يرى سياسيون سودانيون أن فرض العقوبات الأمريكية على قائد قوات الدعم السريع فقط قد يُعتبر بمثابة تبرئة للجيش السوداني وميليشيات الحركة الإسلامية المتحالفة معه من مسؤولية الانتهاكات، محذرين من أن هذا قد يسمح باستمرار “جرائمهم” المتمثلة في القصف الجوي والتصفيات الجسدية المستهدفة بناءً على العرق والهوية.
وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أعلن، يوم الثلاثاء، فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، باعتباره أحد الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان، ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي.
كما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية قرارا آخر يتهم قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في السودان.
صك براءة
وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع، أيوب نهار، لـ”إرم نيوز” إن القرارات الأمريكية هي “صك براءة” للحركة الإسلامية والجيش السوداني، وسيكون تشجيعا لهما لمواصلة ارتكاب الجرائم بحق المدنيين، كما توفر القرارات الغطاء لمجرمي الحرب المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
وأكد أن الحيثيات التي أسُست عليها العقوبات تنطبق على البرهان، وربما أكثر من ذلك، موضحا أنها قرارات غير عادلة وغير منصفة باعتبار أن هنالك طرفي صراع، ومن المفترض أن تشملهما العقوبات معا.
وذكر نهار أن من عرقل الانتقال المدني في السودان هو الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب لقطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي، كما أن الجيش ظل يعرقل وصول المساعدات الإنسانية في الوقت الذي التزمت الدعم السريع بالتعاون مع الوكالات الأممية في هذا الجانب.
وأضاف أن “حيثيات القرارات تنطبق على قائد الجيش، وكان ينبغي أن يعاقب هو على ذلك، وليس حميدتي الذي تمسك بالتحول المدني وتراجع عن انقلاب 25 أكتوبر، ووقف ضد من أشعلوا الحرب”.
وتابع أن “العقوبات تمنح الضوء الأخضر للبرهان وميليشيات الحركة الإسلامية لارتكاب المزيد من الجرائم؛ لأن القرار يمثل دفعة معنوية لهم، ويعتبرونه تبرئة لهم من الجرائم التي ارتكبوها؛ مما يشجعهم على ارتكاب المزيد”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستتحمل مسؤولية الدماء التي تمت إراقتها ونتائج التصعيد العسكري الذي قد يحدث خلال الأيام القادمة، مبينا أن “الحركة الإسلامية ظلت لا تكترث للمجتمع الدولي ولا واشنطن، مشيرا إلى أنها رفضت الذهاب إلى مفاوضات جنيف حيث مثل الأمر صفعة قوية للولايات المتحدة ما كان لها أن تحدث لولا التساهل الأمريكي مع البرهان” وفق قوله.
وأعرب مستشار حميدتي عن أمله في أن تقوم الإدارة الأمريكية بتصحيح الأمور من خلال الضغط لإيقاف الحرب وتحقيق السلام وإنشاء آليات مستقلة لتحقيق العدالة، مشيرا إلى أن قوات الدعم السريع سبق ووافقت على لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، بينما رفضها الجيش والحركة الإسلامية.
وأكد أن قوات الدعم السريع ليس لديها مانع في المثول أمام المحاكم، وليس لديها مانع في التنسيق مع الأمم المتحدة لأجل وصول المساعدات الإنسانية.
تقوية الميليشيات
من جهته اعتبر القيادي بالحزب الجمهوري السوداني، عبد الجبار إبراهيم، أن “القرارات الأمريكية تذهب في اتجاه تقوية ميليشيات الإخوان المسلمين، مبينا أن واشنطن بقراراتها أسدت خدمة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين”.
وأضاف على منصة “إكس” أن “إدارة بايدن هي أسوأ إدارة تتعامل مع الملف السوداني، فلم تفعل شيئا ذا قيمة لشعب يئن تحت وطأة الجوع والتشرد والقتل والاغتصاب لحوالي العامين”.
وأوضح أن فرض عقوبات على أي طرف من أطراف الحرب بمفرده، يمثل إخلالا بتوازن القوى المتحاربة؛ وبالتالي يعتبر دعما للطرف الآخر، مبينا أنه “إذا كان لا بد من فرض العقوبات، فكان يتعين على الإدارة الأمريكية أن تفرضها على الجانبين بما يحد من قدراتهما القتالية وبالتالي يؤدي ذلك لإيقاف الحرب”.
وأضاف إبراهيم أن “قوات الدعم السريع استجابت لكل النداءات الدولية الخاصة بالمفاوضات، وفوضت قيادتها الوفود تفويضا كبيرا لاتخاذ قرارات كبيرة وسمحت بإدخال المساعدات الإنسانية، بعكس الجيش الذي رفض الدعوات كلها للتفاوض، وانسحب من إعلان جدة الذي اتخذته إدارة بايدن ذريعة لفرض العقوبات”، حسب قوله.
وقال إن ما قامت به إدارة بايدن يعمل “نظريا” على تقوية ميليشيات الإخوان المسلمين وإضعاف الدعم السريع، ولكن عمليا فلن يكون لها أي أثر في الميدان، على حد رأيه.