آخر الأخبار

الجيش السوداني يفتح جبهة الخرطوم متجاهلا الضغوط الدولية للتفاوض

شارك الخبر

قرار الجيش السوداني فتْح جبهة الخرطوم لا يخلو من دلالات سياسية من حيث توقيته، خصوصا وأنه يتزامن مع مشاركة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تشكل للقوى الراغبة في إنهاء الصراع مناسبة لممارسة المزيد من الضغط عليه للجنوح إلى السلام.

الخرطوم- شن الجيش السوداني صباح الخميس عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت عدة مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم.

وجاء هجوم الجيش السوداني، الذي فقد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة لقائده الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال قائد الجيش السوداني إنه يؤيد الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب المدمرة في بلده ما دامت ستنهي «احتلال» قوات الدعم السريع لأراضي في السودان.

ويرى محللون أن الهدف من العملية العسكرية الجارية الإيحاء بقدرة الجيش على حسم الحرب عسكريا، في ظل ضغوط أميركية ودولية يتعرض لها للانخراط في عملية تفاوضية تنهي الصراع وتضع حدا لمعاناة المدنيين.

ويحتل ملف النزاع المتواصل في السودان منذ أبريل 2023 مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين والخشية من أعمال عنف عرقية.

ويعتقد المحللون أن الهجوم أيضا يستهدف تشتيت قوات الدعم السريع التي نجحت خلال الأيام الماضية في تحقيق اختراق في مدينة الفاشر، ذات الأهمية الإستراتيجية في الصراع الدائر.

وقال المحلل السياسي السوداني علي الدالي إن الهجوم الحالي على العاصمة الخرطوم كان متوقعا بعد أن أعلن مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا في أكثر من مرة أن هناك إعدادا كاملا لمتحركات سوف تتجه إلى الخرطوم من عدة محاور.

ولفت الدالي في تصريح لـ”العرب” إلى أن الجيش وظف تواجده في قاعدة وادي سيدنا (شمال أم درمان) وقيادة كريري بالقرب منها وجرت تغذية قواته بعناصر جاءت من الولايات الشمالية والشرق، واستفاد الجيش من إعادة السيطرة على منطقة أم درمان القديمة في قلب المدينة وسعى للانطلاق منها نحو العاصمة، لكن دون أن يحسم المعارك حتى الآن.

وذكر شهود أن قصفا عنيفا واشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى وهي الخرطوم وأم درمان وبحري.

وقال أحد السكان، ويدعى أحمد عبدالله (48 عاما)، لرويترز عبر الهاتف “الجيش يقوم بقصف مدفعي عنيف وقصف جوي على الحلفايا وشمبات، والطيران يحلق بكثافة، أصوات الانفجارات عالية جدا خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري”.

وأظهرت مقاطع فيديو دخانا أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية.

وذكرت مصادر عسكرية أن قوات الجيش عبرت جسورا في الخرطوم وبحري. بينما ذكرت قوات الدعم السريع أنها أحبطت محاولة الجيش عبور جسرين إلى الخرطوم. ولم يتسن التأكد من هذه الروايات بشكل مستقل.

واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان المدينة التوأم للخرطوم في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد قوات الدعم السريع الأكثر كفاءة على الأرض من مناطق أخرى من العاصمة.

وأوضح المحلل السياسي علي الدالي أن الجيش اختار توقيت المعركة بالتزامن مع بدء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وتوالي الضغوط عليه للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وهدف إلى إرسال إشارات مفادها أنه مازال قادرا على حسم المعركة عسكرياً، وهي رسالة إلى الولايات المتحدة التي تدفع قائد الجيش نحو التفاوض.

واستدرك الدالي بالقول إن هذه المعارك ليست كافية لأن تصل هذه الرسالة بالصورة المطلوبة لأن هناك ضغطا جماعيا على الجيش للتفاوض في ظل انتشار الجوع والأمراض القاتلة وبعد أن أضحى الوضع القائم في البلاد مهدداً للأمن والسلم الإقليميين.

وشدد على أن “الحكم النهائي على نتائج المعارك التي تدور منذ ساعة مبكرة من صباح الخميس لا يزال مبكرا، لكن الواقع يشير إلى أن الطرفين يستعدان لهذه المعارك التي تستمر لوقت طويل من دون أن يعلن طرف انتصاره على الآخر، ما يجعلنا أمام معركة مهمة، لكنها ليست حاسمة، لأن قوات الدعم السريع تنتشر في مناطق كبيرة بالسودان وتكمن أهمية الخرطوم في رمزيتها وأن الجيش لن يتمكن من إضعاف قوات الدعم السريع التي تسيطر على غالبية إقليم دارفور”.

وواصلت قوات الدعم السريع إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية في صراع تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة.

وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.

واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول قوات الدعم السريع التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش وجماعات متمردة سابقا متحالفة معه.

◄ ملف النزاع المتواصل في السودان منذ أبريل 2023 يحتل مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع

والفاشر هي آخر معاقل الجيش وبعض الحركات المسلحة في دارفور، وتكتسي السيطرة عليها أهمية بالغة بالنسبة إلى قوات الدعم السريع حيث أنها بذلك تبسط نفوذها على إقليم يشكل عمقا إستراتيجيا بالنسبة إلى السودان.

ويرتبط الإقليم بحدود مباشرة مع أربع دول هي ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، كما أن السيطرة عليه تعني من الناحية العسكرية التحكم في خط الدفاع الغربي الأول لمجمل مناطق السودان، بما فيها ولايات كردفان والشمالية ونهر النيل.

واندلع النزاع في السودان في 16 أبريل 2023، وسط اتهامات لفلول النظام السابق بالوقوف خلفه عبر حض قيادة الجيش على شن الحرب، على أمل خلط الأوراق مجددا ومنع وصول القوى المدنية إلى السلطة.

ويرى مراقبون أن فشل جهود التوصل إلى تهدئة حتى الآن في السودان يعود إلى سيطرة الحركة الإسلامية على مفاصل القرار داخل الجيش، وأن الأخيرة لن تقبل بإيقافها طالما لم تحقق الأهداف المرجوة منها وهي أن تكون جزءا رئيسيا في إعادة تشكيل المشهد السوداني.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال لقاء مع قائد الجيش الأربعاء على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن “قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان”، منددا بـ”تداعياته المدمّرة على المدنيين السودانيين ومخاطر تمدّده إقليميا”.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا