أثار وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، جدلاً واسعًا بعد تصريحاته التي أدان فيها بشدة فكرة تشكيل حكومة موازية على غرار الوضع في ليبيا. واعتبر الشريف أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا كبيرًا لوحدة السودان، كما تعرقل الجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد. وفي حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط” خلال زيارته للقاهرة، أشار إلى أن تجربة ليبيا، التي تعاني من انقسامات سياسية وتعدد الحكومات، تمثل كارثة لا يمكن للسودان تحمل تكرارها.
وأوضح الشريف أن السير في هذا الاتجاه يعد بمثابة وصفة جاهزة لتقسيم البلاد وزيادة الفوضى. وأكد على أهمية الحفاظ على وحدة السودان، مشددًا على أن أي مشاورات تهدف إلى تشكيل حكومة “سلام” في نيروبي، بدعم من قوات الدعم السريع، تعتبر غير مقبولة. واعتبر أن هذه القوات، التي تصفها الحكومة بأنها متمردة، مدعومة خارجيًا وتستهدف تمزيق البلاد، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي.
وفي ختام تصريحاته، أكد الشريف أن السودان لن يسمح بتكرار السيناريوهات الخطيرة التي شهدتها دول أخرى، مشددًا على ضرورة التوصل إلى حلول داخلية تضمن استقرار البلاد. وأعرب عن أمله في أن تتضافر الجهود المحلية والدولية لتحقيق السلام والاستقرار، بعيدًا عن أي تدخلات خارجية قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
وقوبلت تصريحات الشريف بانتقادات شديدة من قبل الجمهور، حيث تنوعت ردود الفعل بين الغضب والسخرية. وفقًا لتقارير راديو “دبنقا”، شهد موقع “فواصل الإخباري الليبي” تدفقًا من التعليقات القاسية من قبل المستخدمين الذين عبروا عن استيائهم من تصريحات الوزير. بعض التعليقات كانت تعبيرًا عن الإحباط، حيث قال البعض: “صرنا يُضرب بنا المثل” و”جعلتمونا مسخرة للي يسوى واللي ما يسواش”، مما يعكس شعورًا عامًا بعدم الرضا عن الوضع الحالي.
وبالإضافة إلى ذلك، تساءل العديد من المعلقين عن مدى إدراك الوزير للواقع الذي يعيشه الشعب، حيث أشار أحدهم إلى أن “نصف شعبه لاجئ في ليبيا”، مما يبرز التحديات الإنسانية التي تواجهها البلاد. كما أضاف تعليق ساخر آخر أن “السودان فيه دولتان بدل حكومتين”، مما يعكس حالة الانقسام السياسي والاجتماعي التي تعاني منها المنطقة. هذه التعليقات تشير إلى أن الجمهور يشعر بأن تصريحات الوزير بعيدة عن الواقع الذي يعيشه المواطنون.
ولم يتم الحصول على ردود فعل رسمية من الحكومة الليبية سواء في طرابلس أو بنغازي. يبدو أن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد يساهم في تفاقم مشاعر الإحباط والسخرية بين المواطنين، الذين يتطلعون إلى حلول حقيقية لمشاكلهم بدلاً من التصريحات التي لا تعكس واقعهم.
وعلي يوسف الشريف، الذي تولى مؤخرًا منصب وزير الخارجية، أثار الجدل منذ بداية عمله. في تصريحاته المتعلقة بأزمة سد النهضة، أشار الشريف إلى دعم السودان لحل تفاوضي يضمن حقوق الدول الثلاث في مياه النيل، لكنه لم يستبعد إمكانية اللجوء إلى الحرب في حال فشلت المفاوضات. وأكد أن الأمن المائي للسودان يعد جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي، مشددًا على أن البلاد ستستمر في الضغط عبر القنوات الدبلوماسية لحماية حقوقها، معبرًا عن استعداد السودان لدعم مصر في أي خطوات تهدف إلى حماية مصالحهما المائية.
تلك التصريحات أثارت العديد من التساؤلات بين المراقبين حول مدى تعبيرها عن السياسة الخارجية للسودان في هذه المرحلة الحرجة. حيث اعتبر البعض أن السودان، الذي يسعى لجذب مواقف إقليمية ودولية إيجابية، يحتاج إلى سياسة خارجية أكثر توازنًا واعتدالًا. في المقابل، رأى آخرون أن ما صدر عن الشريف يعكس حالة من التخبط وعدم القدرة على ضبط الخطاب الموجه للخارج، مما قد يؤدي إلى زيادة عزلة السودان بدلاً من تحسين موقعه على الساحة الدولية.
وفي ظل هذه الظروف، يواجه السودان تحديات كبيرة تتطلب منه اتخاذ مواقف مدروسة وفعالة. فالتصريحات القوية قد تكون لها تداعيات سلبية على العلاقات مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي. لذا، فإن الحاجة إلى استراتيجية دبلوماسية متكاملة تضمن تحقيق مصالح السودان دون التصعيد أو التوتر مع الأطراف الأخرى أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
راديو دبنقا