في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بغداد- يدخل الصراع الانتخابي ذروته في العراق مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ليتجسد التنافس المحتدم على "الزعامة رقم واحد" داخل العاصمة بغداد ، التي تُعدّ مركز الثقل الرمزي والسياسي للبلاد.
ويكتسب هذا المشهد الانتخابي طابعه الحاسم في ظل غياب "التيار الصدري" عن الساحة، مما يُعيد تشكيل موازين القوى ويُعمق الخلافات القائمة على أسس الهوية بدلا من البرامج الوطنية الجامعة.
ويبدو المشهد الانتخابي، كما يرى مختصون محكوما بصراع نخبوي على السلطة والهوية في العاصمة، في ظل تراجع الخطاب الخدمي، وهو ما يُنذر بانتخابات قد تزيد من تعقيدات المشهد السياسي وتُثير مجددا مسألة الثقة بين الدولة ومواطنيها.
يؤكد الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي، الدكتور سيف السعدي، في حديث خاص للجزيرة نت، أن التنافس في العاصمة تحول إلى صراع حاد على "هوية بغداد". وتسعى القوى الشيعية والسنية لترسيخ حضورها الأقصى، مما يدفع بعض الأطراف إلى "استحضار الماضي والاتكاء على الهوية الفرعية".
ويوضح السعدي أن الحملات الدعائية الحالية تُركز بشكل مُقلق على الاستقطاب المذهبي والطائفي، متجاوزة الالتزام بالدستور، محذرا من أن هذا التوجه يخدم خطابا موجها للجمهور المتحيز والمؤدلج، ويتناقض مع توجهات الأغلبية الصامتة التي اختارت المقاطعة.
ينتقد الأكاديمي السعدي بشدة "الافتقار الواضح للبرامج الانتخابية الحقيقية"، ويوضح أن الشعارات غالبا ما تكون متناقضة مع النص الدستوري، ومثال ذلك شعار مثل "ما ننطيها" (لا نعطيها)، الذي يلمّح إلى حصر منصب رئيس الوزراء بمكون معين، ويصف هذه الممارسات بـ"الأيديولوجية الانتخابية" المخالفة لقانون الانتخابات.
يؤكد السعدي وجود تركيز على "تسقيط الخصوم" واستحضار "سرديات الموروث". والأخطر، هو "استغلال النفوذ الوظيفي" والمال العام في الدعاية من قبل مسؤولين، إضافة إلى ظاهرة "استغلال المنجزات الحكومية" للتقليل من إنجازات رئيس الوزراء الحالي ، محمد شياع السوداني ، خشية تأثيرها الانتخابي.
أوضح الباحث في الشأن الانتخابي، يوسف سلمان، في حديثه للجزيرة نت، أن "تحالف تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي هو الأكثر حضورا ببغداد ويعتمد على "الوجوه الشابة والأسماء الأكاديمية".
أما ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ، فيستعين بـ"الوجوه العشائرية والنخب المجتمعية" والشخصيات القيادية السابقة.
وفي سياق التكتلات الأخرى، يبرز تحالف العزم بزعامة مثنى السامرائي، الذي يركز على الكفاءات والخدمات، يليه تحالف قوى الدولة بزعامة عمار الحكيم.
في حين يركز تحالف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في حملته الانتخابية على المنجزات والمشاريع التي تحققت والوعد بمستقبل أفضل لاستكمال باقي مراحل تلك المنجزات.
أما المناطق المتنازع عليها، فتبرز فيها كمنافس قوي القوى الكردستانية، وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني ، وخاصة في محافظات كركوك ونينوى، ويتركز برنامجها على التذكير بمصير المكون الكردي وبالمخاطر والتحديات التي تواجه وجود المكون، مع وعود تخص الرواتب وإنهاء الأزمة الاقتصادية والتمثيل العادل وتطبيق المادة 140 من الدستور المتعلقة بتحديد مصير تلك المناطق.
من جانبه، أشار الخبير السياسي مجاشع التميمي في حديثه للجزيرة نت، بشأن الصراع الانتخابي في المحافظات المختلطة (كركوك، ديالى، نينوى)، إلى اتساع رقعة أزمة الثقة بين المكونات العربية (سنية وشيعية)، و الأكراد ، و التركمان ، والمسيحيين، مما يعكس "هشاشة التوازن الوطني وصعوبة بناء تحالفات مستقرة" في مرحلة ما بعد الانتخابات.
يرى الخبير التميمي أن غياب التيار الصدري يمنح قوى "الإطار التنسيقي" فرصة لتوسيع نفوذها البرلماني. ولكنه قد يؤدي أيضا إلى "عزوف أكبر في الشارع الصدري"، مما يضعف شرعية العملية الانتخابية ويُعزِّز فرص القوى "المستقلة والوسطية".
ويُحذِّر التميمي من أن واشنطن تتابع بقلق "تنامي النفوذ الإيراني واحتمال صعود القوى المسلحة المقربة من طهران" في ظل غياب التيار الصدري، مبينا أن هذا التطور، إلى جانب تفاقم التحديات الداخلية، قد يفتح الباب أمام فرضية تأجيل الانتخابات خشية عدم الاعتراف الدولي بنتائجها.
من جانبه، قلل الباحث يوسف سلمان من تأثير غياب التيار الصدري، وقال للجزيرة نت "لن يؤثر بشكل ملموس على نسبة المشاركة"، حيث ستكون السمة الغالبة هي "المشاركة الحزبية"، مؤكدا أن الأهمية القصوى بعد بغداد تتركز في 4 محافظات رئيسية لثقلها السكاني والمكوناتي، وهي: البصرة ، وكركوك، وديالى، ونينوى.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة