في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واجهت سوريا الجديدة في العام الأول بعد سقوط نظام بشار الأسد مسارا بالغ التعقيد، اختلطت فيه آمال التحرر بتحديات المرحلة الانتقالية، وسط مشهد سياسي وأمني واقتصادي لم يستقر بعد رغم التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد.
ودخلت سوريا مرحلة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، أنهت عقودا من حكم عائلة الأسد، وفتحت صفحة جديدة وُصفت بأنها تحرر من إرث الخوف والقمع الذي خيّم طويلا على السوريين، غير أن هذا "الفجر الجديد" سرعان ما اصطدم بواقع تركة ثقيلة خلّفها النظام المخلوع.
وكان نظام الأسد قد انهار في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، عقب معركة " ردع العدوان"، ليغادر البلاد وتتشكل حكومة انتقالية ويُصاغ إعلان دستوري وتُجرى انتخابات برلمانية.
وفرضت التحديات التي تواجه الدولة نفسها على مسار المرحلة الجديدة، إذ جاءت وحدة البلاد في طليعتها كان أبرزها أحداث الساحل السوري عندما دبر أنصار النظام السابق انقلابا فاشلا تحول إلى اختبار حقيقي لقدرة الدولة على فرض العدالة.
وحسب لجنة تقصي الحقائق، قُتل 238 من أفراد الأمن والجيش على يد فلول النظام، في حين أعلنت الأمم المتحدة مقتل نحو 1400 شخص معظمهم من المدنيين خلال أحداث الساحل.
ولم تمضِ فترة طويلة حتى انتقلت بؤرة التوتر إلى السويداء جنوبا، إثر اندلاع أعمال عنف بين فصائل درزية محلية وعشائر بدوية، مما اضطر الدولة إلى التدخل لتتعرض قوات الجيش والأمن لقصف إسرائيلي، قبل أن تمتد الضربات إلى محيط القصر الرئاسي وهيئة الأركان في العاصمة دمشق، مما رفع مستوى التصعيد إلى حدود غير مسبوقة.
وشكّلت الانتهاكات الإسرائيلية عامل ضغط إضافيا، إذ لم يقتصر الأمر على القصف، بل شمل احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة مع سوريا منذ يوم سقوط النظام، مع تسجيل توغلات شبه يومية داخلها وخارجها.
وفي الشمال الشرقي، بدا المشهد أكثر تعقيدا مع تعثر تنفيذ الاتفاق المبرم بين الرئاسة السورية وقوات "سوريا الديمقراطية" ( قسد)، حيث ترافقت المفاوضات مع تصعيد ميداني.
كما زادت هجمات تنظيم الدولة الإسلامية -التي أسفرت عن مقتل جنود أميركيين وعناصر أمن سوريين- من هشاشة الوضع، مما دفع الولايات المتحدة إلى إطلاق عملية "عين الصقر"، بالتوازي مع تكثيف الأمن السوري عملياته لمكافحة التنظيم.
أما اقتصاديا، تواجه سوريا آثار دمار واسع وعقوبات أنهكت الاقتصاد لسنوات، إذ لا يزال ثلث مساحة البلاد مغطى بالركام، وتُقدّر كلفة إعادة الإعمار بنحو 400 مليار دولار، في وقت يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، وفق معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب.
وعلى الرغم من ذلك، فقد برزت بوادر أمل بالتعافي، مع رفع العقوبات الأميركية وفك العزلة الدولية، لكنها تبقى مرهونة بتحقيق الاستقرار والأمن في ظل التوترات التي تهدد وحدة البلد وتعيق نهضته.
المصدر:
الجزيرة