آخر الأخبار

مجزرة «كمبو خمسة».. منزلق خطير للقتل العرقي في ولاية الجزيرة

شارك الخبر

بعد أقل من (48) ساعة من سيطرة الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، على حاضرة ولاية الجزيرة “ود مدني”، حدث ما كان يتخوف منه البعض بأن يتم القتل والتنكيل في حق المواطنين بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع”.

ولم يكن أكثر المتشائمين من سكان “كمبو خمسة” و”كمبو طيبة” يتوقعون أن يكونوا أول الضحايا بعد تحرير “ود مدني”، حيث قُتل نحو 10 أشخاص في مجزرة مروعة نفذها أحد عناصر الحركة الإسلامية المنتمين لدرع البطانة. هذا العنصر كان قد سعى مرارًا للانتقام من سكان الكمبو، في ظل محاولات سابقة للانتقام في فترة حكم الإنقاذ، بحسب مصادر مطلعة.”

في حين، قالت المصادر إن المدعو (م،ي) لديه خلافات قديمة مع سكان الكمبو خمسة “كمبو طيبة”، إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وتقدم بأكثر من مشروع لطرد سكان الكمبو، لكنه لم ينجح في ذلك”.

ومع ذلك، أشارت المصادر إلى أن هذا الشخص سلح أبناء قبيلته المنضوين تحت لواء قوات درع الشمال بقيادة أبو عاقلة كيكل، من أجل تنفيذ مخططه، مستغلًا حالة الاحتقان والشيطنة ضد مواطني الكنابي بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع”.

وفي خضم ذلك، أكدت عضو محامو الطوارئ رحاب مبارك، تورط أحد عناصر الحركة الإسلامية في حرق “كمبو خمسة”، وقالت في تصريح لـ(التغيير)، إن من تبني هذه المجرزة أحد كوادر الحركة الإسلامية، التي تتبع للمؤتمر الوطني المحلول، وكانت لديه خلافات قديمة مع سكان الكنابي، وحاول أكثر من مرة إبعادهم إبان حكومة الإنقاذ، حتى أتت الحملة بهذه المجزرة”.

وأضافت: “الحركة الإسلامية المُشّكلة داخل الجيش، من كتائب البراء ودرع السودان، فعلت الأفاعيل في أم القرى وكنابي الجزيرة، وسيستمر الحال على هذا الأساس، من أجل رفع الخطاب العنصري، للوصول لحد أعلى من القتل والتعنيف، حتى يصل السودان لمفهوم التقسيم الذي يساعدهم على العودة إلى السلطة”.

كما نوهت عضو محامو الطوارئ إلى أن المؤتمر الوطني ينفذ أجندته عبر الجيش السوداني، للانتقام من الشعب السوداني”.

وأوضحت أن كتائب الإسلاميين قتلت “الفرحة القصيرة” في قلوب الشعب السوداني بالممارسات التي انتهجها من قتل وترويع للمواطنين بذريعة التعاون مع التعاون مع قوات الدعم السريع، وقالت إن هناك العشرات من المختطفين من النساء والأطفال والرجال من سكان الكنابي، ولم يتم التعرف على أماكنهم”.

حرق وقتل

وشُيّدت الكنابي على أطرف المشاريع الزراعية الكبيرة في وسط وشرق السودان، وبمرور الزمن تحولت إلى أراضي شاسعة مأهولة بالسكان يقطنها المزارعون بالمشاريع وأسرهم”.

وشملت المجزرة التي وقعت بمنطقة “كمبو خمسة” شرق أم القرى بولاية الجزيرة، حرق طفلين داخل المنازل واغتيال ستة أشخاص بدم بارد”.

وقالت مركزية مؤتمر الكنابي في بيان الأحد الفائت، بشأن الأحداث المؤلمة التي شهدتها بتاريخ 9 يناير الحالي، اختطاف 13 امرأة في انتهاك وصفه البيان بأنه يتعارض مع كل القوانين الوطنية والدولية، فضلًا عن نهب الممتلكات، وشمل ذلك المحاصيل الزراعية، المواشي، والممتلكات الشخصية.

وأكد البيان أن ما حدث يمثل انتهاكات جسيمة ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، مشيرًا إلى أن هذه الأحداث جاءت امتدادًا لسلسلة من الاعتداءات المستمرة التي تتطلب تدخلًا عاجلًا من الجيش السوداني والقوات المشتركة لوضع حد لهذه الكوارث الإنسانية”.

وأعربت مركزية مؤتمر الكنابي عن استيائها من تجاهل التحذيرات السابقة بشأن التحريض المستمر ضد أبناء الكنابي، ما أدى إلى تصاعد هذه الانتهاكات، محملة المليشيات المسلحة مسؤولية الهجمات الأخيرة.

وطالبت المركزية الحكومة السودانية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما حدث، داعية إلى ضمان الأمن والسلام وحماية المواطنين في مناطق الكنابي وشرق أم القرى ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم، بما في ذلك قائد قوات درع البطانة أبوعاقلة كيكل وفتح تحقيق عاجل وشفاف لتوثيق الانتهاكات وضمان عدم تكرارها، بجانب اتخاذ إجراءات صارمة ضد خطاب الكراهية والتحريض.

واعتبرت الأحداث الأخيرة اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الحكومة بحماية مواطنيها وضمان العدالة، مشددة على ضرورة التحرك الجاد لإنهاء معاناة المتضررين.

إدانات واسعة

وسارعت جماعات حقوقية وقوى سياسية بإدانة جريمة قتل وحرق كمبو خمسة على يد أفراد يتبعون لواء قائد درع البطانة بقيادة أبو عاقلة كيكل”.

وقال حاكم ولاية دارفور أركو مني مناوي: “شعرنا بقلق بالغ لدى سماعنا وقوع مجزرة لأهل الكنابي”، مشيرًا إلى أنه تواصل مع بعض المطلعين على تفاصيل الحادث.

وأقر مناوي في تدوينة عبر منصة (إكس) بوقوع الهجوم على مواطنين عزل بدوافع انتقامية، مؤكدًا: “مهما كانت المبررات، لن نقبل بحدوث أي مجزرة جديدة في البلاد”.

وطالب مناوي قادة القوات بضبط الجناة أولًا وتقديمهم للمحاكمة، محذرًا من أي انفلات تحت ذريعة الانتقام.”

بدوره، أدان حزب الأمة القومي الجرائم التي ارتُكبت في قرية كمبو طيبة شرق أم القرى بولاية الجزيرة، والتي راح ضحيتها سبعة مواطنين، معظمهم من كبار السن والأطفال”.

واتهم الحزب ما وصفها بـ “مليشيات تابعة للمدعو أبو عاقلة كيكل” بارتكاب هذه المجزرة التي وصفها بأنها تصفية على أسس جهوية.

وحمّل الحزب عبر بيان قيادة القوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن حماية المواطنين من انتهاكات المليشيات المتحالفة معها، وطالب بإجراء تحقيق فوري في هذه المجزرة وضبط المتورطين ووقف الانتهاكات بحق المدنيين في جميع المناطق.

وأعرب الحزب عن قلقه العميق إزاء ما وصفها بـ “الممارسات الانتقامية” التي تُنذر بجر ولاية الجزيرة نحو الفتنة، والزج بالمواطنين في أتون الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد.

من جهته، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف، بأن دخول القوات المسلحة إلى ولاية الجزيرة أدى إلى ما وصفه بـ”المحظور”، مشيرًا إلى حملة انتقامية استهدفت المدنيين، أبرزها حادثة كمبو طيبة التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء.

وأضاف: في تدوينة على منصة (إكس) أن فيديوهات انتشرت تُظهر استهداف المدنيين بتعبيرات عنصرية، بينها مقطع يُسمع فيه قول “كلكم دعامة ده شكل مواطنين”، مما يعكس خطاب كراهية متزايد”.

وأشار يوسف إلى أن للحركة الإسلامية ومنظومتها الأمنية تاريخًا طويلًا من الجرائم والانتهاكات، بدءًا من تقسيم السودان إلى بلدين بإضفاء طابع جهادي على الحرب في الجنوب، مرورًا بالإبادة الجماعية في دارفور التي أدين بسببها رأس النظام السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية، وصولًا إلى تغذية الحرب الحالية بخطابات الكراهية والعنصرية.

تصرفات فردية

فيما وصف مصدر بالجيش السوداني، ما حدث في الجزيرة، بالتصرفات الفردية من بعض الأشخاص، وهذا التصرف لا يمكن تعميمه على جميع أفراد القوات المسلحة، ووعد المصدر، بالتحقيق في حادثة حرق “كمبو خمسة” التي أدت إلى مقتل عدد من المواطنين وتقديم المتورطين لمحاكمات عادلة”.

ما حدث في الجزيرة تصرفات فردية من بعض الأشخاص

مصدر في الجيش السوداني

واتهم المصدر، جهات سياسية بالعمل على شيطنة القوات المسلحة من خلال الترويج بأنها تقوم بانتهاكات في حق المواطنين، “وقال إن هذه الاتهامات لا أساس لها من صحة”.

وشدد على أن القوات المسلحة السودانية تعرف وتعي جيدًا كيف تتعامل، وهي تتعامل طبقًا لقواعد الاشتباك وقواعد الاستهداف المنصوص عليها في قانون القوات المسلحة والقانون الدولي الإنساني”.

قتل المتعاونين

ولم يقتصر التهديد بالقتل والتنكيل على سكان الكنابي فقط، بل امتد ليشمل جميع المواطنين. وقبل دخول قوات الجيش المتحالفة معها إلى مدينة ود مدني، ظهر أحد منسوبي كتائب البراء بن مالك في تسجيل فيديو متوعدًا بقتل 6800 شخص في المدينة، موجهًا اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع.

وقال المتحدث في الفيديو إنه لن يتم تسليم المتهمين إلى الشرطة أو النيابة، بل سيُلقون جميعهم في البحر، مؤكدًا أن “عهد المجاملات قد انتهى”، وأنه لن يتم تسجيل أي بلاغات ضد أي شخص.”

توثيق الانتهاكات

ووثق ناشطون فيديوهات تؤكد تورط الجيش السوداني والمليشيا التابعة له في انتهاكات في ودمدني.

وأظهر أحد الفيديوهات مجموعة من المدنيين وهم مقيدون معصوبو الأعين تحت إشراف جنود من الجيش السوداني.

وأعرب مدونون عن مخاوفهم من تصاعد الانتهاكات في ود مدني ومناطق أخرى في ولاية الجزيرة، مشيرين إلى إمكانية تنفيذ حملات انتقامية ضد المدنيين بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

استهداف عرقي

من جانبه، يرى الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، د. بكري الجاك، أن استهداف المدنيين في “كمبو خمسة” وفي العديد من المناطق في ولاية الجزيرة يتم على أساس عرقي بحت. وأضاف أن حجة التعاون مع قوات الدعم السريع تُستخدم فقط كمبرر لهذا الاستهداف، مشيرًا إلى أن الملايين من الناس لم يتمكنوا من مغادرة بيوتهم لأسباب متعددة.

استهداف المدنيين في “كمبو خمسة” وفي العديد من المناطق في ولاية الجزيرة يتم على أساس عرقي

بكري الجاك

وقال الجاك في تصريح لـ(التغيير)، إن القتل العشوائي للمدنيين الذي يحدث في هذه المناطق يعد مدانًا بشدة، حيث يتعارض مع القانون الدولي والإنساني. وأكد أن هذا التصعيد يضع القوات المسلحة وحلفاءها من المليشيات في موقع المسؤولية القانونية والسياسية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشار إلى أن محاولة تبرير مثل هذه الأفعال على أنها تفلتات فردية من قبل القوات المسلحة لا تتماشى مع الوقائع، إذ أصبح القتل الممنهج للمدنيين، كلما دخلت القوات المسلحة وحلفاؤها إلى مناطق كانت تحت سيطرة الدعم السريع، أمرًا واقعًا وموثقًا في الذاكرة الجمعية.

ودعا بكري الجاك المجتمعين الإقليمي والدولي والمنظمات الحقوقية إلى إدانة هذه الجرائم والضغط على القوات المسلحة لوقفها، وإجراء تحقيق شامل لضمان عدم الإفلات من العقاب.

“كما دعا شعوب السودان إلى استحضار الحكمة الموروثة التي مكنت الأجيال عبر آلاف السنين من التعايش السلمي، ونبذ خطاب الكراهية والتحريض على القتل والاستهداف على أساس عرقي وإثني.”

ويبقى موضوع كنابي الجزيرة بمثابة القنبلة الموقوتة التي من شأنها أن تؤدي إلى النسيج الاجتماعي، إذا لم ما تصدت له شخصيات عاقلة، وتستطيع نزع فتيل الأزمة”.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا