شنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، هجوما على سلطة الأمر الواقع التي يقودها الجيش في بورتسودان، وقالت إنها سعت للادعاء بأنها تمثل الشرعية وهو ادعاء باطل لا سند دستوري ولا سياسي ولا شعبي له، وأضافت انها استخدمت هذه الشرعية المدعاة لتطيل أمد الحرب وتعطل فرص الوصول لسلام، باعتبار أن انقلاب 25 أكتوبر كان وسيلة للوصول للسلطة وفشل نتيجة للموقف الشعبي الواسع ضده، لتجيء الحرب كامتداد لذات مسعى الاستيلاء على السلطة، مؤكدة أن الحرب الآن تستخدم كوسيلة لتحقيق ما فشل فيه الانقلاب.
وقالت الهيئة القيادية لـ”تقدم” في البيان الختامي لاجتماعاتها في أوغندا، اليوم الجمعة، إن سلطة الأمر الواقع استخدمت هذه الشرعية الزائفة لتقسيم السودان وهو الأمر الذي تجلى في إجراءات تغيير العملة وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وحرمان المواطنين من حقوقهم الدستورية في الوثائق الثبوتية والعملية التعليمية، بجانب إقرار تشريعات تمييزية مثل قانون الوجوه الغريبة وغيرها من أشكال التوظيف الذي يقسم البلاد بحكم الأمر الواقع. واعتبرت التنسيقية أن ما تفعله سلطة بورتسودان يتسق مع مشروع حزب المؤتمر الوطني المحلول التفتيتي الذي قسم السودان من قبل ولم يكتفي بعد، وتابعت: “ها هم الآن يسعون لمزيد من التقسيم عبر إطالة أمد الحرب وتوظيف الشرعية الزائفة وإشاعة خطاب الكراهية والعنصرية”.
فيما دعت الهيئة القيادية طرفي القتال للامتناع عن استهداف المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والعودة للتفاوض دون شروط وتغليب صوت العقل لإنهاء معاناة الملايين الذين تضرروا من الحرب. وفيما يلي نص البيان الختامي: الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” البيان الختامي لاجتماع الهيئة القيادية (3-6 ديسمبر 2024 م) اجتمعت الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” في مدينة عنتبي بجمهورية يوغندا في الفترة من 3-6 ديسمبر 2024م. جاء الاجتماع وبلادنا تمر بظروف كارثية جراء استمرار حرب 15 أبريل التي سقط جراءها عشرات الآلاف من القتلى المدنيين والعسكريين، وأدت لأكبر أزمة نزوح ولجوء في العالم فاقت ال 12 مليون سوداني/ة، وانتجت أكبر كارثة أمن غذائي في العالم هددت 25 مليون شخص، ودفعت ما يفوق ال 17 مليون طالب/ة خارج النظام التعليمي، وأخرجت 90٪ من المرافق الصحية عن العمل لتنتشر الأوبئة والأمراض وتفتك بأرواح الناس، ودمرت البنية التحتية وأفقدت المواطنين/ات منازلهم وممتلكاتهم ومصادر رزقهم.
هذه الكارثة الأكبر على مستوى العالم لا زالت تتضاعف يوماً بعد يوم وسط إصرار الأطراف المتحاربة لاستمرار القتال، وتصاعد خطابات الكراهية والعنصرية، وتزايد نذر الحرب الأهلية القبلية الشاملة، وتغذية أطراف خارجية تطيل أمدها، وعدم وجود أفق لحل سياسي سلمي في القريب العاجل. إن استمرار هذه الحرب سيؤدي لتمزيق السودان ولمضاعفة معانة أهله ولتهديد السلم والأمن الإقليمي والدولي، وهو ما يزيد من عزيمتنا على العمل على إيقاف وإنهاء الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية والوصول لحل سياسي شامل ينهي القتال ويؤسس لسلام مستدام ويستكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة.
ناقش الاجتماع بعمق قضايا الوضع الإنساني والسياسي ووقف على العمل التنظيمي الداخلي وخلص للآتي:
أولاً: الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين: أكد الاجتماع على أن معالجة الكارثة الإنسانية والعمل على وضع تدابير جادة تضمن حماية المدنيين هي الأولوية القصوى ل “تقدم” في عملها اليومي وخطابها الإعلامي. أدان الاجتماع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والقوات المتحالفة معهما ضد المدنيين، وأشاد بتقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة، ودعا لضرورة تفعيل آليات العدالة والحماية الدولية لضمان وقف الجرائم وانصاف الضحايا ومحاسبة المجرمين.
شدد الاجتماع على ضرورة فتح المسارات لتوصيل المساعدات الإنسانية عبر حدود السودان وداخله، وناشد المانحين للإيفاء بتعهداتهم التي أعلنوها في مؤتمر باريس، وأثنى على الجهود التي تقوم بها لجان الطوارئ والمنظمات الإنسانية الوطنية والدولية من أجل توفير الاحتياجات الضرورية للمتضررين من الحرب، كما قرر تشكيل آلية خاصة لمتابعة قضايا اللاجئين والنازحين وعقد مؤتمر لإيجاد حلول لإشكالياتهم، كما أصدر عدد من القرارات لمواجهة قضايا الحرمان من التعليم وايلاء الاهتمام بقضايا المزارعين والرعاة والرحل.
قرر الاجتماع تكثيف الجهد لإنفاذ تدابير أكثر فعالية لحماية المدنيين وتطوير مقترح المناطق الآمنة والدعوة لخروج جميع القوات المتقاتلة من الأعيان المدنية وتقليص الوجود العسكري في المناطق المأهولة بالسكان ووقف القصف المدفعي وقصف الطيران، كما دعا المجتمع الدولي لتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتحقق في كل الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين، ولتمديد حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان بما يسهم في تقصير أمد الحرب.
ثانياً: الرؤية السياسية لإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية: ناقشت الهيئة القيادية التطورات السياسية الراهنة وعلى رأسها تصاعد المواجهات بين أطراف النزاع وتفاقم الكارثة الإنسانية وازدياد حدة الانتهاكات وانسداد أفق الحل السلمي وتصاعد نشاط عناصر النظام البائد وسيطرتهم على مفاصل سلطة بورتسودان وتزايد نذر تقسيم البلاد وفقاً لعوامل داخلية وخارجية تدفع في هذا الاتجاه، ووفقاً لما تقدم فقد قرر الاجتماع العمل على ثلاث مسارات سياسية لتعزيز فرص إنهاء الحرب وتأسيس الدولة السودانية.
1- الجبهة المدنية العريضة: ظلت المساعي مستمرة لبناء جبهة مدنية عريضة تضم كافة قوى الثورة والتحول الديمقراطي التي وقفت ضد انقلاب 25 اكتوبر وحرب 15 ابريل.
مثل المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” خطوة مهمة في اتجاه توحيد قوى الثورة وبناء منصة واسعة تربط عملية البحث عن السلام مع استكمال ثورة ديسمبر المجيدة وتأسيس الدولة السودانية، وعلى الرغم من اتساع قاعدة المشاركة إلا أن قطاع من قوى الثورة لم يشارك في هذا المسار. تنتظم قطاعات واسعة من قوى الثورة الآن في حوارات بناءة لتوسيع قاعدة توافقها وتعزيز جهود العمل المشترك بينها وصولاً لجبهة مدنية عريضة تضم كافة قوى الثورة. تدعم “تقدم” هذا الاتجاه وترى أن تستند الجبهة على مبادئ متوافق عليها، ونظم عمل فعالة ومرنة، وأن تستخدم هذه الجبهة كافة الوسائل السلمية المشروعة لوقف وإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية.
2- العملية السياسية لإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية: اننا في تقدم نؤمن بأنه لا حل عسكري لأزمات السودان المتراكمة، وأن حرب 15 أبريل حرب معقدة ذات أبعاد عديدة وعميقة يجب معالجتها بشكل حقيقي وجذري حتى تكون آخر حروب السودان، وهو ما يتطلب تصميم عملية سياسية تخاطب كافة هذه الأبعاد وتقود لسلام مستدام ولاستكمال مسار ثورة ديسمبر المجيدة، وفي هذا السياق فإننا ندعو طرفي القتال للامتناع عن استهداف المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والعودة للتفاوض دون شروط وتغليب صوت العقل لإنهاء معاناة الملايين الذين تضرروا من الحرب.
أكد الاجتماع على أن تحديد أطراف العملية السياسية يجب أن يقوم على معايير محددة، وعلى رأس هذه المعايير أن تكون أطرافها معروفة ومعرّفة ومحددة من قوى سياسية وحركات الكفاح المسلح وقوى المجتمع المدني والمهنيين والنقابات ولجان المقاومة على أن تتمتع العملية السياسية بعمق شعبي وبمشاركة حقيقية لأصحاب المصلحة، وألا تكافئ المؤتمر الوطني وحركته الإسلامية وواجهاتهم الذين أشعلوا الحرب ويعملون على استمرارها بل يجب أن تؤدي الى محاسبتهم. ثمن الاجتماع كل الجهود الاقليمية والدولية الساعية لوقف وإنهاء الحرب، وأكد على أهمية توحيدها في منبر تفاوضي موحد بمسارات ثلاثة متكاملة ومتزامنة هي مسار الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين ومسار وقف إطلاق النار ومسار الحوار السياسي الذي يخاطب جذور الأزمة.
3- إنهاء اختطاف الدولة واستعادة شرعية ثورة ديسمبر: جاء انقلاب 25 أكتوبر ليجهض مسار الانتقال المدني الديمقراطي، ويسهم في تهيئة الظروف لاندلاع الحرب التي جاءت كنتيجة طبيعية لمخططات المؤتمر الوطني ولتعدد رؤوس الانقلاب. منذ ذلك الوقت غابت الشرعية تماماً عن السودان ولم تنشأ أي سلطة ذات مشروعية وهو الموقف الشعبي الذي عبرت عنه الملايين التي خرجت ضد الانقلاب، والمجتمع الإقليمي والدولي الذي علق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي ولم يعترف بالسلطة الانقلابية. ا
ندلعت حرب 15 أبريل لتفاقم أزمة الشرعية وتؤدي لانهيار الدولة، وقد سعت سلطة بورتسودان للادعاء بأنها تمثل الشرعية وهو ادعاء باطل لا سند دستوري ولا سياسي ولا شعبي له. استخدمت سلطة بورتسودان هذه الشرعية المدعاة لتطيل أمد الحرب وتعطل فرص الوصول لسلام حيث أن انقلاب 25 أكتوبر كان وسيلة للوصول للسلطة فشلت نتيجة للموقف الشعبي الواسع ضده، لتجيء الحرب كامتداد لذات مسعى الاستيلاء على السلطة، لذا فإن الحرب الآن تستخدم كوسيلة لتحقيق ما فشل فيه الانقلاب. كما استخدمت هذه الشرعية الزائفة لتقسيم السودان وهو الأمر الذي تجلى في إجراءات تغيير العملة واعاقة وصول المساعدات الإنسانية وحرمان المواطنين من حقوقهم الدستورية في الوثائق الثبوتية والعملية التعليمية وإقرار تشريعات تمييزية مثل قانون الوجوه الغريبة وغيرها من أشكال التوظيف الذي يقسم البلاد بحكم الأمر الواقع، وهو ما يتسق مع مشروع المؤتمر الوطني التفتيتي الذي قسم السودان من قبل ولم يكتفي بعد، وها هم الآن يسعون لمزيد من التقسيم عبر إطالة أمد الحرب وتوظيف الشرعية الزائفة وإشاعة خطاب الكراهية والعنصرية.
إدراكًا منا للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية، سارعنا بقيادة ودعم العديد من المبادرات التي تهدف لمناهضة الحرب والعمل على إيقافها عبر ابتدار حوار لحل هذه الأزمة الوطنية وفي سبيل ذلك، بذلت القوى الوطنية مجهودات جبارة مع كل الشركاء الدوليين والإقليميين والاتحاد الأفريقي، إلا أن النظام البائد وعناصره داخل المنظومة الامنية رفض وقف الحرب وأصر على الاستمرار فيها.
لذا يجب التأكيد على أنه لا شرعية إلا لثورة ديسمبر المجيدة، ويجب نزع أي شكل من أشكال الشرعية الزائفة والتصدي لها بكافة الوسائل المتاحة وهو ما ستعكف الآلية السياسية ب”تقدم” على مناقشة خياراته من اجل الحفاظ على وحدة السودان أرضًا وشعبًا وتحقيق السلام الدائم والشامل واستكمال ثورة ديسمبر المجيدة.
ثالثاً: القضايا التنظيمية الداخلية: ناقش الاجتماع الوضع التنظيمي الداخلي، واستعرض تقرير الأمانة العامة وأجازه بعد نقاش مستفيض وتوصيات محكمة لتطوير الاداء. ناقش الاجتماع أيضاً عدداً من المذكرات الداخلية واخضعها لحوار عميق ووضع حلولاً شاملة لما طرحته من قضايا بما يعزز الوحدة والتماسك الداخلي لتقدم ويطور من اداءها ويمتن من ديمقراطيتها الداخلية ليحافظ على ما حققته في الفترة الماضية من مكتسبات ببناء أوسع تحالف مدني ديمقراطي مناهض للحرب يضم بين طياته قوى سياسية وحركات كفاح مسلح ومهنيين ونقابات ولجان مقاومة ومجتمع مدني ومكونات نوعية مثل اللاجئين والنازحين والمبدعين والمزارعين والرعاة وأصحاب الأعمال وقيادات أهلية ودينية.
وجه الاجتماع بضرورة الإسراع في اكمال تكوين مكاتب تقدم بالداخل والخارج وشروعها في توسيع قاعدة العمل المدني الديمقراطي المناهض للحروب، كما قرر تقييم المؤتمر التأسيسي لتقدم وتحديد الإيجابيات والسلبيات والدروس المستفادة منه، كما شدد على تعزيز تمثيل النساء والشباب في كل هياكل تقدم، وقرر البت الفوري في جميع الطلبات من الأجسام المدنية خارج تقدم التي ترغب في الانضمام للتحالف. ناقش الاجتماع الأداء الإعلامي ل “تقدم” وأمن على ضرورة تفعيل عمل اللجنة الإعلامية ودعمه من أجل مناهضة الإعلام الحربي التضليلي وخطابات الكراهية الممول بسخاء.
توجه الاجتماع في خاتمة ....