آخر الأخبار

مصر تتبنى خيار التدخل المباشر في القرن الأفريقي

شارك الخبر
مصدر الصورة

خطت مصر خطوة أخرى نحو فرض حضورها الإقليمي في جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي، حيث شارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في قمة ثلاثية في أسمرة جمعته بالرئيس الإريتري أسياس أفورقي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وسط أنباء عن استعداد لبناء تحالف ثلاثي بهدف التصدي لإثيوبيا.

جاءت القمة عقب مرور يوم على اتهام قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) القاهرةَ بقصف قواته، ما يشير إلى انخراط عسكري مصري في الأزمة السودانية.

وتعكس هذه التطورات تخلي القاهرة عن هدوئها الدبلوماسي وتبني خيار التدخل المباشر في الأزمات لإظهار أنها لا تزال لاعبا إقليميا مؤثرا لا يمكن القفز على مصالحه.

وتعتقد مصر أنها أُجبرت على هذه الترتيبات، خصوصا أنها تجري مع طرفين أحدهما معروف بمواقفه المتقلبة (إريتريا) والآخر ضعيف وغارق في أزماته الداخلية.

ويحذر مراقبون من أن البحث عن التدخلات المباشرة لتعويض تراجع التأثير الدبلوماسي قد يجر القاهرة إلى الدخول بشكل مباشر في صراعات إقليمية سيكون من الصعب الخروج منها في ظل تعقيدات داخلية كثيرة تحيط بها.

وعقد رؤساء مصر وإريتريا والصومال قمة ثلاثية في أسمرة الخميس على خلفية التوترات المتزايدة في منطقة القرن الأفريقي.

وفيما اكتفت وزارة الإعلام الإريترية بالإشارة إلى أن هدف القمة “بحث تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث بالإضافة إلى مسائل الأمن والاستقرار الإقليمي”، يعتقد مراقبون في وجود تنسيق لتشكيل تحالف ثلاثي في مواجهة إثيوبيا، وهو ما قد يدفع إلى توتير الأجواء ويقطع الطريق أمام التفاهم الإثيوبي – المصري دبلوماسيّا حول أزمة سد النهضة.

وترى أوساط إقليمية أن زيارة السيسي قد تزيد الأوضاع تدهورا؛ فقد جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات بين القاهرة ومقديشو تعاونا انعكس في شكل تقديم شحنات أسلحة إلى الصومال عقب قيام إثيوبيا بتوقيع مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال، تحصل بموجبها على ميناء وقاعدة بحرية جنوب البحر الأحمر ومساعدات لوجستية.

وتتناول الزيارة غير محددة المدة، وفقا لبيان الرئاسة المصرية، “بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، والأوضاع الإقليمية، على النحو الذي يدعم عملية التنمية ويحقق مصالح شعوب المنطقة”.

البحث عن التدخلات المباشرة لتعويض تراجع التأثير الدبلوماسي قد يجرّ القاهرة إلى التورط في صراعات معقّدة

وجاءت زيارة السيسي بعد مرور أسابيع على مباحثات أجراها وزير الخارجية بدر عبدالعاطي ورئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في أسمرة، شملت تطورات الأوضاع في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

لكن الاندفاع المصري نحو بناء تحالفات لتطويق إثيوبيا قد يقود إلى رد غير محسوب منها مثل ما عكسه تصريح رئيس الوزراء آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في أديس أبابا حين قال “لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذلّ كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه”، وأضاف “لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها”.

ويقول المراقبون إن الرسائل التي تنطوي عليها زيارة السيسي إلى أسمرة تؤشّر على أن بلاده قررت التخلي عن حذرها والتفاعل مع الأزمات الأفريقية بشكل أكبر، على أمل تغيير الواقع لصالحها بعد سنوات من تجاهل الصراعات في القارة، ما أرخى بظلال سلبية على علاقاتها مع بعض الدول الأفريقية، ظهرت معالمها في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا وعدم قدرتها على التدخل في الأزمة السودانية التي تهدد أمنها القومي.

ويضيف هؤلاء أن غالبية التصورات التي تتبناها مصر علنا تشير إلى تجنب الاشتباك مع خصومها، إلا أن تصرفاتها العملية تتضمن عكس ذلك؛ فقد طورت علاقاتها العسكرية مع الصومال لمناكفة أديس أبابا، وزادت تعاونها مع إريتريا الخصم التاريخي اللدود لإثيوبيا، وتعرضت لاتهامات بدعم الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع مؤخرا.

وفي فيديو بث الأربعاء اتهم قائد الدعم السريع مصر بشن ضربات جوية على عناصر تابعة لقواته في منطقة جبل موية، وقيامها بتدريب الجيش السوداني وإمداده بطائرات مسيّرة.

وأصدرت وزارة الخارجية المصرية في وقت لاحق بيانا نفت فيه اتهام حميدتي، قائلة “وإذ تنفي جمهورية مصر العربية تلك المزاعم، فإنها تدعو المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع”.

وقال قائد الدعم السريع إن مصر استخدمت قنابل أميركية في ضرباتها، لافتا إلى أن “الأمريكان لو ما موافقين ما كانت القنابل حجتهم دي وصلت السودان ( لو لم يكن الأميركيون موافقين على الضربات المصرية لما وصلت القنابل الأميركية -حجة موافقتهم- إلى السودان”، ومشيرا إلى وجود مرتزقة من التيغراي وإريتريا وأذربيجان، إضافة إلى أوكرانيين، وكرر تهمة أن إيرانيين شاركوا في الحرب إلى جانب الجيش السوداني.

ويُنظر إلى مصر منذ بداية الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع على أنها قريبة من المؤسسة العسكرية وقائدها عبدالفتاح البرهان وداعمة لهما، رغم انضمامها مؤخرا إلى جهود إقليمية ودولية للتوسط في الصراع.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي إن “قائد الدعم السريع يضع مصر في خانة الدول التي تعادي قواته، ويستهدف التأكيد المستمر على دخولها طرفا مباشرا في الحرب الدائرة في السودان، وهو أمر ينافي الحقيقة والواقع”، مضيفا أن “مصر لديها رغبة شديدة في استقرار السودان والحفاظ على مؤسسات الدولة ولم تتورط في أي صراع من الصراعات الداخلية في الدول المحيطة بها”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “القاهرة تعمل منذ اليوم الأول من الحرب في السودان على إنهائها، والدليل على ذلك أنها استضافت دول جوار السودان بحثا عن حلول سياسية لا تقود إلى احتدام الصراع، وشاركت كطرف وسيط في مفاوضات جنيف الأخيرة، ومازالت تعمل مع الولايات المتحدة ودول أخرى على إنهاء الحرب، لأن استمرار الصراع سوف تدفع مصر ثمنه غاليا”.

وذكر المحلل السياسي السوداني محمد تورشين أن “اتهام مصر بدعم الجيش حاضر منذ اليوم الأول من الصراع، وأن وسائل إعلام سودانية سوّقت أن قوات الدعم السريع خاضت الحرب لأنها ترفض التدخل المصري مع وجود قوات عسكرية في قاعدة مروي، وبالتالي فالتصريحات الأخيرة لا تحمل جديدا”.

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “مصر تقف ضد أي مجموعات تمتلك السلاح خارج إطار المؤسسات الرسمية للدول، وتدرك أن ذلك له تداعيات أمنية عليها”، مشيرا إلى أن “تصريحات حميدتي ستزيد فتور العلاقات بين قوات الدعم والقاهرة، والخطر يتمثل في إمكانية تأثيرها على علاقة مصر بالقوى المدنية التي ترى أن الجيش السوداني يعمل لصالح فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير”.

ولفت إلى أن النفي السريع من جانب وزارة الخارجية المصرية هدف إلى النأي عن محاولات عديدة للزج بالقاهرة في الكثير من القضايا المرتبطة بالداخل السوداني.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا