أثارت حملات الاعتقالات والقتل تحت التعذيب التي تنفذها الميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني، في مناطق متفرقة في البلاد، غضب المواطنين والقوى الحقوقية، وسط مطالبات بالتدخل لوقف الانتهاكات.
وقتل قبل يومين أحد قيادات حزب الأمة القومي البارزين في ولاية سنار، تحت التعذيب داخل معتقلات الجيش، الذي اعتقله بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، عقب انسحابها من مدينة سنجة، نوفمبر الماضي.
كما اعتقلت ميليشيات متحالفة مع الجيش قبل يومين، عددًا من الشباب في منطقة “السامراب” بالخرطوم بحري بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، وأدخلتهم في إطارات سيارات تالفة، تمهيدًا لحرقهم، وفق مقاطع فيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأثار مقطع الفيديو المتداول موجة من الغضب، وسط استنكار واسع لتعذيب المدنيين بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع.
وقال بشرى علي، معلقًا على مقطع الفيديو، إنه “لا يعذب بالنار إلا رب النار”.
وأشار إلى أن المشهد سبق وتكرر في أحداث الكونغو عام 1996 عندما تقدمت قوات لوران كابيلا نحو العاصمة كنشاسا، حيث كان يتم تقييد الأسرى بالحبال وإدخالهم في إطار السيارات الفارغة ثم سكب البنزين عليها وإشعالها مع دحرجتها من مكان مرتفع.
ولفت في تدوينة على منصة “إكس” إلى أن هذه الطريقة تجمع بين حكم الإعدام والتعذيب بالنار، وهي فريدة من نوعها من حيث العنف والوحشية والكراهية للآخر.
وأضاف: “يبدو أن كتائب البراء بن مالك شاهدت تلك التجربة البشعة وطبقتها في منطقة بحري السامراب، ويبدو من الحوار أن هناك سابق معرفة بين الضحايا والجلادين؛ لأن أحدهم سأل أحد الضحايا إذا ما كان يعرفه أم لا”.
وكان أحد الجنود طلب من الضحايا الذين يتم تعذيبهم، الاعتراف بأنهم ينتمون لقوات الدعم السريع حتى يتم التعامل معهم كأسرى.
وعلق بشرى على هذه الجزئية بقوله إن السؤال يؤكد أن ليس لهم علاقة بالدعم السريع، كما أنهم ليسوا مسلحين ولا يبدو أنهم قد تم أسرهم في معركة.
وبين أن ما يحدث هو تطبيق لـ”قانون الوجوه الغريبة” الذي يستهدف أبناء غرب السودان بصورة عامة.
وأضاف أنه “كلما تسيطر قوات العمل الخاص أو كتائب البراء على منطقة، تقوم بارتكاب انتهاكات غير مسبوقة في حق المواطنين الذين تجدهم في المنطقة وبالذات الشباب”.
ويرى مراقبون أن الجيش السوداني درج على إطلاق يد هذه الميليشيات المتطرفة لتفتك بالمواطنين الذين يتمسكون بالبقاء في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، مثلما حدث من قبل في مناطق “الحلفايا شمال الخرطوم، والدندر وسنجة بولاية سنار”.
ويعاقب قادة هذه الميليشيات الأهالي لبقائهم في مناطق سيطرة الدعم السريع، وعدم النزوح إلى مراكز الإيواء بمناطق سيطرة الجيش، وفق مراقبين.
وفي مدينة سنجة بولاية سنار، أكدت تقارير منظمات حقوقية وقوع انتهاكات جسيمة شملت تصفيات جسدية وحوادث قتل خارج نطاق القانون، وذلك عقب سيطرة الجيش على المدينة التي انسحبت منها قوات الدعم السريع، نوفمبر الماضي.
وأعرب المركز المركزي لحقوق الإنسان – السودان، في بيان على صفحته بموقع “فيسبوك”، عن بالغ قلقه تجاه التقارير المتواترة التي تفيد بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في ولاية سنار، المستردة مؤخرًا بوساطة القوات المسلحة السودانية.
وأشار البيان إلى وقوع انتهاكات جسيمة بحق المدنيين تتعلق بقيام المجموعات المقاتلة بصف القوات المسلحة السودانية بحملات واسعة وعمليات تصفية جسدية وقتل خارج القانون، بحق العديد من المدنيين بتهمة الاشتباه بالتعاون مع قوات الدعم السريع، وتفيد الأنباء بوقوع أعداد من حالات التعذيب والاعتقال التعسفي.
وأكد المرصد أن استمرار هذه الانتهاكات يمثل تهديد خطيرًا لحقوق الإنسان والحقوق الأساسية، وتهديدًا مباشرًا لأمن المواطنين.
ودعا المرصد القوات المسلحة السودانية لكف أيادي منسوبيها عن هذه الانتهاكات واحترام كرامة المدنيين، كما دعا المجتمع الدولي والإقليمي لحماية المدنيين واتخاذ الإجراءات التي من شأنها منع تكرار مثل هذه الانتهاكات.
وكان حزب الأمة القومي في السودان، أعلن يوم السبت، عن مقتل القيادي آدم بشير آدم، تحت التعذيب داخل معتقلات الجيش السوداني في مدينة سنجة بولاية سنار وسط البلاد.
وأكد الحزب في بيان تلقى “إرم نيوز” نسخة منه، أن الضحية، وهو قيادي أهلي، جرى اعتقاله بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع ليتم تعذيبه حتى الموت.
وأضاف أن “الضحية تعرض للاعتقال ظلمًا مع عدد كبير من المواطنين الأبرياء من قرى سنجة والشكابة وزينوبة وأبوحجار وودالنيل، لا لشيء إلا لأنهم رفضوا الخروج من مناطقهم، فكان عقابهم القتل والاعتقال والتعذيب بتهمة التعاون مع الدعم السريع”، وفق البيان.
وندّد حزب الأمة القومي بـ”سلوك الانتقام” من المواطنين الأبرياء، مطالبًا قيادة الجيش السوداني بإطلاق سراح المواطنين المعتقلين، والكف عن ممارسات القمع والانتهاكات الجسيمة بحقهم.
وكان الجيش السوداني قد دخل إلى مدينة سنجة بولاية سنار، عقب انسحاب قوات الدعم السريع، بينما تحدثت تقارير عن موجة اعتقالات واسعة بحق المدنيين بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.
ولقيت الانتهاكات التي مارستها الميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني في مدينة سنجة والقرى التابعة لها إدانات وردود أفعال واسعة، وسط مطالبات بالتدخل الدولي والتحقيق في الجرائم وتقديم المتورطين إلى العدالة.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة يومها على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلحين يتبعون للجيش السوداني يقتحمون منازل المواطنين في قرى مدينة سنجة ويمارسون الترهيب والإذلال بحق النساء داخل منازلهن، وأخرى توضح اعتقال العشرات وإجبارهم على الصعود في شاحنات.
وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتهمت قوى حقوقية وزعماء أهليون الجيش السوداني بقتل أكثر من 350 مدنيًّا في مدينة الدندر وقرى شرق سنار، بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على تلك المناطق وانسحبت منها.
وسبق أن وقعت عشرات الانتهاكات في مواقع متفرقة من السودان بحق أشخاص ينحدرون من عرقيات تمثل حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، بعد اتهامهم بالانتماء للقوات التي تقاتل الجيش السوداني منذ الـ15 من أبريل/ نيسان الماضي.
ارم نيوز