توقع خبراء أن يستمر الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، في رفض دعوات وقف القتال، حيث يُظهر تصاعد العنف المميت ضد المدنيين في البلاد. وأكد هؤلاء الخبراء أن هذا الموقف قد يقود البرهان إلى اتباع نهج مشابه للرئيس السابق عمر البشير، مما قد يجعله عرضة للملاحقة القانونية على الصعيد الدولي. إن استمرار هذا السلوك قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان، حيث يعاني المدنيون من تداعيات النزاع المستمر.
تأتي هذه التوقعات في ظل تقارير تفيد بأن الجيش السوداني قد استخدم الأسلحة الكيميائية مرتين على الأقل ضد قوات الدعم السريع، التي تشكل خصمًا رئيسيًا له في النزاع الحالي. وقد أظهرت هذه التقارير أن الجيش لم يتردد في استخدام أسلحة محظورة دوليًا، مما يثير قلق المجتمع الدولي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان. إن استخدام هذه الأسلحة يعكس تصعيدًا خطيرًا في النزاع، ويزيد من تعقيد جهود السلام في المنطقة.
في سياق متصل، أفاد أربعة مسؤولين كبار في الولايات المتحدة بأن الجيش السوداني قد استخدم هذه الأسلحة مؤخرًا في مناطق نائية، مستهدفًا عناصر من قوات الدعم السريع. ومع ذلك، يشعر المسؤولون الأمريكيون بقلق متزايد من احتمال استخدام هذه الأسلحة في المناطق المزدحمة بالسكان بالعاصمة الخرطوم، مما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر. إن الوضع في السودان يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لضمان حماية المدنيين ومنع تفاقم الأوضاع.
كما يأتي الكشف عن استخدام الأسلحة الكيميائية في وقت فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات على قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، بسبب الجرائم الموثقة التي ارتكبها جنوده، بما في ذلك القصف العشوائي للمدنيين واستخدام المجاعة كسلاح في الحرب.
يُعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية تجاوزًا جديدًا في الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث قُتل ما يصل إلى 150,000 شخص، وتم تشريد أكثر من 11 مليون شخص، وصارت المنطقة تعاني من أسوأ مجاعة في العقود الأخيرة.
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي عمر محمد النور أن هذه التقارير والعقوبات ستجعل البرهان يتجه نحو مزيد من العنف، متوقعًا أن يصبح قائد الجيش قريبًا مطلوبًا لدى العدالة الدولية.
وأشار في تصريح لـ”إرم نيوز” إلى أن البرهان يسير على خطى الرئيس السابق عمر البشير في ارتكاب الجرائم، مبينًا أنه استخدم أيضًا الأسلحة الكيميائية خلال فترة حكمه في مناطق مثل جبل مرة بدارفور ضد حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور.
وأضاف أن “البرهان الآن يعيد نفس الجرائم التي ارتكبها البشير، وقد ينتهي به المطاف إلى نفس المصير الذي تعرض له سلفه، الذي أصبح مطلوبًا من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها في دارفور”.
وتابع أن “المشكلة ليست في شخص البرهان، بل في مؤسسة الجيش التي يقودها اليوم، فعندما ارتكب البشير جرائمه كان قائدًا عامًا للجيش، وتاريخ هذه المؤسسة مليء بممارسات إجرامية ضد الشعب السوداني”.
وأوضح أن “حتى لو رحل البرهان اليوم، فإن من سيخلفه قد يسير على نفس النهج الإجرامي ما لم يتم إعادة هيكلة الجيش السوداني على أسس جديدة تضمن مهنيته وقوميته وتجنبه للتدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية”.
وتوقع أن يرتكب البرهان المزيد من الانتهاكات ما دام يواصل رفض مبادرات السلام الرامية لاستئناف الحوار مع قوات الدعم السريع لوقف الحرب.
وأشار إلى أن نفس المجموعة السياسية التي ورطت البشير في جرائم الحرب في دارفور قد باتت اليوم تتحكم في قرار الجيش، مما يدفع البرهان نحو نفس المصير، مما يجعله عرضة للعقوبات الدولية.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت فرض عقوبات على البرهان كجزء من جهود زعزعة استقرار السودان وتقويض أهداف الانتقال الديمقراطي.
وأوضحت وزارة الخزانة أن الجيش السوداني، تحت قيادة البرهان، ارتكب هجمات مميتة ضد المدنيين، تضمنت غارات جوية على البنية التحتية والمدارس والأسواق والمستشفيات.
كما أشارت إلى أن الجيش يتحمل مسؤوليّة الحرمان الروتيني والمتعمد من الوصول إلى المساعدات الإنسانية، مستخدمًا الحرمان من الغذاء كتقنية حرب.
عزلة البرهان
في تصريحات له، أكد المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، سيواجه عزلة دولية نتيجة العقوبات المقررة ضده، مما يعوق طموحه في فرض حكمه على السودان. وأضاف جمعة لعدة وسائل إعلام أن هذه العقوبات والانتهاكات الأمريكية أدت إلى تلاشي آمال البرهان، محذراً من أنه سيعاني من العزلة إذا استمر في سعيه لحكم البلاد.
وأوضح جمعة أن تصرفات البرهان في سياق الحرب قد استدعت هذه العقوبات، بسبب الأضرار التي لحقت بالسودان نتيجة تمسكه بالحرب ورفضه المتكرر لدعوات السلام من المجتمع الدولي، كما أن استخدامه للعنف ضد المواطنين السودانيين قد يسفر عن المزيد من العقوبات والملاحقات القانونية في المستقبل.
وأكد جمعة أن العقوبات الأمريكية فرضت عليه بصفته قائد الجيش وليس رئيس مجلس السيادة، مما يعني أنه لا يعترف به كسلطة في السودان. وأشار إلى أن شبهات استخدامه للأسلحة الكيميائية خلال النزاع ستجعله متهماً بجرائم الحرب في المستقبل، متوقعاً أن تتزايد العقوبات حتى يصبح مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف أن البرهان يمتلك سجلًا حافلاً من الانتهاكات في دارفور، مما قد يؤدي إلى إتمام ملفه كـ “مجرم حرب”. وعبر عن قلقه من أن البرهان لا يتردد في استخدام أي نوع من الأسلحة التي يعتقد أنها ستساعده في الانتصار على قوات الدعم السريع وتقربه من فرض سلطته على السودان.
شدد على أن البرهان منذ توليه القيادة بعد البشير استمر في قتل شعبه على مدى السنوات الخمس الماضية، مستدلاً بحوادث قتل المتظاهرين المطالبين بالتحول إلى نظام مدني ديمقراطي. ووصف تصريحات البرهان بشأن استعداده للقتال لمئة عام بأنها تعكس استعداده للتضحية بشعب السودان الذي يعاني من التشرد والمجاعة من أجل الحفاظ على السلطة.
أشار جمعة إلى قنابل سقطت في دارفور وغيّرت لون المياه فيها إلى الأصفر، مما أحدث رائحة كريهة لم يعرفها سكان المنطقة، كما سقطت قنابل في مدينة “الحصاحيصا” بولاية الجزيرة أطلقت دخانًا أصفر أيضًا.
من جهته، أشار المفكر السوداني النور حمد إلى أن البرهان قد وقع في فخ أفعاله، معتقدًا أنه يمكنه استخدام الإسلاميين لدعم نظامه، لكنهم عرفوا خطته وبدأوا في تهديده بمسيرات مجهولة. وخلص إلى أن البرهان أصبح أسيرًا لمجموعة الإسلاميين، وبات يتخبط في قراراته، معرضاً نفسه لمزيد من العقوبات وقد يصبح طريداً بلا سلطة، شبيهاً بسلفه عمر البشير.