كتبت: فاتن فتحي
نوار ذات التسعة أعوام تتأمل زخارف مغلف عبوة الشيبس بألوانها الزاهية.وعيناها تشعان رضا تتحسس أناملها الملمس. قبل أن تتحرك رفقة أباها بفرحة غامرة لا تأبه لآثار التشوهات التي على يدها جراء قذائف الحرب التي اضطرتهم للنزوح من منزلهم بالخرطوم وهى تقطع المسافة من المتجر إلى دار الايواء الذي بات سكنا لها وأسرتها.
والدار الذي خصص لايواء ذوي الاحتياجات الخاصة . يلحظ الداخل إليه حركة الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصه وهم يمرحون ويلعبون يستعينون أحيانا بالعصاة الطبية التي يستخدمونها للإمساك باقرانهم وهم يمارسون لعبة محورها قطر الشجرة الضخم.
ضريبة قاسية يدفعها الآلاف من أطفال السودان جراء الحرب إذ حصدت القذائف التي أصابت ملاعبهم وبيوتهم منهم من أصابت وقتلت آخرين. وتركت على من نجا منهم اصابات ستلازمهم مدى العمر
نوار وغيرها من الأطفال في الطفولة المبكرة تحديدا الناجين جسديا من اهوال الحرب والمتضررين نفسيا بالطبع. تعجز ادراكاتهم عن استيعاب ما جرى الأمر الذي ينطبق على أواب الأربعة أعوام وشقيقه الذي يكبره بثلاثة أعوام وهم يقاومون رحلات النزوح القسري . مطالبين ذويهم بالرجوع إلى المنزل لأنهم يريدون ركوب دراجاتهم واللعب مع أندادهم في الساحة أمام المنزل. والذهاب إلى الروضة والمدرسة. ويتساءلون بإلحاح لماذا ايقظهم أهلهم من النوم لأجل السفر في هذا الوقت لماذا الآن. وهم لا يعلمون أن والديهم يسابقون الزمن لأداء مناسك رحلة نزوح جماعي طلبا للنجاة من أهوال الزاحفين في جنح الليل على القرى والبلدات الآمنة يسومونها العذاب.
يقول مجلس الطفولة في السودان وفق ما جاء على لسان أمينه العام الدكتور نور الدين أبو خلال نوفمبر المنصرم أن ثمانية آلاف طفل كانوا بين قتيل وتاءه ومختطتف . ويشير أبو إلى أن مجموع أطفال السودان البالغ /أربعة وعشرين مليونا /يمثلون الشريحة الاعلى بين النازحين واللاجئين بعيدا عن التعليم والرعاية المطلوبة. ويشير إلى مساعي المجلس والشركاء لتوفيق أوضاع الأطفال.وتهيءة البيئة المناسبة لهم. ويضيف أبو أن أربعمائة وخمسين من الأطفال ذوي الإعاقة توفرت لهم سبل الرعاية بعد اجلاءهم لمناطق آمنة. كما أن ألفين وخمسمائة آخرين هم في عداد التائهين بينما جند الدعم السريع ألفين وخمسمائة آخرين. فيما تسببت الحرب في مقتل ثلاثة آلاف آخرين.
هجوم مليشيا الدعم السريع على قرى شرق الجزيرة وسنار تسبب في موجات نزوح مضطربة وقاسية فقدت فيها كثير من الأسر أطفالها الذين انفصلوا عنها.ولتتمكن أسر أخرى من رعايتهم والاعلان عن هويتهم وعناوين اتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي كان مؤشرا لحجم الانتهاكات التي طالت ملايين الأطفال جراء الحرب.وأشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تقرير حديث إن أطفال السودان معرضون لانتهاكات في الحماية والتعليم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن التجنيد ووجودهم في ساحات القتال. إذ بلغ عدد الأطفال خارج المدارس أربعة عشر مليوناً.