أشار خبراء إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ستترك آثاراً عميقة على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، مما قد يؤدي إلى عزله عن المجتمع الدولي. هذه العقوبات تأتي في سياق متصل بتطورات الأوضاع في السودان، حيث يسعى المجتمع الدولي إلى الضغط على القادة العسكريين لتحقيق الاستقرار والديمقراطية في البلاد.
ولفت الخبراء الانتباه إلى أن هذه العقوبات تحمل تشابهاً كبيراً مع تلك التي فرضت على الرئيس السابق، عمر البشير، حيث من المتوقع أن تحد من قدرة البرهان على الاستمرار في منصبه. هذا التراجع المحتمل في الدعم الدولي والعسكري قد يضعف موقفه ويؤدي إلى تفاقم الأزمات الداخلية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في السودان.
في هذا السياق، أكد الدكتور مصطفى محمد إبراهيم، مستشار قائد قوات الدعم السريع، أن العقوبات الأمريكية سيكون لها تأثيرات ملحوظة على البرهان، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر سلباً على قدرته على ممارسة دوره السياسي. وأوضح أن هذه العقوبات ستعزز من عزلته الدولية، مما قد ينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والعسكرية في البلاد، ويزيد من التحديات التي تواجه الحكومة السودانية.
كما أشار إبراهيم إلى أن تأثير هذه العقوبات سيمتد إلى حياة المواطن السوداني الذي يعاني من القتل والجوع، وقد جائت كعواقب لممارسات البرهان الدائمة وعدم استعداده للسلام، بالإضافة إلى إصراره على استمرار الحرب.
كما أشار إبراهيم إلى أن “الإسلاميين” هم من يتحكمون في قرار الحرب في هذه الصراعات العسكرية.
وأضاف إبراهيم أنه لا توجد لدى البرهان أي رغبة في تغيير سلوكه، بما في ذلك المجازر التي شهدتها ولاية الجزيرة مؤخراً، والتي تمثل أيضاً جانباً من ممارسات الجيش السوداني تحت قيادته.
وأكد على أن هذه المجازر تمت بالتعاون مع تنظيم داعش ومرتزقة من تيغراي، وأن العقوبات قد تسهم في الحد من هذه الانتهاكات ومن الممكن أن تؤدي إلى وقف هذه الممارسات الوحشية، مما يحرم الجيش السوداني من دعم حيوي يديم الحرب.
وأوضح أن هذه العقوبات قد تُجبر بعض الدول التي تقدم الدعم العسكري والسياسي للبرهان على إعادة النظر في مواقفها، مشيراً إلى أن توقيت فرض العقوبات جاء مناسباً تماماً مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي قد يمارس ضغطاً على البرهان للانخراط في مفاوضات لوقف الحرب.
سياسياً، يرى إبراهيم أن هذه العقوبات أغلقت الأبواب أمام البرهان لتحقيق أي مستقبل سياسي، حيث قيدت قدرته على لعب أي دور سياسي في الداخل أو الخارج.
كما أوضح أن البرهان قد يفقد مقعده في الجمعية العامة للأمم المتحدة في الاجتماعات المقبلة، مضيفاً أن العقوبات جاءت نتيجة لتحويل السودان إلى أرض خصبة للدواعش والمتطرفين، مما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
مسار الحرب
أكد الباحث في الشأن السياسي السوداني، عمار صديق سعيد، أن هذه العقوبات سيكون لها تأثير كبير على مسار الحرب في السودان، وستزيد من عزلة البرهان ونظامه العسكري على المستوى الدولي، مما سيؤثر سلبًا على قدرته في الحصول على الدعم المالي والتعاون الدولي.
وأوضح سعيد في حديثه لـ “إرم نيوز” أن استمرار هذه الضغوط قد يجبر البرهان على الدخول بجدية في مفاوضات واتخاذ خطوات عملية لإنهاء الصراع.
وأشار إلى أن هذه العقوبات ستؤثر بشكل كبير على شرعية البرهان دوليًا، خاصة إذا استمرت الضغوط، كما أن بعض الدول قد تمتنع عن دعمه عسكريًا، مما قد يؤدي إلى تغييرات في توازن القوى في السودان.
وبيّن أن البرهان فقد شرعيته منذ انقلاب 25 أكتوبر، رغم جهود بعض الدول الإقليمية لإنهاء عزلته الإفريقية، وخاصة من خلال زيارته الأخيرة لدول غرب إفريقيا.
وقال سعيد إنه يجوز أن تدفع العقوبات البرهان إلى التشبث بالسلطة بصورة أكثر قوة من خلال ممارسات ديكتاتورية، مشبهًا ذلك بالرئيس المخلوع عمر البشير، مما قد يطيل أمد الحرب، كما أن التصعيد العسكري قد يزداد إذا استمر البرهان في التمسك بالسلطة، الأمر الذي قد complicate الوضع في السودان.
وشدد على أن “اليوم ليس كالأمس، فقد فقد الإسلاميون تأثيرهم، والشعب السوداني لم يعد يتحمل النفاق السياسي بعد أن شهد فشل الجيش وقيادته”.
وأكد سعيد أن تأثير هذه العقوبات سيكون كبيرًا على مستقبل البرهان، ولكن من غير المحتمل أن تنهي دوره بشكل نهائي.
وأوضح أنه إذا استأنف المفاوضات أو قدم تنازلات، فقد يجد لنفسه دورًا مستقبليًا، لكن من المتوقع أن يكون التأثير الأكبر على مستقبل الداعمين له من الدول التي تتعارض مصالحها مع واشنطن، خاصة مع قدوم ترامب إلى السلطة.
وأضاف أن العقوبات الأمريكية تُعتبر جزءًا من سياسة الضغط على البرهان، وستمثل عائقًا أمام قدرة النظام السوداني على التعافي اقتصاديًا، في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة، مما قد يضعف من قدرة البرهان على قبول الشعب له أو الانتشار في المستقبل.
واختتم سعيد بالقول إن مستقبل البرهان بات مرتبطًا بالمآسي والمجازر التي شهدها الشعب السوداني على يد من يفترض أن يحميهم، مما جعله غير مقبول شعبيًا بعد القيادات التي أدت البلاد إلى “محرقة كبيرة”.
أرم نيوز