آخر الأخبار

قصة استقالة مهندس عراقي من "ميتا" بسبب غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- بعد اندلاع الحرب على غزة عام 2023 وما تلاها من موجة تضامن عالمية امتدت تداعياتها إلى كبرى شركات وادي السيليكون شهدت شركات من عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل و مايكروسوفت و آبل و أمازون و ميتا نقاشات داخلية حادة بشأن رقابة المحتوى والمواقف المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وانتهت بعض التحركات إلى إنهاء خدمات موظفين -خاصة من أصول عربية ومسلمة أو المتضامنين مع القضية- أو استقالاتهم احتجاجا، ولا سيما بين من تعاطفوا مع المدنيين الفلسطينيين أو انتقدوا عقودا يعتبرونها منحازة لإسرائيل أو مرتبطة بالقطاع الدفاعي.

وضمن السياق، برزت قصة المهندس العراقي مثنى الفارس الذي عمل في شركة ميتا لأكثر من 3 سنوات، متنقلا من مهام مختص عمليات الشرق الأوسط إلى مدير مشاريع في قسم النزاهة والامتثال، مع حصوله على ترقيات وتقييمات أداء مرتفعة.

لكنه قدّم استقالته احتجاجا على ما وصفه بـ"دور للشركة في تمكين انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي".

نقطة التحول

ويقول الفارس في حديثه للجزيرة نت إن لحظة التحول جاءت حين "شعرت أن عملي يساق إلى تطبيقات دفاعية وأن تنفيذ سياسات المحتوى خلال حرب غزة اتسم بالانحياز"، مضيفا أن تراكم مؤشرات داخلية وخارجية أقنعه بأنه "يقف على الجانب الخاطئ حتى لو كان ينجز أمورا جيدة في نطاق اشتغاله الضيق".

ويوضح الفارس أن تكليفه بمهام تحسين جودة البيانات لأنظمة الذكاء الاصطناعي وأتمتة إنفاذ السياسات داخل شركة ميتا وضعه أمام سؤال مهني وأخلاقي مباشر: هل يمكن فصل المهارة التقنية عن الاستخدامات التي قد تُلحق الأذى بالمدنيين؟

ويضيف أن السبب الرئيسي الذي جعله يرفض الاستمرار في الانتماء إلى "ميتا" يتمثل في "انزياح الشركة نحو الصناعة الدفاعية، وتقارير تحدثت عن استخدام بيانات واتساب لاستهداف فلسطينيين من قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى وجود أشخاص ذوي صلة ب الجيش الإسرائيلي في مناصب حساسة داخل الشركة".



احتضان العقول

وبدأ المهندس الفارس فصلا مهنيا جديدا بعد إعلان استقالته من "ميتا"، وشرح أسباب ذلك في منشور على صفحته لقي انتشارا وتفاعلا واسعا.

إعلان

وتلقى على إثره اتصالا من الرئيس التنفيذي لشركة سنونو القطرية حمد مبارك الهاجري أعقبه نقاش بشأن القيادة ومسؤولية التقنية في زمن الحروب، لينتهي بإعلان انضمامه إلى الشركة مدير مشاريع لقيادة مبادرات الذكاء الاصطناعي.

ويقول "دوري مع الشركة القطرية ليس وظيفة، بل رسالة وموقع أخلاقي"، ويراها "بيانا عمليا لإرساء نموذج تقني محلي السيادة يوازن بين التنافسية والاعتبارات الإنسانية، ويضع تطوير المنتجات ضمن أطر واضحة للمسؤولية".

و"سنونو" شركة قطرية تأسست عام 2019 كمنصة توصيل طعام وبقالة ثم تطورت إلى "سوبر آب" يقدم خدمات لوجستية وتسوقا فوريا داخل تطبيق واحد.

وعبر مؤسس الشركة الهاجري عن سعادته بانضمام مثنى الفارس، واعتبر قصته "مرآة لرحلة آلاف العقول العربية" التي اضطرت إلى الهجرة لغياب حاضنة تقنية عربية متقدمة.

وقال إن الفارس اختار القيم على الراتب عندما استقال من "ميتا"، معلنا أن "اللعبة تغيرت مع صعود شركات عربية قادرة على المنافسة مثل سنونو" التي وصفها بـ"العملاق التقني القادم".

ميثاق للشفافية

ويحذّر مثنى الفارس من "انزلاق معياري" يجعل أدوات الذكاء الاصطناعي تبرر الخسائر البشرية كتكلفة "مقبولة" مقابل "قيمة الهدف"، وهو ما يحول الخوارزميات إلى غطاء أخلاقي لقرارات عنيفة.

ويؤكد أن "الرقابة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين وتقديم طلبات الجهات الأمنية بأولوية رسّخا اختلالا في معايير الإنصاف داخل المنصات".

ويعتبر الفارس أن النقاش يجب أن يتوجه إلى سؤال جوهري: كيف تُبنى أخلاقيات التقنية حين يكون المستخدم النهائي جيشا أو جهازا أمنيا؟ ويدعو -بناء على ذلك- إلى ميثاق ملزم يضمن الشفافية القابلة للتدقيق، وتقييم الأثر الحقوقي قبل النشر، وآليات محاسبة وحق اعتراض مهني داخل فرق التطوير.

ويضيف "إما أن تُبنى التقنيات على صيانة الكرامة الإنسانية أو تواصل إعادة إنتاج الأذى وتكرار أنماط القيم والتمييز الخوارزمي على نطاق أوسع وبسرعة أعلى"، معتبرا أن تجربة الحرب في غزة "علامة فاصلة لا في سياسات العمل وحدها، بل في قواعد إنتاج الذكاء الاصطناعي ذاته".

سوابق بالفصل

وشهدت شركات تكنولوجيا كبرى سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات التي تحولت إلى موجات فصل واستقالات، بينها "غوغل" التي فصلت أكثر من 50 موظفا -وفق تقارير صحفية دولية ودعوى موظفين- على خلفية الاعتصام ضد عقد "نيمبوس" لتزويد جهات حكومية وأمنية إسرائيلية ببنى سحابية وأدوات معالجة بيانات وذكاء اصطناعي على نطاق واسع.

كما تم فصل عدد من موظفي شركة مايكروسوفت واستقال آخرون على خلفية احتجاجات على استخدام خدمات "أزوري" السحابية من طرف جهات أمنية إسرائيلية، بما يشمل إمكانية تخزين ومعالجة اتصالات وبيانات واسعة.

وأكدت هذه الشركات أن قراراتها استندت إلى مخالفات سلوكية داخل مواقع العمل، مثل "تعطيل واقتحام مكاتب، واستخدام مكبرات صوت" وليس إلى قمع آراء بعينها، وأشارت إلى سياسات داخلية تحظر تحويل مرافق العمل إلى منابر سياسية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا