نفذت “الميليشيات الإسلامية” المتحالفة مع الجيش السوداني، تهديداتها لسكان مدينة ودمدني، بالتصفية والإعدامات، في الحرب التي ترفع فيها شعارات الدين والكرامة.
وكانت عناصر من “الميليشيات الإسلامية” المتحالفة مع الجيش، بثّت قُبيل دخولها إلى مدينة ودمدني، مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تتوعد من تصفهم بـ”المتعاونين مع قوات الدعم السريع” في مدينة ودمدني بالقتل والتخلص من جثثهم في نهر النيل.
وقال أحد عناصر ما يعرف بـ”العمل الخاص” وهي ميليشيا تمثل جهاز الأمن السري للحركة الإسلامية، إن لديه قائمة بأسماء أكثر من 6 آلاف شخص بمدينة ودمدني متعاونين مع قوات الدعم السريع، وفق قوله.
حملات انتقامية
وفور دخول الجيش السوداني يوم السبت الماضي، إلى مدينة ودمدني التي كانت قوات الدعم السريع تسيطر عليها منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول من العام قبل الماضي، شرعت “الميليشيات الإسلامية” في تنفيذ تهديداتها، ونفّذت حملات انتقامية واسعة ضد المواطنين بالمدينة.
واستمرت سلسلة الانتهاكات المروعة لهذه الميليشيات ضد مواطنين في ولاية الجزيرة، على مدى خمسة أيام متوالية، شملت القتل بطرق بشعة منها الذبح والحرق والإلقاء في مياه النيل، وفق ما أظهرته فيديوهات رصدتها وتحققت منها مجموعات حقوقية.
ويظهر بعض الفيديوهات جثث أشخاص بزي مدني بعضها فوق بعض، جرى تجميعها في إحدى الساحات، بينما يقف من فوقها وحولها مسلحون بزي “الميليشيات الإسلامية” المتحالفة مع الجيش السوداني.
فيما أظهرت بعض الفيديوهات مجموعة مواطنين متراصين في صف طويل واضعين أيديهم فوق رؤوسهم، ومن خلفهم مسلحون بزي الجيش السوداني، يقتادونهم إلى العراء، ويتحدثون بأنهم متعاونون مع قوات “الدعم السريع”.
وأظهرت فيديوهات أخرى مسلحين بزي الجيش السوداني، يجمعون عددا من المواطنين، ويجبرونهم على الجلوس على الأرض، ويصوّبون عليهم الأسلحة، ثم يصيح أحد المسلحين وهو يستأذن قائده بأنه سيصوب الرصاص على رؤوسهم.
وتركزت التصفيات الجسدية ضد سكان “الكنابي”، وهي مناطق سكنية غير منظمة، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، كما شملت الناشطين في المجتمع المدني والإنساني من لجان المقاومة وغرف الطوارئ الذين تمسكوا بالبقاء في منازلهم عقب خروج الجيش من الولاية.
وقالت مركزية مؤتمر الكنابي في بيان إن “ما تعرض له السكان في مناطق الكنابي بالجزيرة من انتهاكات جسيمة وممارسات إجرامية، ترتقي لمستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، وتهدد أمن وسلامة المجتمع السوداني”.
جرائم موثقة
بدورها رصدت وتحققت المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، رحاب مبارك، 7 فيديوهات توثّق لجرائم قتل بطرق بشعة، منها قتل مواطن وحرق طفلين ومقتل شباب وشيوخ بـ”كمبو 5″، قائلة إن الجريمة ارتُكبت بواسطة قوات “درع السودان” التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني.
إضافة إلى فيديو لمسلحين يتبعون للجيش السوداني والميليشيات التابعة له، يقتادون مواطنا ثم يسألونه عن أهله ومنطقته، قبل أن يقتلوه رميا بالرصاص، بعد أن قال أحد المسلحين إن أخت الضحية متزوجة من فرد بقوات الدعم السريع.
كذلك تحققت مبارك من فيديو ثالث لمسلحين يتبعون لـ”كتائب البراء بن مالك” المتحالفة مع الجيش، وهم يقتادون مواطنا على طريقة “البهيمة” بعد ربط الحبل على فمه قبل أن يلقوا به من أعلى جسر حنتوب داخل مياه النيل.
أما الفيديو الرابع فيحتوي على مشاهد صادمة تمثلت في ذبح أحد المسلحين لمواطن سوداني بعد التكبير عليه باعتباره “ذبيحة”، حيث أكدت الحقوقية رحاب مبارك أن مرتكبي الجريمة من “كتائب الدواعش” التي تحارب إلى جانب الجيش السوداني.
فيما يحتوي الفيديو الخامس على مشاهد أكثر بشاعة حيث يُظهر مجموعة من “كتائب الدواعش والجيش السوداني” وفق مبارك، وهم يذبحون عدة مواطنين سودانيين كانت أصواتهم تُسمع أثناء خروج الروح.
ويحتوي الفيديو السادس على مشهد اقتياد مسلح من ميليشيا “العمل الخاص” التابعة لجهاز الأمن السري للحركة الإسلامية، لمواطن وإجلاسه قُرب جدار الحائط، قبل إطلاق الرصاص على جسده.
ويُظهر الفيديو السابع الذي تحققت منه الناشطة الحقوقية رحاب مبارك، حرق “كمبو” الشكابة الجاك، وهو مجمع سكني، بواسطة الجيش السوداني.
كذلك رصد حقوقيون مقطع فيديو لأحد ضابط الجيش السوداني وهو يأمر بقتل كل متعاون مع قوات الدعم السريع، دون عرضه على أجهزة العدالة.
تصريح البرهان غير كاف”
وكان قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، وبعد توسع الانتهاكات في ولاية الجزيرة، قال إنه “يرفض القتل خارج القانون في الجزيرة”، وقد أتى تصريحه بعد ساعات من إصدار الجيش بيانا اعترف فيه بالانتهاكات التي اعتبرها تجاوزات فردية.
في وقت وجد اعتراف الجيش وتصريح البرهان انتقادات حادة من قوى سياسية واعتبرتها مجرد أقوال لا يتبعها فعل.
وقال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل، وهو أحد حلفاء الجيش، إن “إعلان البرهان غير كاف؛ لأنه هو قائد القوات ومسؤول عن تصرفاتها، وهو من أسس هذه الميليشيات التي دخلت الجزيرة مع الجيش، وعليه أن يأمر قواته بوقف هذه التجاوزات، واعتقال القتلة وتقديمهم للمحاكمة الفورية”.
وأضاف أن “البرهان عفا عن المجرم كيكل الذي قتل على مدى ١٨ شهرا من عمر الحرب، آلاف المواطنين الأبرياء ونهب ممتلكاتهم، والآن بعد كل هذه الجرائم يرتدي زي الجيش ويجد التكريم من قيادته”.
وتابع “لذا أدعو البرهان أن يعلن العفو العام عن أي مدني متهم بالتعاون مع الدعم السريع في الجزيرة؛ لأنهم سعوا لحماية أرواحهم وأهاليهم وممتلكاتهم بشتى الطرق، وهم معذورون في ذلك، فقد انسحب الجيش من مدني والجزيرة وتركهم، هؤلاء قطعا أولى من المجرم كيكل بالعفو”.
إرم نيوز