آخر الأخبار

البرهان يبحث عن دعم أفريقي يخدم التحولات الميدانية في السودان

شارك الخبر

وظف قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان جولته في غرب أفريقيا لخدمة التقدم العسكري الذي حققه بالسيطرة على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، ما يشي برغبته في فرض حضور سلطته على الساحة الإقليمية من خلال التقدم في العمليات الميدانية، كمدخل لتعزيز شرعية حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، بما يقود إلى إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

وبدأ البرهان جولة خارجية السبت وتنتهي الثلاثاء، إلى مالي وغينيا بيساو والسنغال وسيراليون وموريتانيا، ترمي إلى تطوير علاقات السودان مع عدد من دول غرب القارة، وحشد الدعم اللازم لاستعادة عضوية بلاده في الاتحاد الأفريقي.

وقال البرهان، الاثنين، إن علاقات السودان مع الخارج “ستبنى على مواقف الدول من الحرب الدائرة،” زاعما “رفض الشعب التفاوض مع قوات الدعم السريع، ورفض تواجدها في مستقبل السودان.”

علي الدالي: البرهان يسعى لخلق تحالف جديد في غرب أفريقيا

وتبدو زيارة البرهان المفاجئة إلى دول في الساحل الأفريقي، غير ذات تأثير مباشر في الصراع الدائر حاليا في السودان، وكأن الرجل يريد خلق دوائر دعم، مع قناعة غالبية دول القارة بأن المعارك الراهنة لن تقود إلى إحلال السلام.

وقلل البعض من تأثير دول مثل غينيا بيساو وسيراليون في معادلة التصويت داخل الاتحاد الأفريقي مقارنة بمجموعة “إيغاد”، غير أن الهدف هو بناء كتلة يمكن أن تدعم التوجه نحو تعديل الوثيقة الدستورية الفترة المقبلة بما يدعم شرعية حكومة بورتسودان التي تعاني تشكيكا بسبب الانقلاب على السلطة المدنية في أكتوبر من العام 2021، قبل انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي الشهر المقبل.

وقال مصدر سوداني مطلع لـ”العرب” إن زيارة البرهان تحمل أهدافا غير واضحة، ويغلب عليها الطابع الاقتصادي الذي يساعد في تمويل المجهود الحربي مع حسم الاستمرار في المعارك العسكرية ورفض الدخول في جولات تفاوض جديدة، وأن دولة مثل موريتانيا لها شركات تعمل في مجال التعدين واستخراج الذهب مع الربط المستمر في عقلية العسكريين بين الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالذهب والمعادن وبين القدرة على الاستمرار في الحرب وتعزيز الموقف السياسي.

وأضاف المصدر ذاته أن الدول العسكرية في غرب أفريقيا لديها تفاهمات مع روسيا التي اقترب منها السودان مؤخرا، وبموجبها يرسل إشارة إلى موسكو بأنه يعول على المزيد من الدعم العسكري ويمضى في تعزيز علاقاته مع الدول الأفريقية الحليفة لها.

كما أن الجولة لا تنفصل عن إمكانية التعاون مع هذه الدول في عملتي التنقيب عن المعادن والذهب، والتي تشكل هدفا مهما للتواجد الروسي في أفريقيا. وعقد البرهان مباحثات مغلقة مع رئيس مالي آسيمي غويتا، السبت، وجرى الاتفاق على تشكيل لجان وزارية مشتركة لدعم وتعزيز مستقبل التعاون بينهما. وأجرى محادثات مماثلة في محطته الثانية مع رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو، الأحد، وانتقل الاثنين إلى سيراليون والسنغال، قبل ختام جولته في موريتانيا، الثلاثاء.

وأكد المحلل السياسي السوداني علي الدالي أن البرهان يريد قطع الطريق على اعتراف الدول التي تأخذ موقفا محايدا من الحرب في السودان بالحكومة الموازية التي تسعى قوات الدعم السريع إلى تشكيلها في مناطق سيطرتها، إلى جانب تعزيز الاعتراف بما سيقوم به البرهان من تعديلات على الوثيقة الدستورية والعمل على تقنين وضع الحكومة الحالية في بورتسودان، والتسويق أن حكومته الجديدة المزمع تشكيلها عقب تمرير التعديلات الدستورية “حكومة مدنية كاملة الدسم،” بغرض إعادة الوضع داخل البلاد إلى ما سبق وأن كان عليه في أكتوبر من العام 2021، وبما يقود في الوقت ذاته للتمهيد نحو إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

أحمد خليل: التواجد الروسي في غرب أفريقيا يغري البرهان

وأوضح الدالي في تصريح لـ”العرب” أن الدول التي زارها البرهان تتضرر من الحرب بشكل غير مباشر ولديها مشاكل داخلية شبيهة بما يعانيه السودان، ويسعى لخلق تحالف جديد في غرب أفريقيا يوازي تحالف الدعم السريع مع دول مثل كينيا وتشاد وأوغندا، مشيرا إلى أن التقدم العسكري للجيش يمكن أن تكون له مردودات داخل هذه الدول نحو التأكيد على أن الجيش هو من سوف ينتصر، في حين أن الواقع يشير إلى أنه من المستحيل حسم الحرب عسكريا.

ولفت إلى أن الجنرال البرهان يدرك أنه في وضعية نسبية أفضل الآن، ويسعى ليحصل على أكبر دعم خارجي يساعده على الاستمرار في الحرب، وحال جرى الضغط عليه بشكل فاعل للاتجاه نحو السلام عبر تفعيل منبر جدة أو أيّ منبر آخر، سيكون في تلك الحالة حسّن وضعه الميداني، وتسويقه لما يحققه من تقدم عسكري.

وأعلن الجيش السوداني السيطرة على مدينة ود مدني، وأقر قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل صوتي، بفقدان المدينة قائلا “خسرنا جولة اليوم، ولم نخسر المعركة.”

وقد تمثل استعادة الجيش السوداني السيطرة على ولاية الجزيرة نقطة تحول في الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، وسط خلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش، ما تسبب في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فضلاً عن نزوح أكثر من 12 مليون شخص ومعاناة نصف السكان في السودان من الجوع.

وذكر المحلل السياسي السوداني أحمد خليل في تصريحات لـ”العرب” أن الجولة الأفريقية للبرهان جاءت قبل حسم التقدم في ولاية الجزيرة، ومن الواضح أنه يعمل للضغط سياسيا على قوات الدعم السريع بما لديها من علاقات جيدة مع عدد من الدول الأفريقية.

وأشار إلى أن التواجد الروسي في غرب أفريقيا يغري البرهان للتأكيد على أنه يعمل على حماية المصالح الروسية، والتشديد على شرعيته كرئيس لمجلس السيادة وليس فقط قائدا للجيش السوداني.

ويظهر البرهان كأنه يهرب إلى الأمام من دون دراية بأن الاستمرار في المعارك سوف يقود إلى تفتيت البلاد، وأن قوات الدعم السريع قد تتمترس في إقليم دارفور، بينما الجيش يكتفي بسيطرته على الوسط والمركز وأجزاء من الشمال، والمنطق المتوافق عليه هو التوجه للتفاوض الذي يحمي البلاد وليس البحث عن تحالفات خارجية جديدة.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا