آخر الأخبار

الجيش السوداني يتجاوز الأعراف والمواثيق وينتهك حرمة المباني الدبلوماسية

شارك الخبر

أثار استهداف الجيش السوداني لمقر رئيس البعثة الدبلوماسية الإماراتية غضبا خليجيا، لما حمله ذلك من تجاوز لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تشدد على حرمة المباني الدبلوماسية.

الخرطوم – عكس استهداف مقر رئيس البعثة الدبلوماسية الإماراتية في العاصمة الخرطوم غياب الخطوط الحمراء والضوابط في الحرب التي يخوضها الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع منذ أبريل من العام 2023.

وتشير المعطيات إلى تورط الجيش السوداني أو كتائب في صفوفه تنتمي للحركة الإسلامية في الهجوم الذي جاء في أعقاب تصعيد كلامي من كلا الجانبين ضد دولة الإمارات.

وندّدت الإمارات الاثنين بشدة بـ”الاعتداء الغاشم” الذي استهدف مقر رئيس بعثتها في السودان وألحق به أضرارا كبيرة. واتهمت وزارة الخارجية الإماراتية الجيش السوداني بالوقوف خلف الهجوم عبر طائرة تابعة له قصفت المبنى وألحقت به أضرار جسيمة.

وطالبت الخارجية الإماراتية “الجيش (السوداني) بتحمل المسؤولية كاملة عن هذا العمل الجبان” الذي وصفته بأنه “يمثل انتهاكاً صارخاً للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية”.

وتتزامن عملية استهداف مقر رئيس البعثة الدبلوماسية الإماراتية مع حملة عسكرية بدأها الجيش السوداني والكتائب الإسلامية الموالية له في الخرطوم منذ أيام واستخدم خلالها الجيش سلاح الجو بكثافة مع أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين.

ويرى محللون أن الهجوم على المبنى ليس مفاجئا بعد عملية الشحن التي مارستها قيادات الجيش ضد الإمارات، لافتين إلى أن ما حصل أمر متوقع من قيادة أظهرت أنها لا تقيم وزنا للأعراف والمواثيق الدولية. ولفت المحللون إلى أن نهج الجيش في استعداء الدول الإقليمية والعربية، ناجم عن قصر نظر، وستقوده إلى المزيد من العزلة.

وقال عضو تنسيقية تقدم اللواء كمال إسماعيل إن العلاقات بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة تأخذ منحى تصعيديا ويرجع ذلك لاستمرار الحرب الدائرة واستمرار الشحن ضد الحكومة الإماراتية، وأن تبادل الاتهامات بشأن ما وقع نتيجة منطقية في ظل تدهور علاقة السودان بغالبية دول الإقليم.

وأضاف إسماعيل في تصريح لـ”العرب” أن الحكومة الموجودة حاليَا في السودان غير معترف بها من جانب المجتمع الدولي وكذلك من جانب السودانيين الذين يدركون بأنها جاءت على أنقاض الانقلاب على السلطة المدنية، وبالتالي فإنه يمكن القول إن العلاقات الخارجية للسودان تعاني حالة من التشتت والاضطراب، وإن إعادة ترتيب أوراق السياسية الخارجية يتطلب وقف الحرب أولاً، وإن إطالتها سيقود إلى المزيد من المشكلات بين السودان ودول الإقليم المجاورة التي قد تتأثر بالحرب أو تنتقل ارتداداتها إليها.

وفي خطوة منتظرة سارع الجيش السوداني إلى دحض الاتهامات الإماراتية الموجهة إليه بشأن تورطه المباشر في الهجوم على مبنى رئيس البعثة الدبلوماسية. وذكر الجيش في بيان أنّه “لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية ولا يتخذها قواعد عسكرية ولا ينهب محتوياتها”.

وأضاف أن “من يقوم بتلك الأفعال المشينة والجبانة ميليشيا متمردي آل دقلو الإرهابية التي تدعمها لارتكاب تلك الأفعال دول معلومة للعالم”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

ويقول نشطاء سياسيون سودانيون إن الإنكار هو نهج لطالما سلكته قيادة الجيش الحالية منذ اندلاع الصراع، على غرار نفيها المتكرر عرقلة نقل المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع، ليتضح لاحقا تورطها في الملف وهو ما كشف عنه تحقيق لبرنامج الأغذية العالمي (أكبر منظمة إنسانية في العالم تتبع للأمم المتحدة).

ويلفت النشطاء إلى أن الجيش هو الجهة الوحيدة داخل السودان التي تمتلك طائرات حربية، وتسيطر عبرها على الأجواء، وبالتالي فإن نفي تورط المؤسسة العسكرية في قصف مبنى مقر رئيس البعثة الدبلوماسية الإماراتية لا يبدو مقنعا.

وأدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية “الاعتداء السافر” الذي استهدف مقر رئيس بعثة الإمارات في الخرطوم، مطالباً حكومة السودان ببذل كافة الجهود لحماية المنشآت الدبلوماسية والعاملين فيها.

وأكد الأمين العام للمجلس جاسم محمد البديوي، في بيان، الاثنين أن “هذا الاعتداء يمثل انتهاكاً صارخاً للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية”، مشدداً في الوقت ذاته على “أهمية حماية المباني الدبلوماسية ومقرات منتسبي السفارات حسب الأعراف والمواثيق التي تحكم وتنظم العمل الدبلوماسي”.

وأعرب البديوي عن “استنكاره الشديد لهذا الاعتداء، ورفض مجلس التعاون الدائم والثابت جميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القانون الدولي”.

وأشار إلى ما جاء في البيان الوزاري لدول مجلس التعاون، الذي أكد مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه. كما حث الجيش وقوات الدعم السريع على الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة السودانية ومنها منبر جدة ودول الجوار وغيرها.

والإمارات عضو في مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان” التي تضم أيضا الولايات المتحدة والسعودية ومصر والاتحاد الأفريقي وسويسرا والأمم المتحدة.

وتم الإعلان عن هذا التكتل خلال مؤتمر عقد في جنيف في أغسطس الماضي بدعوة من الولايات المتحدة، وكان الهدف منه جمع طرفي النزاع على طاولة واحدة وهو ما رفضه الجيش الذي اتخذ قرار المقاطعة.

ويشهد السودان منذ السادس عشر من أبريل 2023 صراعا بين الجيش والدعم السريع، وسط اتهامات للحركة الإسلامية وفلول النظام السابق بالوقوف خلفه والعمل على تأجيجه بغاية قطع الطريق على تسليم السلطة للمدنيين.

ورغم نجاح الدعم السريع في السيطرة على أنحاء واسعة من السودان، إلا أن الجيش لا يزال يعتقد أنه يملك فرصة قلب موازين القوى، بالاستناد على شبكة التحالفات التي عقدها في الداخل وبدعم قوى خارجية مثل إيران وروسيا.

وفتح الجيش الأسبوع الماضي جبهة الخرطوم، حيث يأمل في استعادة السيطرة على العاصمة التي خرجت من يده منذ الأيام الأولى للصراع، لما تحمله من بعد رمزي كبير وإن كانت ليست حاسمة في الصراع.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا