في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعلنت قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي تنفيذ ضربة جوية محدودة استهدفت ما وصفته بـ"دعم عسكري خارجي" في ميناء المكلا، جنوبي اليمن، في تطور لافت يأتي على وقع تصعيد عسكري وسياسي متسارع تشهده محافظتا حضرموت والمهرة منذ أسابيع.
وأوضح التحالف، في بيان رسمي، أنه رصد تحركات لسفينتين قدمتا من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا يومي السبت والأحد، من دون الحصول على تصاريح رسمية، مشيرا إلى أن السفينتين قامتا بتعطيل منظومات التتبع الخاصة بهما.
ونشر حساب تابع للتحالف على منصة "إكس" مقطع فيديو نقلته شاشة الجزيرة، قال إنه يوثق لحظة وصول السفينتين وإنزالهما شحنات أسلحة، اعتبر التحالف أنها موجهة لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بهدف تأجيج الصراع في المنطقة.
وأكد التحالف التزامه بما وصفه بخفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، مشددا على رفضه وصول أي دعم عسكري من أي دولة لأي مكون يمني دون التنسيق المسبق مع حكومة الشرعية والتحالف، في إشارة إلى مساعٍ لمنع توسع رقعة المواجهات أو انزلاق المنطقة إلى صراع إقليمي مفتوح.
ويأتي هذا التطور في سياق تحولات ميدانية عميقة شهدتها حضرموت والمهرة خلال الأسابيع الماضية، بعد أن تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من بسط سيطرته على معظم مناطق المحافظتين، عقب أيام من التصعيد والمواجهات مع حلف قبائل حضرموت.
وكان الصراع قد اندلع بين المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب بانفصال جنوب وشرق اليمن وإعلان دولة مستقلة تكون حضرموت جزءا أساسيا منها، وبين حلف قبائل حضرموت الذي يطالب بحكم ذاتي للمحافظة النفطية ضمن إطار اليمن الموحد.
وتعود جذور التوتر إلى عام 2023، حين بدأت أولى بوادر الاحتقان السياسي والعسكري في حضرموت، قبل أن تتصاعد وتيرته في يونيو/حزيران 2024، مع إعلان حلف قبائل حضرموت عن تشكيل قوات عسكرية تابعة له تحت مسمى "قوات حماية حضرموت"، انتشرت في مديريات وادي حضرموت، واتخذت من منطقة الهضبة مقرا رئيسيا لها.
غير أن مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2025 شهد تصعيدا غير مسبوق، تمثل في اشتباكات وتوترات متزايدة بين قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وحلف قبائل حضرموت، بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، لا سيما في منطقة هضبة حضرموت الغنية بالنفط.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقد حلف قبائل حضرموت اجتماعا استثنائيا موسعا ضم شيوخ قبائل المحافظة في منطقة العليب بهضبة حضرموت، انتهى بمنح تفويض كامل لقوات حماية حضرموت للتحرك الفوري، بهدف ردع ما وصفه الحلف بـ"القوات الغازية القادمة من خارج المحافظة"، وذلك ردا على عمليات التحشيد العسكري التي اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بتنفيذها.
وبعد يومين فقط، وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن حلف قبائل حضرموت أن قواته سيطرت على منشآت حقول نفط المسيلة، مؤكدا أن الخطوة تهدف إلى تعزيز الأمن وحماية الثروات الوطنية من أي اعتداء أو تدخل.
وفي المقابل، صعد المجلس الانتقالي الجنوبي من تحركاته السياسية والعسكرية، إذ نظم في 30 نوفمبر/تشرين الثاني ما أطلق عليها "مليونية 30 نوفمبر" في مدينة سيئون بوادي حضرموت، التي تعد أحد أبرز معاقل حلف قبائل حضرموت.
وفي اليوم ذاته، دفع المجلس الانتقالي بآلاف المسلحين من أنصاره إلى حضرموت، قادمين من محافظات عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة، إضافة إلى التشكيلات العسكرية التابعة له، وعلى رأسها قوات الحزام الأمني والدعم الأمني وقوات النخبة.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي إطلاق عملية عسكرية حملت اسم "المستقبل الواعد"، أعقبتها اشتباكات مباشرة مع قوات حلف قبائل حضرموت. وبعد أيام من المعارك، أعلن المجلس الانتقالي سيطرته على وادي حضرموت ومدينة سيئون، التي تضم مطارا دوليا يعد من أهم المطارات في اليمن.
وتواصلت التطورات المتسارعة في 7 ديسمبر/كانون الأول، حين أعلنت قوات المجلس الانتقالي سيطرتها على أجزاء واسعة من محافظة المهرة، بما في ذلك مطار الغيضة، قبل أن تعلن في التاسع من ديسمبر/كانون الأول السيطرة الكاملة على محافظة المهرة ومعظم مناطق حضرموت.
وتعكس هذه التطورات حجم التعقيد الذي تشهده الساحة اليمنية، في ظل تداخل المطالب السياسية مع الصراع على الثروة النفطية والمواقع الإستراتيجية، وعلى رأسها الموانئ والمطارات، مما يضع محافظتي حضرموت والمهرة في قلب مشهد إقليمي شديد الحساسية، وسط تحذيرات من اتساع رقعة الصراع في حال استمرار تدفق السلاح وتعدد أطراف النفوذ.
المصدر:
الجزيرة