(بوابة السودان- الراكوبة)
أظهرت وثائق مسربة عمق الخلافات وسط الإسلاميين في السودان عقب اجتماع مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني في 14 نوفمبر الماضي، والذي بموجبه تم تعيين أحمد هارون رئيسًا للحزب بدلاً من إبراهيم محمود. وقد قوبل ما صدر عن الاجتماع برفض قاطع من مجموعة المكتب القيادي للحزب التي يتبع لها إبراهيم محمود، والتي اعتبرت اجتماع مجلس الشورى فاقدًا للشرعية، وبالتالي فإن جميع القرارات الصادرة عنه باطلة وغير ملزمة بالنسبة لها.
وانقسم الحزب المعزول بعد الاجتماع إلى مجموعتين: مجموعة أحمد هارون، وتضم مجموعة من قيادات الحركة الإسلامية، منهم: الرئيس المعزول عمر البشير، علي عثمان طه، علي كرتي، أسامة عبد الله، وعثمان يوسف كبر، والمجموعة الأخرى هي مجموعة المكتب القيادي للحزب، وتضم إلى جانب إبراهيم محمود عددًا من أعضاء قيادات الإسلاميين، أبرزهم: نافع علي نافع، محمد عطا، الحاج آدم، السميح الصديق.
وكشفت وثيقة مسربة، وهي عبارة عن رد من مجموعة المكتب القيادي برئاسة إبراهيم محمود موجه لرئيس مجلس الشورى عثمان يوسف كبر حول اجتماع مجلسه والقرارات التي صدرت عنه، بما فيها تعيين أحمد هارون رئيسًا للحزب.
ونلخص هنا أهم ما جاء في تسريب رسالة المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني المحلول:
– أن الفريق بكري حسن صالح، بخلاف ما يتردد خصوصًا وسط السياسيين من كونه عسكريًا زميلًا وصديقًا للرئيس المعزول، كشفت الوثيقة المسربة أنه من قيادات الحركة الإسلامية السودانية، وقد اختير للجمع بين رئاسة الحركة الإسلامية وحزبها (المؤتمر الوطني) بعد سقوط النظام في أبريل 2019، وظل بالمنصب حتى تاريخ القبض عليه نهاية يناير 2020 بتهمة الاشتراك في انقلاب 1989 وتقويض النظام الديمقراطي.
– أن أموال الحركة الإسلامية بعد أبريل 2019 أصبحت كلها تحت يد الأمين العام للحركة الإسلامية بالإنابة (علي كرتي).
– أن علي كرتي مارس ضغوطًا على الحزب من أجل تذويبه داخل الحركة الإسلامية إبان رئاسة إبراهيم غندور وبعد إبراهيم محمود بعد الثورة، ومنها أنه حجب التمويل عن الحزب، قبل أن يعرض في وقت لاحق في اجتماع للمكتب القيادي مقترحًا بدمج هياكل الحركة والحزب متعللاً بأسباب أمنية ومالية وإدارية، إلا أن المكتب القيادي للحزب رفض المقترح ووجه بأن تظل هياكل الحزب منفصلة عن هياكل الحركة على كل المستويات.
– أن علي كرتي هو الذي يقف خلف تأسيس (حركة المستقبل للإصلاح والتنمية) وقد أوكل مهمة الإشراف عليها لعبد الواحد يوسف إبراهيم القيادي الإسلامي الذي شغل منصب وزير داخلية في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، فيما يديرها شباب مغمورون من الصف الثاني للحركة الإسلامية.
– أن علي كرتي يريد تغيير اللافتات لممارسة الخداع واستمرار حكم الإسلاميين، وأنه يريد السيطرة على الحركة الإسلامية وواجهاتها السياسية، فأتى بـ (حركة المستقبل) بديلاً لحزب المؤتمر الوطني، وأسس كيانًا سماه (المنظومة) لإدارة العمل السياسي في الولايات بدلاً لهياكل ومؤسسات حزب المؤتمر الوطني.
– المنظومة كيان جامع للإسلاميين يضم قيادات من المؤتمر الوطني (مجموعة أحمد هارون)، حزب المؤتمر الشعبي (مجموعة بشير آدم رحمة) وحركة الإصلاح الآن (غازي صلاح الدين).
– تمارس (المنظومة) الآن فعليًا العمل السياسي في الولايات بعد خطاب أرسله أحمد هارون لجميع المكاتب ألغى بموجبه هيكل الحزب، وأعلن فيه تأسيس (المنظومة) برئاسة علي كرتي، وينوب عنه (أحمد هارون) على المستوى المركزي. وطلب من أجهزة الحزب بناء هياكل للمنظومة على جميع المستويات بما في ذلك الخارج لتحل محل المؤتمر الوطني، وبالفعل تم تنفيذ ذلك في غالب مؤسسات الحزب.
– قام الرئيس الجديد للحزب أحمد هارون بتعيين رؤساء للمنظومة في الولايات، وبدأ في اجتماعات راتبة معهم لتنظيم العمل متجاوزًا رؤساء المؤتمر الوطني في الولايات.
– وضعت أموال كثيرة بيد أحمد هارون لإدارة العمل الجديد، وتم دفع أموال مهولة لبعض القيادات داخل مقابل موافقتها للعمل وفقًا للكيان الجديد.
– ألمحت الوثيقة إلى خروج قريب للرئيس المعزول عمر البشير من السجن.
– يحظى أحمد هارون بدعم قوي من الرئيس المعزول عمر البشير، وقد قال في رسالة وجهها لقيادات الحزب أن أحمد هارون هو الرئيس الشرعي للحزب، وأن إبراهيم محمود كان رئيسًا مؤقتًا، وطلب من بعض القيادات بما في ذلك رئيس الشورى المناوب (عثمان يوسف كبر) مساندة أحمد هارون، وهدد قائلاً “في حال لم يتولَّ أحمد هارون الرئاسة سيخرج من المعتقل قريبًا، وسيتخذ من القرارات ما يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح”.
– اعترض المكتب القيادي في الوثيقة على تأمين اجتماع عطبرة، ووصفها بغير الصحيحة لغياب التأمين التنظيمي (الأمن الشعبي) وتكليف “جهاز ليس بصاحب اختصاص ومعه آخرون (جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية)، وإبعاد جهاز الحزب المعني بتأمين الاجتماع (الأمن الشعبي وأمن التنظيم).
– أخطر ما جاء في الوثيقة المسربة هو أنها كشفت بأن أحمد هارون يتولى رئاسة لجنة الاستنفار للحرب، حيث جاء نصًا في الوثيقة: (نعلم أن بعضًا من أعضاء المكتب القيادي يحضرون مع أحمد هارون اجتماعات لجنة الاستنفار كأعضاء فيها، وهذا معلوم ومتفق عليه).
واختتمت الوثيقة المسربة (رد المكتب القيادي الموجه إلى رئيس مجلس الشورى) بتوصيات أهمها:
– إلغاء كل ما يتعلق باجتماع بعض أعضاء مجلس الشورى بعطبرة في 14 نوفمبر 2024 لمخالفته لنظام الأساس، واعتباره كأن لم يكن، وبطلان كل ما صدر أو سيصدر من إجراءات منسوبة لذلك الاجتماع، وإعلان ذلك على الملأ.
– مقاومة مشروع إنهاء دور حزب المؤتمر الوطني لصالح مجموعة تريد الهيمنة على الحركة الإسلامية وحزبها.
– إلغاء مسمى (المنظومة) من جميع مستويات هياكل الحزب، والتزام كل مؤسسات الحزب بالعمل وفق النظام الأساس.
– يظل إبراهيم محمود رئيسًا للحزب حسب قرار الشورى في 2021 لحين انعقاد مجلس الشورى بالإجراءات الصحيحة.