مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي ستجري فصولها في الخامس من نوفمبر، واشتداد الحملات بين المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، ومنافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، فإن كلا منهما يسعى جاهداً لكسب تأييد الناخبين من العديد من الأعراق والأوساط، لاسيما الشباب والنساء واللاتينيين والأميركيين من أصول أفريقية، باعتبارهم مفتاحا للفوز.
وحسب تقرير نشرته شبكة “إيه بي سي نيوز” الأميركية، فإن معظم الأخبار والتحليلات تشير إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الحملات الانتخابية لخطب ود تلك الفئات، التي قد تكون حاسمة في تحديد النتائج النهائية.
وخلال الشهر الماضي، تم تجميع بيانات من استطلاعات الرأي الوطنية لمراقبة كيفية استجابة الناخبين، خاصة المجموعات الديموغرافية الرئيسية. وفي هذا السياق، ركز تقرير الشبكة الأميركية على ما إذا كانت تلك الحملات قد أحدثت تغييراً في دعم الناخبين لهاريس، منذ التحليل السابق في أغسطس.
ففي أغسطس الماضي، كانت هاريس تتقدم بفارق 2.8 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي الوطنية، ولم يتغير هذا الفارق كثيراً حتى أكتوبر، حيث بلغ تقدمها 2.6 نقطة مئوية فقط.
وعلى الرغم من هذا الاستقرار النسبي، فإن هناك بعض التغييرات الطفيفة التي يمكن ملاحظتها بين المجموعات الديموغرافية المختلفة.
فيما يتعلق بالناخبين البيض، كانت هاريس في أغسطس تؤدي أداءً مشابهًا لأداء الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2020. ومع ذلك، حققت نائبة الرئيس مكاسب طفيفة في سبتمبر بين الناخبين البيض، وخصوصًا الناخبين من حملة الشهادات الجامعية.
أما بالنسبة للناخبين من أصول أفريقية ولاتينية، فقد سجلت هاريس مكاسب محدودة، لكنها لا تزال تتأخر عن نسبة التأييد التي حصل عليها بايدن بينهم سنة 2020.
هذا التراجع بين الناخبين السود واللاتينيين كان موضوع نقاش منذ ربيع العام الجاري، حيث بدأ يظهر تآكل في دعم الحزب الديمقراطي بين تلك الفئات رغم الجهود المكثفة التي تبذلها حملة هاريس لاستعادة هذا الدعم، إلا أن هذا التآكل يبدو أنه مستمر، وفق تقرير “إيه بي سي نيوز”.
للتعرف على التأثير المحتمل لهذه التغيرات العرقية على النتائج النهائية للانتخابات، تم استخدام أداة “Swing-O-Matic” التي توفر توقعات بناءً على تغييرات في دعم الناخبين حسب العرق.
وبناء على توقعاتها، فإن حظوظ هاريس تحسنت بفارق بسيط يتراوح بين 2-3 نقاط مئوية بين الناخبين البيض مقارنة بأداء بايدن في 2020، وبالتالي فمن المحتمل أن تتمكن من الفوز حتى لو تراجعت بشكل ملحوظ بين الناخبين السود واللاتينيين.
ومع أن هذا السيناريو يعتمد على ثبات المتغيرات الأخرى، مثل نسبة الإقبال على التصويت، فإنه يعكس مدى تأثر الانتخابات بتغيرات طفيفة في دعم بعض المجموعات الديموغرافية.
حسب توقعات “Swing-O-Matic”، فإن الولايات الشمالية التي تميل إلى أن تكون ذات تركيبة سكانية تشمل عددا أكبر من البيض، مثل ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، فقد تبقى في المعسكر الديمقراطي إذا حافظت هاريس على دعم الناخبين البيض.
في المقابل، قد تنتقل الولايات الجنوبية المتأرجحة مثل فلوريدا وأريزونا وتكساس إلى ترامب، نتيجة فقدان الديمقراطيين الدعم بين اللاتينيين.
لكن لا يجب اعتبار هذا السيناريو على أنه أمر مؤكد، خاصة أن هناك عوامل أخرى قد تؤثر على النتائج النهائية، مثل التغيرات في نسبة المشاركة بين الفئات المختلفة، خصوصاً الناخبين اللاتينيين الذين قد يتحركون بشكل مختلف بين الولايات الجنوبية والشمالية.
تجدر الإشارة إلى أن استطلاعات الرأي لا تكون دقيقة بنسبة 100في المئة، ففي كل دورة انتخابية يمكن ملاحظة مقدار من الخطأ في استطلاعات الرأي، والذي قد يؤثر على النتائج المتوقعة.
وجرى تحديد 5 من الولايات المتأرجحة بفارق أقل من 2.5 نقطة مئوية، مما يعني أن أي خطأ بسيط في الاستطلاعات قد يقلب النتائج ويغير مسار الانتخابات.
وفي استطلاعات رأي تركز على مجموعات معينة، مثل استطلاع “UnidosUS/BSP Research” للناخبين اللاتينيين، حصلت هاريس على 66 بالمئة من الأصوات، وهي نسبة أعلى من متوسط الدعم الذي حصلت عليه في الاستطلاعات الوطنية (58 بالمئة).
وفي استطلاع آخر أجرته “جامعة هوارد” بين الناخبين السود في الولايات المتأرجحة، حصلت هاريس على 87 بالمئة من أصواتهم، بينما بلغ متوسطها في الاستطلاعات الوطنية حوالي 82 في المئة.
على الرغم من أن هذه الأرقام تشير إلى دعم أفضل لهاريس بين الناخبين غير البيض، فإن هذا الفارق لا يُحدث تغييراً جذرياً في التوقعات النهائية.
وباستخدام نتائج الاستطلاعين المذكورين في أداة “Swing-O-Matic”، كانت النتيجة الوحيدة التي تغيرت هي قلب نتائج ولاية نيفادا لصالح هاريس.
من بين القضايا المتكررة في الانتخابات الحالية، هي محاولة ترامب جذب الناخبين الشباب، خاصة الذكور منهم.
وعلى الرغم من أن هاريس تقترب من أداء بايدن بين الناخبين الشباب (18-29 عاماً) حيث حصلت على 60 بالمئة من الأصوات في المتوسط مقارنة بـ63 بالمئة لبايدن في 2020، فإن البيانات تشير إلى تباين واضح بين الرجال والنساء في هذه الفئة العمرية.
في حين أن الفجوة بين الجنسين في الاستطلاعات العامة تقلصت إلى حوالي 9 نقاط، فإن الفجوة الجنسية بين الشباب اتسعت بشكل كبير في سبتمبر، حيث وصلت إلى 17 نقطة.
وقد يكون هذا الاختلاف إشارة إلى عودة الناخبين الشباب إلى أنماطهم التقليدية التي شوهدت في انتخابات 2020، أكثر من كونه نجاحاً بجذب الرجال الشباب إلى معسكر ترامب.
وفي نهاية المطاف، رغم جهود الحملات الانتخابية المكثفة، لا يبدو أن السباق الرئاسي الحالي شهد تغيرات كبيرة حتى الآن.
ويظهر ذلك بوضوح في متوسط الاستطلاعات الوطنية، حيث يتأرجح الفارق بين هاريس وترامب بمقدار أقل من نقطة مئوية منذ أغسطس.
كما أن السباق قد يعتمد في النهاية على الناخبين المترددين الذين يقررون موقفهم في اللحظات الأخيرة، مما يجعل النتائج النهائية غير محسومة حتى الآن.