الإمارات في الحرب هو جزء من استراتيجيتها الأوسع في الشرق الأوسط لزيادة نفوذها السياسي وتحقيق الهيمنة الاقتصادية وسحق المعارضة الديمقراطية. تم الاتصال بالسفارة الإماراتية في لندن للتعليق لكنها لم ترد. ساعد الذهب المهرب الذي يُنتج في السودان – أحد أكبر منتجي الذهب في إفريقيا – على تمويل قوات الدعم السريع.
واستوردت الإمارات معادن وأحجاراً ثمينةً بقيمة 1.03 مليار دولارٍ في 2023، وفقاً لبيانات من تريدنج إيكونوميكس (Trading Economics). وإلى جانب استثماراتها بمليارات الدولارات في البنية التحتية والتعدين، تدير الإمارات “استثماراتٍ هائلةٍ في الأراضي والزراعة وإنتاج الغذاء والثروة الحيوانية” داخل السودان، وفقاً لمحجوب. تشمل هذه الاستثمارات 50 ألف هكتارٍ من الأراضي السودانية تحت إدارة الشركة الدولية القابضة (IHC) واستثمارات جنان الإماراتيتين.
كما تسيطر الإمارات بشكل كبير على القطاع الزراعي في السودان من خلال مشروع أبو حمد الزراعي، الذي يغطي 162 ألف هكتارٍ بالشراكة مع مجموعة دال السودانية. في 2020، استوردت الإمارات 85% من غذائها، مما يجعل الأمن الغذائي قضيةً محوريةً. يقول حسام إن الإمارات تسعى لترسيخ نظامٍ موالٍ في السودان لتحسين موقعها في مؤشر الأمن الغذائي العالمي.
ورغم ضرورة تدخل المجتمع الدولي في السودان، إلا أن الاستجابة كانت ضئيلةً. يرى محجوب أن السبب هو أن “السودان قطعةٌ صغيرةٌ جداً في الجغرافيا السياسية للقوى العالمية الكبرى” مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. في نوفمبر، كشف تقريرٌ لمنظمة العفو الدولية أن تقنيةً عسكريةً فرنسيةً، مدمجةً في ناقلات جنودٍ مدرعةٍ صنعتها الإمارات، تُستخدم في المعارك بالسودان، في انتهاكٍ واضحٍ لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور.
وبينما تربط فرنسا والإمارات شراكةٌ دفاعيةٌ طويلة الأمد، فإن فرنسا ملزمةٌ قانونياً بضمان عدم إعادة تصدير أسلحتها إلى السودان. ومع ذلك، عندما تزن الدول الغربية مصالحها المتنافسة، يبدو أن معظمها يقرر أن مواجهة الإمارات بشأن السودان لا تستحق العناء. تشير التقارير إلى أن الإمارات تمارس ضغوطاً على الدول أيضاً. ففي أبريل، عندما رفضت بريطانيا الدفاع عن الإمارات بعد اتهام مندوب السودان في الأمم المتحدة لها بدعم قوات الدعم السريع، عاقبت الإمارات بريطانيا بإلغاء أربع اجتماعاتٍ وزاريةٍ مقررةٍ.
يؤكد محجوب على أهمية كشف تورط الإمارات، لأنها تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على صورتها كقوةٍ “تقدميةٍ” ورائدةٍ في الرياضة والترفيه. وأثبتت حملات التشهير العلني ضررها على الإمارات بعد أن ألغى مغني الراب الأمريكي ماكليمور حفله في دبي بسبب دورها في “الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية المستمرة في [السودان].” يشدد حسام على ضرورة فرض عقوبات على حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، وشقيقه، مطالباً بعدم التعامل معهما كسياسيين بل باعتبارهما أميرا حربٍ. كما يؤكد ضرورة محاسبة كل من يدعم هؤلاء القادة أو يمنحهم الشرعية.
رابط المقابلة الأصلي باللغة الإنجليزية:
https://www.reaction.life/p/husam-mahjoub-interview-the-uae-is
صحيفة مداميك